تقرير المصير بين الإفراط بالطرح والتفريط بالثوابت

> لن نقول إن الاستفتاء وتقرير المصير طريق صعب ووعر لن يوصل إلى حلول عادلة ترضي أصحاب الحق، والشواهد كثيرة الصحراء الغربية مثالًا، ولن نقول إن الجنوب ليس جزءًا من اليمن لكي يستفتي ويقرر مصيره بالبقاء مع اليمن أو ينفصل عنها. ولن نقول إن الاستفتاء وتقرير المصير لا يصلح في الجنوب في ظل التغيير الديمغرافي الذي غير تركيبة السكان، وجعلها خليطًا يصعب فصله، ولن نقول إن الأحزاب تلعب دورًا وتستقطب والخارج يتوغل والجميع لا يدعم قيام دولة جنوبية متماسكة وقوية، على كامل الأرض الجنوبية، أو جزء منها، ولكنا سنطرح لكم أشياء أخرى.

لماذا نرفض تقرير المصير؟

أولًا: الجنوبيون شعب واحد ينتمي إلى أرض معروفة المعالم والحدود، تجمعهم فيها هوية واحدة ووطن واحد، ودولة واحدة، ثاروا من أجل استعادة حقهم وحماية خصوصيتهم والحفاظ على هويتهم وتحرير وطنهم وأرضهم واستعادة دولتهم المغتصبة.

والجنوب ليس فرعًا من أصل، وشعبه ليسوا أقلية دينية أو عرقية مضطهدة ثارت لترفع عن نفسها ظلم فئة أو طائفة أخرى بغت عليها، لكنهم أصحاب وطن وهوية ودولة جذورها ضاربة في أعماق التاريخ. يحملون مشروعًا وطنيًا، وهويتهم تميزهم عن غيرهم ويختلفون بها عن سائر البشر، والدفاع عن هويتهم والحفاظ عليها هو ما جعلهم يثورون في وجه الاحتلال ويقاومونه.

ثانيًا: ماذا يترتب على قبول الاستفتاء وتقرير المصير التالي؟

1 - قبول تقرير المصير يعني إعفاء نظام صنعاء من جميع المسؤوليات التي ترتبت عن انقلابه على مشروع الشراكة، وإقصاء الشريك الجنوبي ابتداء من جرائم الاغتيالات للقيادات الجنوبية، وصولًا إلى شن الحرب واحتلال الجنوب ونهب أرضه وثرواته، وتجويع شعبه وتشريدهم خارج وطنهم، وطرد الكوادر والموظفين من أعمالهم ووظائفهم، ومصادرة بيوتهم وممتلكاتهم.

2 - قبول تقرير المصير يعني حرمان الجنوب من مطالبة نظام الاحتلال الاعتراف بانقلابه على مشروع الشراكة مع دولة الجنوب، ونقضه للاتفاقات التي وقعها معهم والإقرار بالجرائم التي ارتكبها بحق الجنوب وأهله وممارساته غير الأخلاقية بحق الجنوبيين التي تتنافى مع القيم الإنسانية وتجرمها القوانين الوضعية والشرائع السماوية، ومعها يسقط حق المطالبة بالتعويض عن ذلك، وعن ما لحق بالجنوب من أضرار جراء الاجتياح العسكري، و 29 عامًا من ممارسة الاحتلال على الجنوب بأبشع صوره.

3 - قبول تقرير المصير إقرار بإلغاء جميع الاتفاقات التي وقعها نظام صنعاء مع الجنوب، والتي تدين انقلابه عليها ويعفي نظام صنعاء من تحمل مسؤولية النتائج التي ترتبت عليها أفعاله ضد الجنوب.

4 - قبول تقرير المصير يعني حرمان الجنوب من حقه في الشراكة الندية والتنازل من المطالبة باستعادة حقه في مشروع الشراكة الفاشلة التي انقلب الشمال عليها.

5 - قبول تقرير المصير يعني الإقرار بأن الجنوب فرع عاد إلى الأصل وليس كيانًا سياسيًا بذاته ولا دولة ذات سيادة وليس له هوية وطنية أو سياسية غير الهوية اليمنية، وأرضه جزء لا يتجزأ من اليمن السياسي.

6 - قبول تقرير المصير يلغي حق الجنوبيين في المطالبة بتحرير أرضهم واستعادة دولتهم، ويجرم من يحاول أن يقوم بثورة أو يطالب بدولة جنوبية مستقلة عن اليمن السياسي في المستقبل.

في الأخير نقول لمن يتبنى اليوم تقرير المصير لقد كنتم جزءًا ممن رفض تقرير المصير في 2009 عندما طرحه العطاس وعلي ناصر في مؤتمرهم بالقاهرة ماذا حدث اليوم أيها السادة؟ هل تغيرت مصطلحات السياسة وقوانينها إلى درجة التفريط بالثوابت الوطنية وتحويل الأصل إلى فرع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى