من قتل روح الوطنية؟!

> في حرب 2015م كان الثلاثة والأربعة من أبناء عدن وغيرهم ممن هرعوا للدفاع عن العاصمة وتحريرها.. كانوا يتبادلون قطعة سلاح "كلاشنكوف" واحدة لمواجهة الغزاة كثيري العُدة والعدد، كانت هناك روح مقاومة واستبسال وعزيمة لتحرير المدينة دون الالتفات إلى ما تتضمنه الحروب، أيضا، من غنائمَ وفيدٍ وتربّحٍ ومكاسبَ؛ لهذا انتصر المقاومون وتحرر تراب الأرض.

ما خلّفته الحرب وما أفرزته لاحقًا من وجوهٍ وقيم أنانية وأخلاقيات حقيرة قتلتْ تلك الروح ودفنتها بين ركام الطمع والاتجار بالقيم والتكسب من دماء الشهداء والسعي لبناء "ممالك وعروش" شخصية على حساب القضية، فقِطع الكلاشنكوف التي كان يتمناها المقاومون باتت اليوم "لُعَبًا" يتسلى بها أبناء "السفهاء" ممن استثمروا الحرب وترسوا منازلهم وقراهم بجميع أنواع السلاح المتوسط والثقيل ليصبح ملكًا لهم يثيرون به النعرات ويختلقون الفتن حينما أرادوا..!! ومع هذا الواقع المر غدا المشروع الذي سقط لأجله آلاف الشهداء بلا ضامن ولا خطوط للدفاع عنه عندما تدور رحى الحرب ثانية باتجاه عدن والجنوب، وهي لعمري قريبة؛ فروح المقاومة قُتلتْ والمقاومون هُمّشوا وبعضهم تم تصفيتهم وآخرون إما معتقلون وإما ملاحقون.

توارتِ الروح الوطنية نحو الحرب والقتال، وتسيّد الرعاع والجهلة والمشبوهون المشهد وباتوا على رأس مؤسسات عسكرية حولوها إلى إقطاعيات خاصة، تقاسموا مناصبها بينهم بتصرفات همجية مناطقية غير مسؤولة ولا تمت للمهنية العسكرية والأمنية ولا للواجب بأي صلة، فجعلوا من الجيش والقوات التي تحت أياديهم سلطة لحماية مصالحهم وتثبيت دعائم سلطانهم، حتى أمِنوا العقاب واعتادوا على أن مواقعهم وقواتهم ملكٌ لهم وحقٌ مكتسب لا يمكن المساس به أو الاقتراب منه.

أكثر ما يخافه عامة الجنوبيين و بسطاؤهم على الجنوب اليوم هو بعض وحداته العسكرية التي تحولت إلى مليشيات قبلية مناطقية وقياداتها الذين صاروا مستثمرين وأمراء حرب يمتلكون ترسانة من الأسلحة التي غُيّبت عن القيادة الجنوبية وعن التحالف وباتت حقًا شخصيًا لهذا أو ذلك من المقنعين بوجوه الوطنية الزائفة.

أمام المجلس الانتقالي الجنوبي والقيادة العليا للقوات المسلحة الجنوبية وأمام التحالف أيضًا مسؤولية كبيرة للتعامل مع هذا الواقع المخيف قبل أن يتحول إلى كارثة تصوّب سهامها نحو الجنوب ونحو التحالف.. مسؤولية أخلاقية ووطنية تقتضي تتبع مثل هذه الخيوط، وهي وقائع مشهودة، والتعامل معها بحزم ومحاسبة المتورطين وعزلهم، والعمل على إعادة الثقة للمؤسسة العسكرية واستقرارها والرفع من كفاءة كادرها ومنهجة عملها عسكريًا و عملياتيًا وإخضاعها للقيادة العليا ومراقبتها بعيدًا عن الشللية والانفراد بالقرار والتصرفات الحمقاء التي وقعت خلال الفترات الماضية وتسببت بكوارثَ لا تزال تبعاتها وأثارها باقية حتى اللحظة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى