قراءة في معركة طوفان الأقصى

> ما حققته معركة طوفان الأقصى يعد بالحسابات السياسية والعسكرية والأمنية والاستخبارية نصرًا استراتيجيًا استثنائيًا، للمقاومة الفلسطينية بقيادة حماس.

النصر الذي تحقق على الضفة الفلسطينية، يقابله على الضفة الأخرى، فشل استراتيجي عسكري أمني استخباري إسرائيلي، لم يحصل في تاريخ هذا الكيان الصهيوني الغاصب منذ تأسس، ولم يكن يتوقعه أبدًا.

ما فعلته المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر هو الانتصار، وما أتى أو سيأتي بعده مجرد ردة فعل من المهزوم على المنتصر.

مهما كانت ردة فعل المهزوم عنيفة وإجرامية، فلن ترمم نفسيات مواطنيه الخائفة المرعوبة، ولن تعيد إليها الطمأنينة، ولن تمنحهم الشعور بالأمان، وسيظل الخوف يسكن نفوسهم، ويسكن كل زوايا تواجدهم في فلسطين الحبيبة.

مهما كانت ردة فعل المنهزم قاسية، فلن تُمحَ من ذاكرة ونفسية الإسرائيليين، الصورة السلبية عن جيشهم وأمنهم، واستخباراتهم وحكومتهم، وفشل الجميع في حمايتهم، ولن يعيد ثقة الإسرائيليين بما سبق ذكره من مؤسسات صهيونية.

مهما كانت ردة فعل المنهزم متجبرة متغطرسة، فلن تمح من ذاكرة ونفسيات مواطنيه، المشاهد المرعبة حين فاجأتهم فرق المقاومة وهي تهاجم مستوطناتهم وتنقض على جيشهم وأمنهم، فيقتلون منهم ويأسرون ويغنمون، فستظل تلك المشاهد كابوسًا مرعبًا لهم في نومهم ويقضتهم، ولن تغادر صور أبطال المقاومة مخيلتهم لحظة واحدة.

قد تتمكن إسرائيل من تدمير البنية العسكرية لحماس وفصائل المقاومة في غزة، لكنها لن تقضي على روح المقاومة لدى سكان فلسطين، ولن تضمن أن يفعل معها ما فعلته حماس جماعة أو فئة أخرى من الفلسطينيين، أو شعب أو جماعة مقاومة أخرى في بلد عربي مجاور لها، فكل محيطها يعاديها وإن طبع معها المطبعون، وسيظل الإسرائيليون يتوقعون حدوث ما حدث لهم في 7 أكتوبر في أي لحظة وفي أي مكان داخل فلسطين.

أفشلت عملية طوفان الأقصى محاولات الإعلام الغربي والعربي المعادي للمقاومة الفلسطينية في غزة، من أن يضعها في دائرة الشبهة والاتهام، ويصفها أو يسميها بالجماعة الإرهابية، وأثبتت للأعداء قبل الأصدقاء بأنها الجهة العربية الوحيدة من تمتلك مشروعًا نضاليًا تحرريًا ضد الصهاينة، وعرت أعداءها العرب أمام شعوبهم العربية، وأظهرت العديد من الحقائق التي كانت ربما غير ظاهرة للكثير من الشعوب العربية.

ما بعد طوفان الأقصى لن يكون كما قبله لإسرائيل وللحكومات العربية التي تسير في طريق التطبيع معها، إذ يمكننا القول بأن عملية طوفان الأقصى قد قضت تمامًا على مشاريع التطبيع، أوعلى الأقل أنها ستأخر من عملية إتمامها.

بعثت عملية طوفان الأقصى، روح المقاومة عند الشعوب العربية، وأزالت ما علق في ذهنية الإنسان العربي من صورة نمطية، زرعها الإعلام الصهيوني والإعلام العربي الساذج المنهزم أوالعميل، عن الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، وأثبتت عمليًا بأن هزيمة هذا الجيش يمكن تحقيقها بأقل جهد وأقل خسارة، أن ملكنا الإرادة، وخلصنا النية، وأحسنا العمل، وأظهرت مدى ضعف وهشاشة هذا الكيان المزروع في جسد أمتنا العربية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى