إسرائيل نقاط الضعف واستراتيجيات المواجهة

> عاني إسرائيل العديد من نقاط الضعف الجيوستراتيجية في البنية الهيكلية لكيانها الاستيطاني أهمها:

- مساحتها الصغير مقارنة مع محيطها العربي العملاق في مساحته، وصغر المساحة يحرمها من وجود العمق الدفاعي الاستراتيجي الذي يوفر لها عنصري الحماية والدفاع والمناورة والتكتيك أثناء الحرب، إلى جانب ما يعنيه صغر المساحة من تضاؤل فرصة وجود الموارد والثروات، خلافًا لما هو عليه محيطها العربي الواسع المساحة المتنوع الموارد والثروات.

- حجمها السكاني الصغير مقارنة بالحجم السكاني الضخم لمحيطها العربي، وصغر الحجم السكاني يعني انخفاض الموارد البشرية التي يحتاجها الكيان الصهيوني للخدمة في الجيش والقيام بالأنشطة الاقتصادية والخدمية المختلفة.

- تصطدم سياساتها السكانية التي تسعى من خلالها إلى زيادة حجمها السكاني بمعوقات غاية في الصعوبة والتعقيد، فهي إن أرادت مضاعفة حجمها السكاني تصطدم بعدم توفر المساحة الكافية التي تستوعبهم، وإن سعت إلى توسيع مساحتها فهي محتاجة إلى حروب تحتاج فيها إلى عدد كبير من السكان وقد تكون سبب في دمارها وزوالها.

- يسيطر على سكانها وقادتها مشاعر الخوف وعدم الطمأنينة، والشعور بالعزلة وعدم الاندماج في محيطها الجغرافي، فحالها حال المجذوم بين الأصحاء.

وعليه فإن إسرائيل ومن أجل التغلب على نقاط الضعف التي تعاني منها، تتبع استراتيجيات متعددة: فأثناء الحروب تتبع استراتيجية الحرب الخاطفة، ونقل المعركة إلى أرض العدو.

أما الحرب الخاطفة فلأنها لا تستطيع الصمود مدة طويلة، فهي تعتمد على استدعاء الاحتياط للمشاركة في المعركة، أي أنها تستدعي العمال في المصانع والمزارع والخدمات وحتى المؤسسات التعليمية إن اقتضى الأمر، وبالتالي فلابد أن تكون الحرب خاطفة تحقق فيها النصر سريعًا، وإلا فمؤسساتها الصناعية والخدمية والإنتاجية وحتى التعليمية مهددة بالتوقف، ولربما تتعرض إسرائيل للانهيار الاقتصادي والسياسي إذا طالت المعركة التي تخوضها مع أي جهة، والحال ينطبق على حربها الحالية مع قطاع غزة، فطول مدة الحرب ليس في صالحها أبدًا.

وأما اعتمادها استراتيجية نقل المعركة إلى أرض العدو، فلان مساحتها لا تساعدها على المناورة ولا تتحمل تبعات المعركة إذا دارت على أرضها الصغيرة المكتظة بالسكان وبالمنشآت الحيوية، لهذا دائمًا ما تسعى إسرائيل إلى نقل المعركة إلى أرض العدو، كما فعلت في حروبها السابقة حين نقلتها إلى صحراء سيناء مع مصر ومرتفعات الجولان مع سوريا، وحتى في حملتها الجارية الآن على قطاع غزة، فهو داخل ضمن استراتيجية إبعاد الخطر عن أراضيها، إما بتدمير المقاومة والسيطرة على قطاع غزة، أو بتهجير سكان غزة كاملًا إلى صحراء سيناء، لأن بقاء المقاومة في غزة قد يمكنها من نقل المعركة إلى أرض إسرائيل كما فعلت في صبيحة 7 أكتوبر، وتهجير سكان غزة إلى سيناء يعني نقل المعركة إلى سيناء مستقبلًا، إذا ما فكرت حركة المقاومة في مهاجمة إسرائيل من هناك، وكان قد عبر الرئيس المصري صراحة عن رفض بلاده لهذا الأمر في أحد خطاباته، مبينًا أن هذا سيدفع للحرب مع إسرائيل إذا ما هاجمت فصائل المقاومة إسرائيل، منطلقة من سيناء وردت عليها إسرائيل بمهاجمتها إلى سيناء.

وفي سعيها لكسر عزلتها واندماجها مع محيطها، فهي تسعى إلى جر البلدان العربية واحدة تلو الأخرى للتطبيع معها، لتحصل على القبول من محيطها العربي، ولعلها تتمكن من محو الصورة السيئة والمشاعر المعادية لها من ذهنية ووجدان وضمير الإنسان العربي.

وللتخلص من عقدة النقص والضعف اللذين تشعر بهما أمام محيطها الجغرافي العربي الكبير في القدرات والإمكانات الطبيعية والبشرية، والاقتصادية، فهي تسعى إلى امتلاك التكنولوجيا والاختراعات والابتكارات، وتسعى للارتقاء بصناعاتها ومنتجاتها الصناعية والوصول بنفسها إلى مصاف الدول الصناعية المتقدمة، إنها تسعى لتكون (يابان) الشرق الأوسط.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن سعي إسرائيل للتطبيع مع محيطها العربي، إلى جانب كونه يحقق أغراضًا سياسية لإسرائيل، فإن غرضه الأساسي نفسي معنوي، واقتصادي، فإسرائيل تريد بالتطبيع أن تمنح سكانها الشعور بالطمأنينة والأمان، ليستقروا على الأرض التي أتو إليها من أصقاع عديدة، وطالما وهي تسعى لتكون دولة صناعية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط، فمن المؤكد أنها أيضًا تنظر إلى محيطها العربي الواسع كسوق مثالية قريبة عالية القيمة لمنتجاتها الصناعية، وكمصدر للحصول على المواد الخام التي تحتاجها صناعاتها، وبالتالي فالتطبيع يفتح أمامها آفاقًا واسعة للنمو والتطور الصناعي والاقتصادي.

ولدى إسرائيل العديد من الاستراتيجيات الأخرى التي تتبناها وتعمل على تطويرها للتغلب على نقاط ضعفها، في مواجهة محيطها العربي الكبير الرافض لوجودها، ويأتي في مقدمة هذه الاستراتيجيات امتلاك قوة الردع العسكري المدمرة التي تتغلب بها على التفوق العددي الكبير في الجيوش العربية، عن طريق سعيها إلى امتلاك التكنولوجيا الحربية، وامتلاك السلاح النووي، والأسلحة النوعية المتطورة، التي بها تخيف أعدائها العرب وتحمي نفسها إذا ما تعرضت إلى خطر وجودي يهدد كيانها.

إلى جانب أنها تحصل على الحماية والدعم الكبيرين من أمريكا وأوروبا، وخير شاهد وقوفهما إلى جانب إسرائيل في حربها الهمجية الإجرامية الحالية على سكان غزة، التي يصنفونها بكل قبح وفجاجة بالحرب المشروعة التي تكفلها القوانين الدولية كحق الدفاع عن النفس.

وأخيرًا فإن إسرائيل ككيان سياسي مزروع في جسد أمتنا العربية، وإن امتلك التكنولوجيا والسلاح المدمر، وحصل على الدعم من القوى الدولية الكبرى، فلا ولن يمكنه أن يظل صامدًا أمام القوة العربية الجبارة والهائلة التي قد تبدو معطلة بسبب ظروف ومعوقات مؤقتة لن تدوم، وإن هذا الكيان الذي يتكون من لفيف بشري ينتمي إلى أجناس وقوميات وعرقيات مختلفة، لا يمكنه وبحسب قوانين الجغرافية والعلوم السياسية أن يشكل كيانًا سياسيًا كبيرًا كما يحلم، فالأرض التي يقيم عليها لا تقبل به، ناهيك عن كونها مساحة متناهية في الصغر لا تساعد مقوماتها على تكوين كيان سياسي كبير، حتى مع وجود شعب يملك تلك الأرض، فما بالك وإن كان سكانه عبارة عن لفيف جمعتهم الصهيونية العالمية ووضعتهم في تلك الأرض العربية الصغيرة التي اسمها فلسطين، وإن وجود هذا الكيان ما هو إلا قدر من أقدار الله تعالى، ووعد سطره في كتابه المبين القران الكريم، بأن يأتي بهؤلاء القوم إلى أرض ميعادهم ومحشرهم، ليمضي عليهم ما كتبه لهم من تمكين ثم قتل وتنكيل وذل ونهاية يستحقونها، وإن بداية النهاية قد بدأت على يد ثلة من المرابطين في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس من شباب فلسطين المجاهدين، وسيلتحق بهم عما قريب بإذن الله عامة شباب المسلمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى