ما المانع أن يستعيد الجنوب دولته؟

> 1 - توحد الجنوب طوعًا وسلميًا مع الشمال في تسعينيات القرن الماضي، ولم تصمد الوحدة حتى أشهر حتى ظهر خلاف جوهري بين النظامين، وكان بالإمكان حل المشاكل والخلافات بطرق سلمية وحوارية، وتغليب المصلحة العليا على المصالح الضيقة، ومثل ما تمت الوحدة عبر تفاهمات مباشرة بين الجنوب والشمال، كان يفترض أن تستمر التفاهمات بينهما وحل المشاكل واحدة تلو الأخرى. لكن مع الأسف تخلى الطرف الشمالي الذي توحد مع الجنوب عن التزاماته، وسمح لعناصر متطرفة من النخب السياسية والقبلية والدينية مع تحشيد الأفغان العرب، لتفسد المشروع النهضوي الجديد بادعاءات وتهم وجهت للجنوب إلى حد تكفير الجنوبيين، وإصدار فتوى لقتلهم ومصادرة ممتلكاتهم، وأخيرًا احتلال الجنوب.

2 - كل نخب الشمال لم تحافظ على الجمهورية وجزء منهم سلم الدولة لعناصر مليشيا أنصار الله، والجزء الآخر ترك الساحة ونزح إلى الخارج. وبقية النخب الأخرى سارت على طريق من تزوج أمنا فهو عمنا فمنهم من فضل البقاء في صنعاء مع النظام الجديد، والبعض الآخر ذهب ليتكسب رزقه من الشرعية التي أنشئت على عجل في الخارج.

3 - الجنوب تصدر المقاومة المسلحة فور تجاوز قوات الشمال الحدود بين الدولتين دون الاستئذان من أحد، دفاعًا عن الأرض والعرض والدين، وتم دحر الغزو الشمالي الذي هو خليط من أنصار الله والجيش اليمني التابع لعفاش وتحرر الجنوب.

4 - استضاف الجنوب الشرعية وتحت ضمانة التحالف لكي تقوم باستعادة العاصمة صنعاء، ولكنها فشلت وتحول هدفها إلى محاصرة الجنوب، وإذلال شعبه وتحمل الجنوب سنوات عجاف خلال تسع سنوات، ولم تستفد الشرعية من الفرصة التي وفر لها كملاذ آمن، والبيئة المناسبة لمقاومة انقلابيي صنعاء، و الشرعية تريد أن تساوم على أرض الجنوب مع انقلابي صنعاء، وتسرق انتصار الجنوب.

5 - اليوم الجنوب يعيش في أحلك الظروف، والسبب حكام الشرعية التي فرضت حصارًا محكمًا عليه كعقاب، لكي يعلن استسلامه لكل المشاريع التي تطبخ على نار هادئة، لتعيده إلى باب اليمن.

6 - لا أحد يدري هل كان الانقلاب في صنعاء على الشرعية مجرد ذريعة، لإعادة احتلال الجنوب، كون التطورات التي مرت خلال التسع السنوات الماضية شاهدة على هذه الفرضية، وكون الشرعية كانت متماهية مع الانقلاب، وتعمل بكل إمكانياتها لمساعدته على البقاء، وبمشاركة من الإقليم والعالم، حصل الحوثي على انتصار سهل وتسهيلات كثيرة، وبالمقابل تعمل بكل إمكانياتها لكي تضعف الجنوب، وتزيد أوضاعه أكثر بؤسًا وتعقيدًا وفي كل مناحي الحياة.

7 - من عجائب الزمن أن نسمع أن إيران تطرح على المبعوث الدولي أهمية وحدة اليمن ومعارضتها، لقيام دولة جنوبية، لعلمها بأنها المستفيد الأول من هذه الوحدة، وهذا يتطابق -مع الأسف الشديد- ومواقف عدد من دول الإقليم وكأنهم والشرعية يسيرون مع إيران في فلك واحد.

8- وجود دولة جنوبية أصبح حاجة ملحة ليس للجنوب وحسب، ولكن للتوازن الجيوسياسي في المنطقة خاصة، بعد أن أصبح لإيران اليد الطولى في صنعاء، وكذا اعتراف الإقليم والعالم بالأمر الواقع بهذا الانقلاب.

9 - قيام دولة جنوبية لا يعني بناء سور الصين العظيم بين الجنوب والشمال، ولكن ستتم إعادة صياغة العلاقة على أسس جديدة تضمن انسياب المصالح بطريقه قانونية ونظامية صحيحة، تحفظ لكلا الدولتين حقوقهما الوطنية، وتتفرغ كل دولة لشأنها الداخلي.

10 - فك ارتباط سلس وآمن يعتبر أقصر الطرق لإبقاء الود والإخاء بين الدولتين الجنوبية والشمالية، وهذا ليس نهاية التاريخ وإنما يمثل استعادة الوعي والحق معًا بعد معاناة عاشها الشعبان في الجنوب والشمال من حروب ودمار وخراب خلال زمن الوحدة الفاشلة.

11 - خطوة إلى الخلف تعني بناء جسور الثقة واستعادة ما دمرته ثقافة الوحدة، فيما يتعلق بأواصر الإخاء والود بين الشعبين، والانطلاق نحو المستقبل، فنحن نعيش في منطقة واحدة، ولا أحد يستطيع أن يزيح أحدًا أو يشطبه من التاريخ والجغرافيا، فأمامنا مهام ملحة والزمن يمر بسرعة، فلا ندعه يمر دون أن نستعيد الوعي والحق بالوجود لكلا الشعبين، والاعتراف بالحق فضيلة، إنه الخيار الأفضل من بين الخيارات المفروضة على الجنوب والشمال فهل من متعظ ؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى