> مريم السبلاني:

​منذ إعلان الحوثيين انخراطهم رسميًا في الحرب إلى جانب المقاومة الفلسطينية في غزة، يتعرض كيان الاحتلال بشكل شبه يومي لضربات، كان يحاول المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون، حتى الأمس القريب، إخفاء الدمار الناجم عنها إلى أن كشفت عنها وسائل الإعلام العبرية والغربية، كانت هذه الضربات لتكن معتادة، حتى لو خلّفت حجما أكبر من الأضرار لو أنها كانت فلسطينية أو لبنانية الهوية، لكن وصول المسيّرات والصواريخ اليمنية إلى الداخل المحتل، هو العقدة الأخطر، لما يرتبط بها بإمكانية تأثير ذلك على عدد من النقاط الجيواستراتيجية الأخرى، كـ "باب المندب" والبحر الأحمر.

وتكمن أهمية الضربات من صنعاء بمستويات عدة، يمكن تلخيصها في أن هذه المعركة الأولى التي تختبر فيها قوات حركة أنصار الله الحوثيين أسلحتها باستخدام مداها الأقصى، وبتحدٍ يكمن بتجاوز عدد كبير من الدفاعات الجوية الأميركية التي تمتلكها كل من السعودية ومصر والأردن والذين شاركوا بالفعل بإسقاط بعض منها، وبالتالي فهي تشكل فرصة مناسبة لاكتشاف فعالية هذه الأسلحة بما يتعلق بمكامن الضعف ونقاط القوة، استعدادا للمعركة الكبرى.

انخراط صنعاء إلى جانب المقاومة الفلسطينية بمواجهة "إسرائيل" قد يجعل من اتفاقيات التطبيع تأخذ إطارًا مختلفًا، إذ أن دولًا في منطقة الخليج العربي طالبت بزيادة وتيرة الحماية الأميركية مقابل التطبيع ومع هجمات الحوثيين تجاه إسرائيل بات شاهدا على أن الإدارة الأميركية لم تعد قادرة على تلبية سقف الطموحات المتوقعة.

من ناحية أخرى، فإن الضربات التي تصل إلى إيلات، كونها النقطة الأقرب إلى الحدود، تفي بالغرض بالنسبة لإدارة المعركة المتفق عليها بين حركات المقاومة، وهو إيصال رسالة للمستوطنين بالدرجة الأولى، أن لا آمن لهم في أي مكان على الخارطة الفلسطينية، بعد أن اعتقدوا أن لجؤهم إلى إيلات هربا من مستوطنات غلاف غزة قد يقيهم الضربات. وهو ما سيفتح الباب لاحقا إلى موجات هجرة بأعداد كبيرة، بدأت تسجل أرقامها فعليًا، مع حديث الإعلام العبري عن هجرة حوالي 250 ألف مستوطن منهم كبار رجال الأعمال منذ بدء الحرب على غزة.

إن التواجد العسكري الأميركي في المنطقة، واليمن تحديدًا بات يشكل قلقًا يلقى صدى واسعًا في أزقة البيت الأبيض، تتزايد وتيرته مع ارتفاع عدد هجمات المقاومة.

ويشرف على العمليات الأمريكية في اليمن، قيادة العمليات الخاصة المركزية الأمامية - أو SOCCENT FWD- وعادة ما يتم اختصارها باسم SFY - وهو عنصر أمامي في قيادة العمليات الخاصة التي تتخذ من تامبا مقراً لها.

ويقول نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي لفن الحكم المسؤول، تريتا بارسي، وهو مركز أبحاث في واشنطن، في هذا الصدد: "إن أفضل استراتيجية لتجنب الانجرار إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط هي عدم وجود قوات دون داعٍ في المنطقة في المقام الأول وإعادة أولئك الموجودين هناك الآن إلى ديارهم"، ويضيف "يعتقد بايدن أن القوات الأمريكية الحالية والجديدة في المنطقة تعمل كرادع ضد الهجمات، لكن بدلا من ردع هذه الجهات الفاعلة، أصبحت تشكل القوات الموجودة على الأرض أهدافا حقيقية".
موقع "الخنادق"