​استهداف صنعاء لإسرائيل.. بحث عن ترسيخ شرعية مفقودة

> صنعاء «الأيام» ميدل إيست أونلاين:

>
يسعى الحوثيون إلى كسب نفوذ في اليمن والمنطقة من خلال إطلاقهم صواريخ ومسيّرات على إسرائيل تضامنًا مع الفلسطينيين في غزّة، على الرغم من أن هجماتهم لا تشكّل تهديدًا جديًا للدولة العبرية.

وفي أوّل انخراط لهم في حرب تدور رحاها خارج حدود اليمن يحاول المتمرّدون فتح جبهة إسرائيل الجنوبية في عمليات يصعب تحقيق أهدافها لكنّها قد تشكل مصدر قلق إضافي للدولة العبرية وحلفائها، في وقت تنشغل الدفاعات الإسرائيلية شمالًا بهجمات حزب الله وفصائل فلسطينية من لبنان، تزامنًا مع تركيز الجيش جهوده على غزة.

وقال كبير محللي الشرق الأوسط لدى مجموعة "نافانتي" الاستشارية الأميركية محمد الباشا إن "الحوثيين يسعون إلى تحقيق أهداف استراتيجية بمشاركتهم في صراع إقليمي بما في ذلك ضمان النفوذ السياسي في اليمن والمنطقة".

واندلع النزاع في اليمن عام 2014 وسيطر الحوثيون المدعومون من إيران على مناطق عدة بينها العاصمة صنعاء. وفي العام التالي تدخّلت السعودية على رأس تحالف عسكري دعمًا للحكومة المعترف بها دوليًا، ما فاقم النزاع الذي خلّف مئات آلاف القتلى.
ومنذ هجوم حماس والقصف الإسرائيلي المتواصل لغزة أعلن المتمردون إطلاق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل مؤكدين في الإجمال أنها أصابت أهدافها، لكنّ تل أبيب أكدت في أغلب الأحيان أنها اعترضت هذه المقذوفات.
وأوضح الباشا أن المتمردين يسعون "للحصول على اعتراف وشرعية كلاعبٍ مهم في الصراعات الإقليمية" إضافة إلى "تجديد وحشد قاعدتهم" الشعبية.

في مدينة الحديدة الساحلية التي يسيطر عليها المتمردون، قال اليمني محمد وهو محاسب (38 عامًا) فضل إعطاء اسمه الأول فقط، إن الحوثيين يريدون "تحقيق مكسب شعبي عربي وإقليمي" بالإضافة إلى "المكسب الاستراتيجي".

ورأى الباحث ماجد المذحجي، وهو أحد مؤسسي "مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية" خلال ندوة عبر الإنترنت مطلع الشهر، أن "أول انخراط فعلي لجماعة الحوثي في التزامات خاصة بمحور المقاومة" الذي تقوده إيران في المنطقة "سيغيّر صيغة حضور الجماعة في التفاعلات الإقليمية".

وأحد أهداف الحوثيين أيضًا، بحسب الباشا، "تعزيز موقفهم التفاوضي" مع السعودية التي يجرون معها منذ أشهر محادثات لتسوية النزاع في اليمن.

ووصف قرارهم باستهداف إسرائيل توازيًا مع مفاوضاتهم مع السعوديين بأنه "استراتيجية محسوبة" ترمي إلى "الضغط على الأميركيين والبريطانيين" من خلال تهديد مصالحهم في المنطقة "للاستفادة من نفوذهم وتسريع التوصل إلى اتفاق مع السعوديين".
والأربعاء، أعلن الحوثيّون إسقاط مسيّرة أميركية قبالة سواحل اليمن قالوا إنها كانت تنشط في إطار الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل.

وسقط حطام مسيّرات اعترضتها إسرائيل أواخر الشهر الماضي على مدينة طابا المصرية ما تسبب بجرح ستة أشخاص. وتحدثت تقارير عن سقوط حطام في الأردن والسعودية، من دون تأكيدات رسمية.

ورأى الخبير العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية فابيان هينز أن هجمات الحوثيين لا تشكل "تهديدًا كبيرًا" لإسرائيل، على الرغم من أن المتمردين قد يحققون "ضربة حظّ".

وأكد أن بلوغ أراضي إسرائيل يتطلب "أنظمة بعيدة المدى وهي باهظة الثمن ومعقدّة ولا يتوفر لدى الحوثيين الكثير منها" موضحًا أنهم يملكون مسيّرات وصواريخ كروز وبالستية إيرانية يبلغ مداها بين 1600 و1900 كلم.

وعلى الرغم من ذلك، اعتبر أن ما يطلقه الحوثيون يفرض "ضغطًا إضافيًا" على الدفاعات الإسرائيلية في ظل الحاجة إليها في الشمال حيث يسجّل تبادل يومي للقصف مع حزب الله اللبناني.
ونشر الجيش الإسرائيلي سفنًا حربية في البحر الأحمر ويستخدم دفاعاته في الجنوب لاعتراض مقذوفات الحوثيين.

ولطالما اتّهمت الرياض وواشنطن طهران بتزويد الحوثيين بالأسلحة وهو ما تنفيه الجمهورية الإسلامية، مؤكدة أن دعمها لهم سياسي.
"التهديد هو ليس فقط للأمن المباشر لإسرائيل إنما لمجموعة المصالح الدولية التي شكّل دعمها للدولة العبرية مسار غضب محور المقاومة".

وسعيًا لنيل اعتراف إقليمي بحضورهم العسكري، قد يلجأ الحوثيون إلى اعتماد أساليب مختلفة، فيما حذّر نائب رئيس الهيئة الإعلامية للمتمردين نصرالدين عامر من أن في حوزتهم "خيارات أوسع وأكبر وأعمق وفي اتجاهات متعددة".
وعدّد الباشا بعضها مثل القدرة على "نشر ألغام بحرية والاستيلاء على سفن واستخدام صواريخ مضادة للسفن وتعطيل صادرات النفط" عبر البحر الأحمر الذي تمرّ عبره أكثر من 10 في المئة من التجارة العالمية سنويًا ويقع بين ممرين مائيين محوريين هما مضيق باب المندب جنوبًا وقناة السويس شمالًا.

وأوضح الباشا أنه من المحتمل أيضًا "استهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر أو السفن في طريقها إلى ميناء إيلات" بجنوب إسرائيل، بينما يرى هينز أنّ الحوثيين قد يصبحون "أكثر فعاليةً"، مشيرًا إلى أنهم يملكون الكثير من الصواريخ المضادة للسفن.
واعتبر المذحجي أن "التهديد هو ليس فقط للأمن المباشر لإسرائيل إنما لمجموعة المصالح الدولية التي شكّل دعمها لإسرائيل مسار غضب محور المقاومة".

وحذّرت واشنطن إيران وحلفاءها من توسيع رقعة النزاع ونشرت في المنطقة غواصة وحاملتَي طائرات لـ"ردع" دخول أطراف أخرى على خط الحرب.
واعتبر هينر أن اليمن يُعدّ "منصّة إطلاق مثالية" لهجمات "محور المقاومة"، اذ ثمة "خطرًا ضئيلًا جدًا" في أن تردّ إسرائيل أو حلفاؤها على الحوثيين مباشرة، مقارنة بلبنان "حيث خطر حدوث تصعيد كبير موجود دائمًا".

وشرح الباشا أن التهديد الحوثي للمصالح الغربية في البحر الأحمر يضغط على أصحاب هذه المصالح لأن يأخذوا في الاعتبار "أهداف الحوثيين كعنصر أساسي لحفظ الاستقرار الإقليمي".

وتضم ترسانة الحوثيين صواريخ بالستية من طراز "طوفان" وهي في الأساس صواريخ "قدر" الإيرانية لكن أعيد تسميتها، ويتراوح مداها بين 1600 و1900 كلم، بحسب الخبير العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية فابيان هينز.

وقال هينز إن هذه الصواريخ "غير دقيقة إلى حدّ كبير، على الأقلّ في النسخ التي استعرضوها، لكن يُفترض أن تكون قادرة على بلوغ إسرائيل". وأجرت إيران عام 2016 تجارب على صواريخ "قدر" التي ضربت أهدافًا تبعد نحو 1400 كلم.

وأفاد الباشا بأن الحوثيين كشفوا عن ترسانتهم من صواريخ "طوفان" قبل أسابيع من شنّ حركة حماس هجومها على إسرائيل في السابع. وكان المتمردون قد استولوا على أسلحة الجيش اليمني عندما سيطروا على صنعاء ومناطق محيطة بها.
ويقول مسؤولون عسكريون في صفوفهم إنهم استطاعوا تصنيع صواريخ ومدرعات ومسيّرات ولطالما اتّهمت الرياض وواشنطن طهران بتزويدهم بالأسلحة، وهو ما تنفيه الجمهورية الإسلامية.

ويملك المتمرّدون أيضًا صواريخ "كروز" إيرانية من طراز "قدس" ويبلغ مدى بعضها نحو 1650 كلم، "ما يكفي للوصول إلى إسرائيل"، وفق هينز.
ويقول الحوثيون إنهم يصنّعون طائراتهم المسيّرة محليا، وكشفوا عنها في عرض عسكري أقيم في صنعاء في مارس 2021.

وتتضمن ترسانتهم من الطائرات دون طيار ميسّرات "شاهد - 136" الإيرانية التي تستخدمها روسيا في حربها على أوكرانيا ويبلغ مداها حوالى ألفَي كلم ولدى الحوثيين أيضًا مسيّرات من طراز "صماد 3" التي يمكنها حمل 18 كلغ من المتفجرات، وفقا لمصادر إعلامية حوثية وخبراء.

ويقول هينز "لا نعرف مداها بشكل دقيق لكن يُفترض أن يبلغ نحو 1600 كلم"، وسبق أن استخدموها في هجماتهم على الإمارات والسعودية.
وجاء في تقرير "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" في 2020 أنّ الطائرات دون طيار هذه "تستخدم إرشادات نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي أس) وتطير بشكل مستقل على طول نقاط الطريق المبرمجة مسبقا" نحو أهدافها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى