في لحظة مفصلية، اختار الجنوب أن يصمت، بينما تُفتَح الطرق من خلف الضباب. فتح طريق الضالع – دمت، بملامح غير واضحة، أعاد للواجهة تساؤلات للرأي العام،

وفتحت هذه الخطوة الباب أمام تساؤلات مشروعة حول طبيعة القرار، ومدى توافقه مع الرؤية العامة للقضية الجنوبية، وهل تمت بموجب تفاهمات إنسانية مؤقتة أم ضمن ترتيبات أوسع لا تزال غير معلنة؟"

الطريق، الذي ما زال شبه مدمر، بات عنوانًا لتناقضات المشهد الجنوبي. ما بين العمل الإنساني والتوظيف السياسي، يغيب التفسير الرسمي وتغيب الشفافية، وتبقى الحقيقة ضائعة في ضباب المعارك وتضارب المصالح.

وفي مشهد لا يقلّ غموضاً، هبطت طائرة العليمي في بغداد، ليتفاجأ الجميع بمنع مرافقيه من المشاركة في مراسم الاستقبال، في حادثة محرجة تمسّ صورة الشرعية والدولة اليمنية. لكن ما كان أشدّ وقعًا هو تجاهل الحادثة إعلاميًا، وكأن شيئًا لم يكن.

في عدن، ترتفع أصوات الجياع والموظفين الذين لم يتسلموا رواتبهم منذ شهور. التظاهرات تشتعل، والاحتقان الشعبي بلغ مداه، لكن قيادات المجلس الانتقالي تلتزم صمتًا مريبًا، بينما الأزمة تتضخم، والناس يتساءلون: إلى أين نحن ماضون؟

ومع كل ذلك، لا أحد يلتفت. لا الخليج، ولا المجتمع الدولي، كأن الجنوب لا يعنيهم إلا حين تلوح المصالح في الأفق. لكن هل يمكن للجنوب أن يبقى مجرد رقم في حسابات الآخرين؟.

إن على القوى الجنوبية أن تعي أن الشرعية لا تُمنح، بل تُبنى. وأن الاحترام الدولي لا يُشترى، بل يُكتسب بالأداء، والمحاسبة، والعدالة الاجتماعية. لا يكفي أن نرفع شعارات الاستقلال، ونحن نُدار بعقليات ما قبل الدولة.

لقد حان وقت التغيير الحقيقي. لا في الشعارات، بل في السلوك. لا في الخطاب، بل في الفعل. فالجنوب يستحق أكثر من مجرد طريق يُفتح، أو وفد يُهان، أو صمت يُباع.