"المواصي"... إسرائيل تدفع النازحين إلى منطقة لا تصلح للإيواء

> عز الدين أبو عيشة

>
يعيش النازحون داخل خيام لا بنية تحتية في محيطها وغير آمنة ويحصلون على قليل من المساعدات

> في بياناته العسكرية يدعو الجيش الإسرائيلي سكان مدينة غزة وشمالها إلى الذهاب جنوبًا ويحدد في المعتاد منطقة المواصي ويسميها "المنطقة الإنسانية". التي توجه المساعدات الدولية إليها.

وبحسب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، فإنهم يوصون سكان غزة بالتنقل إلى المناطق المفتوحة غرب خان يونس في منطقة المواصي لسلامة المدنيين من الغارات الموجهة ضد البنية التحتية لحركة "حماس".

فما هي منطقة المواصي، وبماذا تتميز، ولماذا يدعوها الجيش الإسرائيلي "منطقة إنسانية"، وكيف يعيش فيها النازحون، وما موقف مؤسسات الأمم المتحدة، ومن يقدم خدمات إلى المشردين في تلك البقعة؟

الموقع الجغرافي

تبعد منطقة المواصي من مدينة غزة نحو 28 كيلومترًا وتقع على الشريط الساحلي، يحدها من الغرب البحر الأبيض المتوسط ومن الجهات الثلاث المتبقية هي محاطة بمدن جنوب القطاع.

في فترة العهد العثماني، اقتطعت السلطات حينها الأراضي الغربية من مدينة دير البلح مرورًا بخان يونس وصولًا إلى محافظة رفح وانتهاءً عند الحدود مع مصر، وأطلقت عليها اسم المواصي.

يعيش النازحون في منطقة المواصي في خيام تابعة للأمم المتحدة
يعيش النازحون في منطقة المواصي في خيام تابعة للأمم المتحدة

ولا تزال المواصي تأخذ الحدود الغربية نفسها من محافظات دير البلح وخان يونس ورفح وجميعها في جنوب غزة منذ ذلك الزمن، ويصل طول المواصي إلى نحو 14 كيلومترًا وعرضها كيلومتر واحد.

وبحسب جهاز الإحصاء الفلسطيني (مؤسسة حكومية) فإن عدد سكان منطقة المواصي لا يزيد على 9 آلاف نسمة، ألف يعيشون في غرب دير البلح و6 آلاف في خان يونس، إضافة إلى ألفي شخص في مدينة رفح.

تاريخ المواصي

في فترة العهدين العثماني والبريطاني، كانت أراضي منطقة المواصي مخصصة لعائلات يسكنون فيها ويزرعون وغير مسجلة بأسمائهم، وبقيت كذلك حتى احتلت إسرائيل قطاع غزة عام 1967.

أما في فترة السيطرة الإسرائيلية، شيدت لها السلطات حينها مستوطنات وسكنها 5 آلاف من اليهود وجرى إخلاؤها وفق خطة الانسحاب أحادية الجانب التي أعدها ونفذها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون عام 2005.

وعندما تولت السلطة الفلسطينية عام 1994 زمام الأمور، عادت لمنطقة المواصي العائلات التي كانت تسكنها وواصلت عملها في الزراعة، لكن عندما وصلت "حماس" إلى سدة الحكم في 2007 تغير الوضع قليلاً، إذ أبقت الأراضي الزراعية للسكان وحولت المناطق الفارغة إلى مشاع حكومي وزعت جزءًا منه على موظفيها.

كثبان رملية ومنخفضات

منذ زمن بقعة المواصي ريفية، وأرضها على شكل كثبان رملية وبينها منخفضات صالحة للزراعة، واستغل الناس المناطق المنخفضة الصالحة للزراعة وتركوا سوافي الرمل الأبيض الصحراوي.

ولا يزيد عدد الوحدات السكنية في منطقة المواصي على 100 منزل ولا توجد فيها بنية تحتية، إذ لم تصل إليها خطوط الكهرباء ولا الصرف الصحي ولا شبكات الاتصالات والإنترنت ولا توجد فيها شوارع مرصوفة.

حتى عام 2010، كانت تعد سلة غذاء قطاع غزة بسبب الأراضي الزراعية الموجودة فيها، وعرفت قديمًا بمياهها العذبة، لكنها اليوم تحولت بسبب كثير من العوامل إلى منطقة صحراوية وأصبحت مياهها الجوفية شديدة الملوحة. وفيها محطة تنقية مياه الصرف الصحي، ويضخ فيها وفي البحر الذي تطل عليه الفضلات والمجاري، فتحولت إلى مكرهة صحية كبيرة.

النزوح للمواصي

بعدما بدأت الحرب بين "حماس" وإسرائيل، كثف الجيش من ضرباته العسكرية في مدينة غزة، ونتيجة لذلك سقط آلاف القتلى المدنيين، ما أثار انتقادات دولية كبيرة ودفع تل أبيب لدعوة السكان إلى التوجه نحو المواصي.

نزح مئات الآلاف من سكان غزة وشمالها نحو المواصي، وهي غير مؤهلة لاستقبال أعداد المشردين، سواء من ناحية المباني السكنية أو توافر الخدمات أو البنية التحتية، ولم تكن المنطقة الرملية والزراعية صالحة لأن تكون مركزًا للإيواء.

جلس النازحون في البداية على الرمال البيضاء الرخوة ولم يجدوا منازل في المواصي تكفي لهم وعاشوا في بيئة لا تتوافر فيها مقومات الحياة الآدمية، وحشروا في مناطق ضيقة بأعداد كبيرة.

من طرف واحد

ومن دون تنسيق مع الأمم المتحدة حددت إسرائيل المواصي بأنها منطقة إنسانية، وهذا الإعلان الذي جاء من طرف واحد فقط دفع رؤساء وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى إلى عدم المشاركة في "المنطقة الآمنة".

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، "من دون اتفاق واسع النطاق وشروط أمنية لن تشارك الأمم المتحدة في إنشاء منطقة آمنة في منطقة المواصي التي لا تتوافر فيها الظروف الأساسية للأمن والحاجات الأساسية الأخرى، ولا آلية للإشراف على تنفيذها".

وأكد المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عدنان أبو حسنة أن محاولة استيعاب العدد الكبير من النازحين في منطقة المواصي وفي ظل بنية تحتية ضعيفة أمر ليس للأمم المتحدة قدرة على التعامل معه، أو بناء مراكز إيواء فيها.

لكن لاحقًا، وافقت الأمم المتحدة على بناء معسكر خيام للنازحين في منطقة المواصي، وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية لين هاستينجز "نعتزم تأمين المساعدة للذين يحتاجون إليها في مكان وجودهم".

غير آمنة

ما إن شرعت الأمم المتحدة في الإشراف على منطقة المواصي، أطلق عليها الجيش الإسرائيلي "منطقة إنسانية"، لكنه لم يسمِّها في أي مرة بـ"المنطقة الآمنة"، وهذا يعطي تل أبيب الحق في شن غارات قريبة أو في تلك البقعة.

وتقول هاستينجز، "ليس هناك مكان آمن في غزة، والإنذارات المسبقة التي وجهها الجيش الإسرائيلي للسكان من أجل إخلاء المناطق التي يعتزم استهدافها في شمال القطاع لا تحدث أي فرق، في بعض الحالات يشجع الإبلاغ الناس على التوجه إلى منطقة إنسانية في المواصي".

ويسميها الجيش الإسرائيلي "المنطقة الإنسانية" لأن المساعدات الدولية التي سمحت تل أبيب بدخولها إلى غزة توجه لمنطقة المواصي وتوزع هناك، ويؤكد ذلك المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي.

في المواصي يعيش النازحون في الخيام ومن دون حمامات ولا شبكات صرف صحي، لكنهم يحصلون على قليل من الأغذية التي تصل إلى الأمم المتحدة كمساعدات إنسانية دولية.

إندبندنت عربية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى