مطالب الانفصال نتيجة وليست سببًا

> ​وسط حالة عدم الاستقرار المستمرة منذ أمد طويل، والفساد وتدهور الخدمات والفوضى الأمنية في عدن والمناطق الجنوبية الأخرى، هناك جدل متزايد حول الأسباب الحقيقية لهذه القضايا. وخلافًا للاعتقاد الشائع، فإن الوحدة والارتباط الذي لا يزال قائمًا بصورة أو بأخرى بين  الجنوب والشمال هو الذي أدى إلى إدامة هذه المشاكل وتعقيدها وتفاقمها، وليس مطالب الجنوبيين بالانفصال واستعادة الدولة.

ومن الواضح أن مطالب الجنوبيين بالانفصال والاستقلال، التي اكتسبت زخمًا، مع مرور السنوات هي رد فعل على الوضع المزري الذي يعيشه شعب الجنوب، منذ أن تحققت الوحدة وما أعقب ذلك من غزوات عسكرية له. لقد أدى الفساد المستمر وتدهور الخدمات والفوضى الأمنية، إلى شعور الشعب الجنوبي بالإهمال والتهميش، ما أدى إلى المطالبة بالاستقلال وفك الارتباط. ويطرح هذا الوضع السؤال: من الذي يجب أن يتحمل المسؤولية عن الوضع الحالي؟
وعلى الرغم من كونه شريكًا في الحكومة، إلا أنه لا يمكن إلقاء اللوم على المجلس الانتقالي الجنوبي وحده في الفشل. ومن الضروري الاعتراف بالظروف والتحديات المعاكسة التي يواجهها المجلس. وباعتباره شريكًا لحكومة فاسدة ومختلة، فإن المجلس الانتقالي محدود في قدراته على الحكم الفعال، ومعالجة القضايا الملحة التي يواجهها الشعب.

إن الوحدة بين الجنوب والشمال، والتي كان المقصود منها تحقيق الاستقرار والتقدم، أثبتت أنها فاشلة وأن النتائج التي ترتبت عليها كانت عكسية. بل وتحولت إلى احتلال عسكري للجنوب. إن عجز الحكومة المركزية عن معالجة قضايا الفساد وحلحلة الأزمات، وتوفير الخدمات الأساسية للمناطق الجنوبية، لم يؤد إلا إلى تأجيج المطالبات بالانفصال. وبدلًا من العمل على إيجاد حلول ذات معنى، سمحت الحكومة للفساد بالتسرب إلى النظام، ما أعاق أي فرصة للتقدم.
إن تدهور الخدمات، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية في عدن والمناطق المحيطة بها، يسلط الضوء بشكل أكبر على العيوب المتأصلة في الوحدة بين الجنوب والشمال. لقد انهارت مدن الجنوب التي كانت مزدهرة ذات يوم في ظل حكم وحدوي احتلالي غير فعال، ما جعل الجنوبيين يشعرون بخيبة الأمل والاضطراب.

وما الفوضى الأمنية السائدة في المنطقة إلا نتيجة أخرى لفشل الوحدة. وقد أدى عجز الحكومة المركزية عن فرض القانون والنظام إلى ظهور الجماعات المسلحة والمسلحين، ما زاد من تعريض حياة المدنيين الأبرياء للخطر. إن انعدام الأمن والاستقرار هذا له تأثير مباشر على كل جانب من جوانب الحياة، ما يعيق الاستثمار والنمو الاقتصادي والرفاهية العامة للسكان.

وختامًا، لا بد من الاعتراف بأن الفساد وتدهور الخدمات والانفلات الأمني والفوضى الشاملة التي تشهدها عدن والمناطق الجنوبية، تعود بالدرجة الأولى إلى الوحدة والارتباط الذي لا يزال قائمًا بين الجنوب والشمال. وإن مطالب الانفصال والاستقلال ناتجة عن هذا الوضع المزري، وليس سببًا له، في حين أن المجلس الانتقالي الجنوبي شريك في الحكومة، فمن غير العادل الحكم عليه بالفشل عندما يعمل فقط ضمن حدود إدارة فاسدة. لقد حان الوقت لمراجعة شاملة، وإعادة تقييم اتفاق الوحدة لضمان مستقبل أكثر إشراقًا لشعب عدن وبقية المناطق الجنوبية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى