المركز القانوني للدولة اليمنية بين الشرعية والحوثيين

> الأيام» غرفة الأخبار:

> ​عقب اتفاق الهدنة الإنسانية الذي تمّ توقيعه برعاية أممية بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين في إبريل 2022، نجح الحوثيون في انتزاع بعض السلطات السيادية من الحكومة المعترف بها دوليًا، حيث تمّ فتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء والسماح للحوثيين بإصدار جوازات سفر، وهو ما عدّ يومها تنازلًا من حكومة الشرعية عن سلطات تعد حصرية للدولة.

وبحسب تقرير لموقع "العربي الجديد" فأن التنازلات المتتالية التي تقدمها الحكومة للحوثيين تهدد بحسب سياسيين وقانونيين، بتقويض المركز القانوني للدولة وسحبه من يد الشرعية لصالح الحوثيين الذين حصلوا على اعتراف دولي بهم، وصاروا طرفًا في مشاورات السلام القائمة برعاية أممية وبوساطة سعودية وعُمانية.

وفي نظر القانونيين، فإن المركز القانوني للدولة هو مجموعة من الحقوق أو الالتزامات أو السلطات أو القيود التي يتمتع بها كيان الدولة بموجب التشريعات والدساتير.

وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، قد حذّر في كلمته أمام الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في سبتمبر الماضي، من أن "أي تراخ من جانب المجتمع الدولي أو التفريط بالمركز القانوني للدولة، أو حتى التعامل مع المليشيات كسلطة أمر واقع، من شأنه أن يجعل من ممارسة القمع، وانتهاك الحريات العامة، سلوكًا يتعذر التخلص منه بأي حال من الأحوال".

رنا غانم، الأمين العام المساعد للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، قالت لـ"العربي الجديد"، إن الحوثيين "يعملون على تقويض المركز القانوني للدولة بالسماح لإصدار جوازات سفر من سلطة مليشيا غير معترف بها دوليًا، وأيضًا إصدار البطاقات الشخصية، وهذا لا يمكن أن يكون إلا لدولة معترف بها قانونيًا، وكذا تسيير رحلات مباشرة من مطار صنعاء دون الحصول على ختم خروج من دولة معترف بها دوليًا".

وأضافت غانم أن الحوثيين "باتوا يمثلون سلطة أمر واقع معترفًا بها، ولا يُعترف بها كدولة، ولذا يتم التفاوض معهم بحجة أنهم سلطة أمر واقع، يسيطرون على جزء من الأرض اليمنية وفيها عدد سكان كبير، فهم بذلك أصبحوا سلطة أمر واقع، ويحصلون على العديد من الامتيازات نتيجة لذلك، مثل فتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء وغيرهما".

ولفتت غانم إلى الخشية من أن يخفّ الضغط الشعبي الذي كان على الحوثيين بسبب عدم دفعهم رواتب الموظفين، على الرغم من فتح ميناء الحديدة، ورغم الإيرادات الكبيرة التي يجنيها الحوثيون، إلا أنهم متخففون من دفع رواتب الموظفين في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم. وأوضحت أنه "كان هناك ضغط كبير متمثل في الاحتجاجات التي كان يقوم بها المعلمون أخيرًا، وأيضًا التظاهرات التي شهدناها في ذكرى ثورة 26 سبتمبر، كانت هناك ضغوط كبيرة على الحوثيين ولكن المفاوضات الحالية تقود إلى صرف الرواتب، وبالتالي سيخف الضغط الشعبي على جماعة الحوثيين".

وأشارت غانم إلى أن "الهجمات التي قام بها الحوثيون على السفن في البحر الأحمر والصواريخ التي أطلقوها ضد الكيان الصهيوني سيكون من شأنها تخفيف الضغط عليهم، حتى وإن لم تصب هذه الصواريخ أي أهداف داخل الكيان الصهيوني إلا أن هذا يعيد الحجة التي يتذرع بها الحوثيون دائما من أن هناك حربًا وهناك معركة، وبالتالي لا يصح معها المطالبة بأي حقوق مدنية طالما هناك معركة".

ونوّهت غانم إلى أن "الحكومة الشرعية تستطيع أن تحافظ على مركزها القانوني إذا استطاعت أن تقدم نموذجًا إيجابيًا في المناطق المحررة ونجحت في تحسين الخدمات والأداء، بالإضافة إلى عودة مجلس القيادة الرئاسي للبقاء في أرض الوطن، ومعه كل الهيئات، فثقل المركز القانوني للحكومة الشرعية مرهون بتقديمها أداء أفضل في مناطق سيطرتها".

أستاذ القانون في كلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء الدكتور عبد الرشيد عبد الحافظ، قال لـ"العربي الجديد" إن جماعة الحوثيين تمثل مجرد سلطة أمر واقع في المناطق التي يسيطرون عليها، حيث توجد سلطة شرعية للدولة اليمنية ما تزال تحظى باعتراف ودعم دولي كامل قوي ومطرد، ولا يعني مجرد التفاوض مع سلطة الأمر الواقع إضفاء أي شرعية عليها".

ورأى عبد الحافظ، مع ذلك، أن "رخاوة السلطة الشرعية وتنازلها عن بعض صلاحياتها لصالح سلطة الأمر الواقع قد يؤديان إلى المساس بالمركز القانوني للسلطة الشرعية في حدود وأهمية الصلاحيات المتنازل عنها من السلطة الشرعية، ويؤدي أيضًا إلى إضفاء المشروعية على تصرفات سلطة الأمر الواقع في هذا النطاق، لكنها في ذاتها كسلطة، أي سلطة الأمر الواقع، تبقى في كل الأحوال فاقدة للشرعية".

من جهته، اعتبر المحلل السياسي ثابت الأحمدي في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن "الحوثيين قوضوا الرمزية الدستورية للدولة، لا القانونية فحسب". ولفت الأحمدي، إلى أنه "في ما يتعلق بكون جماعة الحوثيين سلطة أمر واقع كما يرى البعض، ننظر أولاً إلى رضا الناس عنها: هل السواد الأعظم من الناس يعترف بها وراضٍ عنها، كما هو الشأن مع كل سلطات وحكومات العالم؟ وسؤال آخر: هل الحوثي يحكم أم يتحكم؟ الواقع أنه يتحكم ولا يحكم، لأن للحكم فلسفته وقواعده وأصوله، كعقد سياسي بين الحاكم والمحكوم".

وأما في ما يتعلق بالاعتراف بجماعة الحوثي، فقال الأحمدي: "نجزم أن الأغلبية الغالبة من الشعب اليمني غير راضية عنها وغير معترفة بها، والشأن ذاته بالنسبة إلى دول العالم باستثناء إيران التي اعترفت بها، أما موضوع المفاوضات مع جماعة الحوثيين، فهو أمر آخر". وبرأيه، فإن "كثيرًا من دول العالم تتفاوض مع العصابات، لكن هذا لا يعني الاعتراف بها، ولا تزال الشرعية اليمنية هي المعترف بها إقليميًا ودوليًا، وهي التي يتم استقبالها في أنحاء العالم".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى