باحثة فرنسية: حكومة إسرائيل مستمرة بحزم في مشروعها الاستيطاني مستغلة هجوم 7 أكتوبر

> «الأيام» القدس العربي:

> قالت الباحثة الاجتماعية في جامعة “باريس سيتي”، نيتزان بيرلمان، التي تركز في عملها بشكل خاص على المجتمع الإسرائيلي، إنه بينما تتجه كل الأنظار نحو غزة، فإن الحكومة الإسرائيلية تواصل بكل حزم مشروعها القومي والاستيطاني. فمنذ وصولها إلى السلطة في ديسمبر عام 2022، نفذت حكومة بنيامين نتنياهو، وهي الحكومة الأكثر يمينية وتعصبا التي عرفتها إسرائيل على الإطلاق، إصلاحات مهمة فيما يتعلق بالخدمة المدنية والقضاء والاستيطان.

وفي أعقاب هجوم حماس يوم السابع من أكتوبر الماضي، سعت حكومة نتنياهو إلى “اغتنام الفرصة” لتحقيق أهدافها المتمثلة في التوسع الإقليمي وتوسيع الوجود اليهودي “من البحر إلى نهر الأردن”، تقول الباحثة الاجتماعية.

في هذا السياق، يكتسب خطاب “العودة إلى غزة” شرعية غير مسبوقة. ففي عام 2005، وفي ظل حكومة أريئيل شارون، تم تنفيذ خطة “فك الارتباط” المثيرة للجدل. وعلى الرغم من أنه كان حليفا رئيسيا لحركة الاستيطان، إلا أن شارون أمر بتدمير كتلة غوش قطيف الاستيطانية في قطاع غزة بالإضافة إلى أربع مستوطنات أخرى في شمال الضفة الغربية. وشكّل “الانفصال” صدمة عميقة داخل المعسكر القومي الإسرائيلي، حيث اعتُبرت الخطوة خيانة كبيرة من رئيس الوزراء، وخطأ يجب تصحيحه، تُذكّر الباحثة.

منذ 26 أكتوبر/ تشرين الأول، يبدو أن العملية البرية الإسرائيلية في غزة توفر الفرصة. فبينما يدعو العديد من وزراء الحكومة إلى “استغلال الفرصة” لغزو المنطقة واحتلالها، وإقامة مستوطنات جديدة هناك، يبدو أن جزءا كبيرا من المجتمع الإسرائيلي يميل أيضا إلى هذه الفكرة. فبحسب لاستطلاع أجرته القناة 12، فإن 44% من الإسرائيليين يؤيدون إعادة بناء المستوطنات في غزة بعد الحرب، فيما يعارض ذلك 39%.

مناطق أمنية خالية من العرب

تابعت الباحثة التوضيح في مقالها أن البرلمان الإسرائيلي عرض قبل بضعة أشهر هذه الإمكانية القانونية. وفي نهاية شهر مارس الماضي، صوّت النواب لصالح قانون إنهاء خطة فك الارتباط، مما يمهد الطريق لإعادة بناء المستوطنات في المناطق المعنية: قطاع غزة والمستوطنات الأربع في الضفة الغربية. وفي حين بدا التفويض بـ“العودة إلى غزة” رمزيا بحتا، فقد قالت الوزيرة أوريت ستروك في اليوم نفسه لإحدى وسائل الإعلام اليمينية المتطرفة: “العودة إلى قطاع غزة ستتضمن، للأسف، العديد من الضحايا، ولكن لا شك أنها في نهاية المطاف جزء من أرض إسرائيل، وسيأتي يوم نعود فيه إليها”. وتبدو هذه الكلمات أكثر أهمية من أي وقت مضى، بحسب الباحثة الاجتماعية نيتزان بيرلمان.

ولا يقتصر التوسع الاستيطاني على قطاع غزة، بل يشمل الضفة الغربية أيضا. ودعا بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الإسرائيلي، إلى “تعلم الدروس من أحداث 7 أكتوبر” وتطبيقها في الضفة الغربية من خلال إنشاء “مناطق أمنية خالية من العرب” حول كل مستوطنة. ورغم أن مطلبه لم ينفذ بعد، إلا أن المستوطنين والجيش ينفذونه من خلال تهديد الفلسطينيين بالسلاح وإجبارهم على مغادرة منازلهم، مما تسبب في مقتل 243 فلسطينيا وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة.

ووفقا لمنظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية “بتسيلم” فقد تم في الفترة ما بين 7 أكتوبر و30 نوفمبر، طرد 1009 فلسطينيين من منازلهم في الضفة الغربية، مما أثر على ستة عشر تجمعاً سكانياً. وقد حطمت حكومة بنيامين نتنياهو الأرقام القياسية من حيث تراخيص البناء في المستوطنات، حيث منحت 13 ألف ترخيص في سبعة أشهر (الرقم القياسي السابق كان 12 ألفا لعام 2020 بأكمله)، فضلاً عن تقنين 22 بؤرة استيطانية، بحسب منظمة السلام الآن.

تزايد القمع

تتابع الباحثة الاجتماعية التوضيح أن عمليات مهمة أخرى تجري داخل الأراضي الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر. ويستغل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير القلق الذي يشعر به الإسرائيليون لتنفيذ عدة مشاريع، بما في ذلك توزيع الأسلحة على نطاق واسع بين الإسرائيليين. وعندما تولى منصبه، وعد بنشر 30 ألف سلاح جديد في الشوارع.

منذ السابع من أكتوبر، تم تجاوز هذا الهدف إلى حد كبير مع 255 ألف طلب جديد للحصول على أسلحة في خمسة أسابيع فقط، وفقا لصحيفة “هآرتس” العبرية. ولهذا السبب، قام بن غفير بتعديل معايير الحصول على السلاح، بحيث لم يعد المتقدمون الجدد مطالبين باجتياز مقابلة، وأنه بالنسبة للبعض، ولا سيما أولئك الذين أنهوا الخدمة العسكرية الإجبارية، ليست هناك حاجة لإجراء مقابلة. بالإضافة إلى ذلك، ينظم بن غفير عمليات توزيع الأسلحة أسبوعيا في العديد من المدن الإسرائيلية.

بالإضافة إلى عمليات التوزيع هذه، يخطط بن غفير لإنشاء 700 “وحدة جاهزة”، مكونة من مواطنين مسلحين ومستعدين للرد في حالة الطوارئ. وتثير هذه المبادرة مخاوف جدية لدى بعض أفراد الشرطة، الذين يجدون أن المواطنين المجندين “متحمسون للغاية” أو يشعرون بالقلق بشأن مواقفهم السياسية، ولا سيما ميلهم العنصري تجاه المواطنين الفلسطينيين في دولة إسرائيل، توضح الباحثة الاجتماعية دائماً.

وهنا الباحثة إلى أنه منذ السابع من أكتوبر، تقوم الشرطة بمراقبة شبكات التواصل الاجتماعي للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل عن كثب، وتقوم بتنفيذ عدد كبير من الاعتقالات لكل مشاركة أو منشور أو حتى تعبير بسيط عن التضامن مع سكان غزة أو انتقاد لسياسة الحكومة الإسرائيلية. وفي هذا السياق، يتزايد القمع ضدهم، ويعتبر أي تعبير عن التضامن مع سكان غزة خيانة للدولة.

واعتبرت الباحثة الاجتماعية أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة منذ 7 أكتوبر، بالإضافة إلى الهجوم على غزة، تتطلب تحليلاً دقيقاً. ويبدو من السخرية أن الأخيرة تسعى إلى الاستفادة من الفوضى والخوف لدفع المشاريع المخطط لها منذ فترة طويلة. وهي تستحق أن يتم تسليط الضوء عليها، لأنها ستخلف عواقب وخيمة على المستقبل الغامض على نحو متزايد للمسألة الإسرائيلية الفلسطينية، تحذر الباحثة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى