الصواريخ الإسرائيلية تمنع احتفالات الميلاد في غزة.. والحزن يخيم على كنائس باتت مراكز للإيواء

> «الأيام» القدس العربي:

> منعت الحرب والصواريخ الإسرائيلية، هذا العام، إضاءة شجرة عيد الميلاد في مدينة غزة، كما جرت العادة، في احتفالات عيد الميلاد المجيد وأعياد رأس السنة، وبدلاً من تزيين الكنيسة الرئيسة للمسيحيين المحتفلين بعيد الميلاد، وفق التقويم الغربي لإقامة القداس، احتضنت الكنيسة عدداً من النازحين الذين فرّوا من بيوتهم بمدينة غزة، هرباً من نار الصواريخ، على الرغم من تعرّض بعض الكنائس التي باتت “مراكز إيواء” لقصف إسرائيلي أوقع ضحايا ومصابين.

لا أشجار ميلاد

ولم تزين شجرة عيد الميلاد التي كانت توضع في ميدان الجندي المجهول غرب مدينة غزة، وهو أحد الأماكن التي تعرضت للدخول البري للدبابات الإسرائيلية، وأصابه تدمير كبير جداً، بدَّلَ ملامح المنتزه الذي كان يقام في تلك المنطقة، وبه أشجار وورود، وأماكن لجلوس المواطنين، إلى أكوام من الرمال.

وبالعادة كانت يجري تزيين إحدى الأشجار في ذلك المكان بالإضاءات الجذابة، وكان المواطنون ممن يزورون المكان، يحرصون في هذا الوقت على التقاط صور لهم أمام تلك الشجرة.

كما لم تقم كنائس مدينة غزة بوضع شجرة عيد الميلاد الكبيرة في ساحاتها العامة، واهتم القائمون على الكنائس، بدلاً من ترتيب الاحتفالات، بترتيب أوضاع النازحين لديها، الذين عانوا من الجوع والعطش، بسبب حصار الدبابات الإسرائيلية لمدينة غزة، وتوغلها في عمق المدينة، ووصولها إلى مناطق قريبة جداً من الكنائس.

وفي مدينة غزة هناك كنيستان رئيسيّتان، واحدة للمسيحيين الذين يحتفلون بالأعياد وفق التقويم الغربي، وأخرى للمحتفلين وفق التقويم الشرقي، علاوة عن كنائس أخرى صغيرة، منها تلك الكنيسة المتواجدة في المستشفى المعمداني بمدينة غزة، والتي تعرضت للدمار، بعد أن أصيبت ساحة المستشفى بصاروخ أطلقه الجيش الإسرائيلي خلال الحرب، أدى إلى استشهاد وإصابة المئات من النازحين في تلك المشفى، وإلى تضرر الكنيسة.

كما تعرضت خلال الحرب كنيسة دير اللاتين لقصف إسرائيلي آخر استهدفها، بعد تلك الحادثة، كذلك تعرضت كنيسة سانت بورفيريوس الأرثوذكسية لقصف إسرائيلي، أوقع عدداً من الشهداء والمصابين، من المواطنين المسيحيين والمسلمين الذين كانوا يلتجئون إليها هرباً من نيران الحرب.

ووصف مواطنون لجأوا إلى إحدى كنائس مدينة غزة، خلال الاجتياح البري الواسع للمدينة، الأوضاع المعيشية التي شهدوها خلال الفترة الماضية بـ “الصعبة جداً”، وتحدث هؤلاء، وفقاً لمناشدات أطلقوها خلال فترة حصار مدينة غزة الخانق، وتواجد الدبابات في محيط المكان، وأكدوا أن الأطعمة التي كانت بحوزتهم نفدت بالكامل، وأنهم واجهوا خطر الموت جوعاً، لعدم قدرتهم على التحرك والوصول إلى أي مكان محيط بحثاً عن الطعام، بسبب انتشار القناصة الإسرائيليين في تلك المناطق، والذين كانوا يطلقون النار على كل من وما يتحرك.

وحالت صعوبة الاتصالات الهاتفية، بسبب القصف الإسرائيلي لمقاسم الاتصالات الرئيسة، دون التواصل مع مسيحيين لجأوا إلى تلك الكنائس، ظناً منهم أنها أماكن آمنة تحميهم من نيران الحرب الإسرائيلية.

ومع بدء الاحتفالات الرسمية بالأعياد هذا العام، وبسبب الأوضاع الصعبة وانعدام الطعام للمحاصرين داخل الكنائس، أعلن الجيش الأردني أنه نفّذ “إنزالاً جوياً” في غزة، لإيصال المساعدات للمحاصرين داخل كنيسة القديس برفيريوس.

ووفق التقديرات، فإن عدد المحاصرين بالكنيسة يبلغ نحو 800 مواطن غزيّ من المسيحيين الموجودين داخل القطاع، ويعانون من شحّ في الطعام، ونقص حاد في مستلزمات الحياة الأساسية، ويعانون أيضاً من أوضاع إنسانية صعبة.

إلى ذلك، تواصلت التنديدات بالزيارة التي قام بها رؤساء الكنائس المسيحية في القدس للرئيس الإسرائيلي في ديوانه، حيث جرى رفض تبريرات رؤساء الكنائس.

وانتقد مجلس رعوي كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك برام الله تلك الزيارة، وقال إنها جاءت “في ظل المجازر بحق شعبنا الفلسطيني في غزة، والصمت العالمي المخزي”، رافضاً ما قدمه رؤساء الكنائس من “حجج واهية وأعذارٍ مشينة”.

وجاء في بيان لهم: “كمجلس رعوي كنيسة رام الله للروم الملكيين الكاثوليك، وكجزء من الشعب الفلسطيني الأصيل الذي ناضل ويناضل من أجل تحرير بلاده وعاصمتها القدس، نستنكر ونشجب مثل هذه اللقاءات التي لا تعبّر عنا، ولا تمت لنا بصلة”.

وقالت “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، في بيان لها، إن “العار سيظل يلاحق الذين شاركوا في اللقاء مع رئيس الكيان الصهيوني”، وثمّنت “الجبهة” مواقف الكنائس والشخصيات الدينية التي “انتصرت للحق والعدل في عموم أنحاء أفريقيا وآسيا والعالم المنددة بالعدوان الصهيوني، والتي شاركت في الفعاليات والتظاهرات الغاضبة رفضاً للعدوان”، داعيةً إياها إلى مواصلة جهودها من أجل وقف العدوان، ولفت انتباه العالم إلى جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.

وتقدمت “الجبهة” “رغم الجراح والآلام” بالتهنئة للشعب الفلسطيني ومسيحيي العالم بمناسبة حلول عيد الميلاد المجيد، مشيدةً بالقرار الفلسطيني في بيت لحم والقدس والناصرة، وغيرها من المدن “بإلغاء احتفالاتهم هذا العام تنديداً بالعدوان ووقوفهم إلى جانب أبناء شعبهم في القطاع، الذي يتعرّض لحرب إبادة صهيونية متواصلة”.

وأكدت “الجبهة” أن الاحتلال، في عدوانه الهمجي المتواصل، لم يفرق بين فلسطيني وآخر، وبين مسيحي ومسلم، “فكل الشعب الفلسطيني مستهدف”، لافتة إلى أن عدوان الاحتلال واصلَ استهداف المساجد والكنائس والمؤسسات الفلسطينية، وارتكب مجازر كبيرة بحق مؤسسات ومشاف ومراكز صحية وثقافية مسيحية، أدت إلى ارتقاء عشرات الشهداء والجرحى من المسيحيين، وعلى رأسها المشفى الأهلي المعمداني والمركز الثقافي الأرثوذكسي، واستهداف كنيسة القديس برفيريوس العريقة (الأرثوذكسية) في مدينة غزة “في محاولة لمحو التاريخ وتدمير الهوية الفلسطينية”.

من جهتها، قالت حركة “حماس” إن أعياد المسيحيين الفلسطينيين تأتي، هذا العام، “في ظلّ عدوان فاشيٍّ مستمر، يشنّه الاحتلال النازي على كافة مكوّنات شعبنا الفلسطيني، مستهدفاً كلّ مقدّراته ومساجده وكنائسه، ووجوده على أرضه، مرتكباً جرائم مروّعة لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً. وسط صمت وتواطؤ دولي تقوده الإدارة الأمريكية، الشريكة في هذه الجرائم والانتهاكات”.

وثمنت حركة “حماس” موقف مسيحيي الشعب الفلسطيني الوطني المشرّف، بقَصْر احتفالاتهم هذا العام على إقامة الشعائر الدينية، والوقوف صفاً واحداً، مع قطاع غزة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى