ظلال قاتمة أمام التسوية في الجنوب واليمن

> سال الكثير من الحبر في الأسابيع المنصرمة مع الأنباء عن تسوية سياسية بين مكون الشرعية اليمنية ومليشيات الحوثي التي جرت مفاوضاتها في غرف مظلمة، بعدما أعلن الممثل الأممي عن بنود هذه التسوية التي بدت وكأنها مذكرة تفاهم (MOU) غير ملزمة، حيث غلب على بنودها الجوانب الإنسانية والاقتصادية والتي جاءت في أغلبها ملبية لمصالح الحوثة.

التزمت الشرعية في البداية الصمت نظرًا لعدم مشاركتها في المفاوضات المباشرة، وربما ذلك يفسر عدم رضاها وإن أبدت موافقتها لاحقًا على خارطة طريق التسوية مرغمة.

ومع الجدل السياسي الذي أثاره مشروع التسوية وغلبة الشكوك حول نجاحها ظهرت بيانات التعنت الحوثية والقبول المتردد للشرعية والتأييد البروتوكولي مع "لكن" للانتقالي الذي وجد نفسه غير معني بها بعد أن تم إقصاءه من المفاوضات وكذلك عدم التطرق للشأن الجنوبي، ليرفع منسوب الشكوك إلى مستوى عالٍ حول صلاحيتها، وبعد أن نقل الحوثي الصراع إلى مكان آخر في البحر الأحمر، باحثًا عن مكاسب تُصعِّب المهمة على الآخرين.

مما لاشك فيه أن هذه التسوية على افتراض أن يتم التوقيع عليها اليوم فإنها لن تكمل الشهر الثاني لأنها جاءت على غير ما كانت تنتظر قوى سياسية يمنية مؤثرة في الشرعية وعدم اقتناع شبه كامل جنوبًا في الانتقالي وخارجه ولأنها أعطت انطباعًا كذلك أنها مفروضة على الجميع من الخارج.

فقد جاءت هذه التسوية غير منسجمة مع الوقائع التي فرضتها الحرب على الأرض ولم تلتفت بالمطلق لا إلى ما يسمى بالمرجعيات الثلاث ولا قرارات مجلس الأمن، ولم تتطرق للقضية الجنوبية التي تحت راياتها قتل عشرات آلاف وجرح مئات الآلاف وشرّد الملايين وانهار الاقتصاد وسقطت العملة إلى مستوى لم تعد بعض فئاتها تساوي قيمة طباعتها.

لاشك أن المؤثرات الخارجية على التركيبة السياسية للقوى اليمنية المتصارعة قد أفقدها كثيرًا القدرة على الإبداع في إيجاد حلول مناسبة وممكنة تنبع من الواقع دون إقصاء أو إنكار وتجاوز للأسباب الحقيقية للحرب والوصول إلى حل سياسي عادل للأزمة في اليمن والجنوب، والقفز على هذه الحقيقة يعني إعادة إنتاج الصراع والحروب بوسائل وربما تحالفات جديدة مما سيتسبب في أخذ الصراع إلى أقصاه.

في هذه الحالة عندما تصر فيها الأمم المتحدة والدول الراعية على تمرير التسوية ولكل منهم أسبابه دون الاستماع أو الأخذ بعين الاعتبار الأطراف الفاعلة الأخرى سيكون من الصعب الحصول على دعم واسع يضمن عبورها حتى إلى فترة انتقالية مستقرة وسلسة، حيث كان لابد من إيجاد توازن بين الأطراف السياسية الفاعلة على الأرض دون إقصاء يساعد على ضمان قبول نسبي.

أن التنازلات التي قدمتها الشرعية وتراجعها عن كثير من مسلماتها ونكوصها عن تعهداتها لأتباعها، وسقوط شعار إسقاط الانقلاب والتمسك بالمرجعيات الثلاث فضلًا عن تنازلها وعدم تمسكها بتطبيق قرار مجلس الأمن 2216 القاضي بسحب سلاح الحوثي، يفقدها مبرر بقائها ممثلة للقوى المنضوية في إطارها.

ولذلك ركز الرافضون أو المتحفظون على التسوية باعتبارها أنها ثنائية ولا تلزم إلا أصحابها وهذا يلقي بظلال قاتمة على فرص إحلال سلام حقيقي لن يكتب له النجاح مهما كان.

هنا سيظل السؤال قائم حول، ما هي التسوية التي تريدها الأطراف المتصارعة في الجنوب واليمن؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى