سفير أمريكي سابق باليمن: واشنطن منحت الحوثيين ما أرادوه بالضبط

> واشنطن/ صنعاء "الأيام" وكالات:

>
  • ​القصف الأمريكي البريطاني يمهد لصعود نجم الحوثيين
  • هل خطط الحوثيون وإيران لاستدراج الولايات المتحدة
  • الغارات الأميركية تأهيل للحوثيين مثل حرب 2006 لحزب الله
ستضفي الضربات العنيفة التي أمر الرئيس الأميركي جو بايدن بتنفيذها بعدا آخر على دور الحوثيين في المنطقة، وقد تؤهلهم ليصبحوا طرفا مهما مثلما نجحت حرب 2006 في تأهيل حزب الله ليكون قوة على حدود إسرائيل وورقة تفاوض إيرانية مهمة على ملفات المنطقة. ويقود هذا التطور إلى التساؤل إن كان الحوثيون ومن ورائهم إيران قد خططوا لاستدراج الولايات المتحدة لمهاجمتهم وإكسابهم شعبية واهتماما أكبر في المنطقة.

وستسلط الضربات الأميركية الضوء على الحوثيين بشكل أكبر، وهو ما عكسته آراء وتعاليق عربية على مواقع التواصل تعاملت مع الجماعة على أنها نسخة جديدة من حزب الله قادرة على إزعاج إسرائيل وتحدي الولايات المتحدة. وتم التعامل معها بصفتها حكومة اليمن، وأن ما قامت به هو فخر لليمن، وهو ما يعني تهميش بقية مكونات المشهد اليمني، وخاصة الحكومة المعترف بها دوليا، التي اختفت تماما من المشهد، وحتى البيان الذي أصدرته فقط جعلها في صف الولايات المتحدة.

وسيزيد تحدي الحوثيين للولايات المتحدة في جرأتهم لاحقا بالبحر الأحمر من خلال تفتيش السفن وفرض الرسوم، ما يحولهم إلى قوة فعلية خاصة أنه سيصير بإمكانهم التحكم في إحدى أهم المناطق أهمية في العالم، وسيجبر دولا عدة، خاصة في الإقليم، على التعامل معهم كأمر واقع لتسهيل عبور السفن.

وأهمية اليمن هي التي ستجعل الحوثيين أهم وأخطر من حزب الله الذي بالرغم من سطوة سلاحه في لبنان، إلا أنه يظل محكوما بالتناقضات الطائفية والأجندات الخارجية، كما أن خطره محدود جغرافيا على عكس الحوثيين، الذين سيجدون في الاحتكاك الأميركي بهم فرصة من ذهب للبروز.

ورغم التحذيرات الأميركية المتكررة، واصل الحوثيون إطلاق طائرات مسيرة وصواريخ مما دفع واشنطن إلى تنفيذ تهديداتها. وهو ما أثار تساؤلا لدى بعض الخبراء: هل أراد الحوثيون الحرب مع الولايات المتحدة؟ وإن كان هذا صحيحا، فلماذا؟

جيرالد فايرستاين سفير الولايات المتحدة السابق إلى اليمن أحد هؤلاء الذين يعتقدون أن واشنطن منحت الحوثيين ما أرادوه بالضبط ألا وهو القتال. 

وقال فايرستاين لرويترز "بالتأكيد كانوا يحاولون إثارة رد فعل انتقامي من الولايات المتحدة". وأضاف “كانوا واثقين من قدرتهم على الصمود أمام أي شيء نقدم عليه. رأوا أنهم يحظون بدعم شعبي".

وقالت الجماعة، التي تسيطر على مساحات كبيرة من اليمن منذ قرابة عشر سنوات، إن خمسة مقاتلين قُتلوا بعد شن 73 ضربة جوية في المجمل. وتوعدت بالانتقام ومواصلة هجماتها على عمليات الشحن التي تقول إنها تهدف إلى دعم الفلسطينيين ضد إسرائيل. وأعلن الجيش الأميركي في ساعة متأخرة من مساء الجمعة، أنه نفذ ضربة أخرى استهدفت موقعا للرادار.

وبعد الضربات الأميركية والبريطانية الأولى، أظهرت لقطات بطائرة مسيرة بثتها قناة المسيرة التابعة للحوثيين احتشاد مئات الآلاف في صنعاء مرددين شعارات تندد بإسرائيل والولايات المتحدة. وتجمعت حشود في مدن يمنية أخرى أيضا. ويقول خبراء إن قدرا كبيرا من الثقة لدى الحوثيين ينبع من مقاومتهم هجمات السعودية لسنوات. لكن الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد الحركة قد تكون مختلفة تماما.

وقال اللفتنانت جنرال الأميركي دوجلاس سيمز مدير العمليات بهيئة الأركان المشتركة للصحافيين يوم الخميس، إن الضربات استهدفت 28 موقعا بأكثر من 150 ذخيرة. ولدى حصر الأضرار، قال إنه كان يأمل في عدم تسبب الحوثيين في هذا النوع من الدمار. وأضاف سيمز "أعتقد لو أنك تعمل على تشغيل قاذفة صواريخ باليستية الليلة الماضية، فمن المؤكد لم تكن ترغب في تنفيذ الضربة. لكن، لا، كنت أتمنى ألا يريدوا أن ننفذ الهجمات".

وفي أعقاب الضربات، أقر سيمز ومسؤولون أميركيون آخرون بأن الحوثيين ربما يقدمون على تنفيذ تهديداتهم بالانتقام. وذكرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الحوثيين أطلقوا الجمعة، صاروخا باليستيا مضادا للسفن باتجاه البحر الأحمر.

وقال مسؤول أميركي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إنه بعيدا عن ردعهم، ربما يعد الحوثيون العدد القليل المحتمل للقتلى بين مقاتليهم في هذه الضربات بمثابة نجاح للجماعة حتى وإن أدت إلى تراجع قدراتها. وأضاف المسؤول الأميركي "تعريف شخص ما للنجاح يعتمد في حقيقة الأمر على وجهة نظره".

ومع تصاعد التوترات، ارتفع سعر خام برنت واحدا بالمئة الجمعة، بسبب المخاوف من احتمال اضطراب الإمدادات. وأظهرت بيانات تتبع السفن التجارية أن ما لا يقل عن تسع ناقلات نفط توقفت أو حولت مسارها بعيدا عن البحر الأحمر.

وقال مايكل مولروي نائب مساعد وزير الدفاع السابق لشؤون الشرق الأوسط في عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إنه يتعين على البنتاغون الاستعداد لتنفيذ عمل عسكري إضافي. وتابع قائلا “على الولايات المتحدة البدء في التخطيط لتصعيد ردنا على وقوع مزيد من الهجمات في البحر الأحمر أو سوريا أو العراق". وأضاف "يجب إدراج الحرس الثوري الإيراني ضمن تلك الأهداف".

وتدعم إيران حركة الحوثي باعتبارها جزءا من “محور المقاومة” الإقليمي، وهو عبارة عن جماعات متحالفة مع طهران تضم حزب الله اللبناني وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وجماعات مسلحة في العراق وسوريا. وتتهم الولايات المتحدة إيران بدعم هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وتزويدهم بالقدرات العسكرية والاستخباراتية لتنفيذها. وينفي الحوثيون أن يكونوا دمى في يد طهران، ويقولون إنهم يحاربون نظاما فاسدا وعدوانا إقليميا.

ومع ذلك، يحذر فايرستاين من أن تحدي الحوثيين للولايات المتحدة وحلفائها يساعد في تلميع صورتهم في الشرق الأوسط، وهو قلق يشاركه فيه بعض المسؤولين الأميركيين الحاليين. 

وقال فايرستاين "يعزز ذلك صورة الحوثيين على المستوى الإقليمي. ويضعهم في الصف الأول بين المتحالفين مع إيران في محور المقاومة". وأضاف "لا يجب علينا أن نمنح الحوثيين ما يريدون، وهذا ما فعلناه بالضبط".

والضربات الأميركية البريطانية التي جاءت ردا على هجمات الحوثيين في البحر الأحمر أدت إلى تدويل الصراع الذي انتشر عبر المنطقة منذ أن اشتبكت حماس وإسرائيل في الحرب ونفذ حلفاء لإيران هجمات أيضا انطلاقا من لبنان وسوريا والعراق. وردت فصائل عراقية بتهديدات جديدة ضد المصالح الأميركية، وقالت واشنطن إن البحرين من بين الحلفاء الذين قدموا دعما للضربات الجوية، مما يثير مخاطر غضب الحوثيين الذين لديهم ترسانة قوية من الطائرات المسيرة والصواريخ.

وقال علي فايز، كبير محللي الشؤون الإيرانية في مجموعة الأزمات الدولية "كان من المتوقع تماما أنه كلما طال أمد الحرب في غزة، زادت مخاطر التصعيد واشتعال الوضع في المنطقة". وأضاف “لا يرجح دخول إيران المعركة مباشرة ما لم تتعرض لاستهداف مباشر على أراضيها”. لكن الحوثيين قد يكثفون ضرباتهم.

وقال فارع المسلمي من المعهد الملكي للشؤون الدولية تشاتام هاوس في لندن “الضربات لن تمنع الحوثيين من شن هجمات أخرى في البحر الأحمر، بل العكس هو الصحيح”. ودعت السعودية إلى ضبط النفس و”تجنب التصعيد”، وقالت إنها تراقب الوضع بقلق شديد. واتضح الشهر الماضي غياب اسم السعودية من قائمة دول قالت الولايات المتحدة إنها جزء من تحالف بحري يحمي الشحن في البحر الأحمر من الحوثيين.

وقال فايز “يرجع ابتعاد دول الخليج عن هذه التوترات لأسباب منها علاقاتها التي تحسنت مع إيران". وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن الهجمات ستؤدي إلى "انعدام الأمن وعدم الاستقرار". وقال مصدران إيرانيان مطلعان إن طهران لا تريد التدخل المباشر.

وقال مصدر إيراني ثالث، وهو مسؤول كبير طلب عدم نشر اسمه، إن الحوثيين يتخذون قراراتهم بأنفسهم و”نحن ندعم قتالهم، لكن طهران لا تريد حربا شاملة في المنطقة”. وأضاف أن الأمر متروك لإسرائيل والولايات المتحدة لوقف "عدوانهما". وتقول الولايات المتحدة إنها تسعى إلى منع توسع نطاق الحرب في المنطقة، بما في ذلك الحدود الإسرائيلية اللبنانية، حيث يخوض حزب الله المدعوم من إيران صراعا مع إسرائيل هو الأسوأ بينهما منذ 17 عاما.

واتهمت الولايات المتحدة إيران بالضلوع في هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. وتنفي إيران أي دور قائلة إن حلفاءها يتخذون قراراتهم بأنفسهم. وقال جريجوري برو، المحلل في مجموعة أوراسيا الاستشارية، إن طهران ما زالت تخشى اتساع نطاق الصراع لأنها لا تريد "التعرض مباشرة لانتقام محتمل". وأضاف "صحيح أنه من المحتمل أن تكون هناك ردود من عدد من وكلاء إيران في أماكن أخرى بالمنطقة، لكن لا يرجح أن تقدم إيران على تصعيد كبير ردا على هذه الضربات".

وفي العراق الذي تطلق فيه القوات المدعومة من طهران النار على القوات الأميركية، قالت حركة النجباء إن مصالح الولايات المتحدة وأعضاء التحالف الآخرين لم تعد في مأمن منذ الآن. وقال مسؤول في فصيل آخر وهو كتائب حزب الله العراقية إن الهجمات ستكون لها عواقب وخيمة على أمن المنطقة بأسرها، بما في ذلك الخليج وإن جميع المصالح الأميركية، ليس فقط في العراق وسوريا، لكن في المنطقة بأكملها، ستكون هدفا مشروعا للطائرات المسيرة والصواريخ لدى الكتائب. وفي لبنان، قال مصدر مطلع إن الرد على الهجمات ليس من شأن جماعة حزب الله بل هو شأن الحوثيين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى