فرص التسوية اليمنية تتعرض للخطر.. واحتمال وقوع هجمات ضد واشنطن

> أحمد الأغبري :

>
​بلا شك أن الهجوم الأمريكي- البريطاني ضد اليمن، مؤخرًا، سيؤثر سلبًا على فرص التسوية وجهود السلام ومسارات المناقشات بشأن خارطة الطريق الأممية حد تعطيها أو توقيفها مؤقتًا، وهو ما أكده باحثون يمنيون لـ»القدس العربي» ومعهم الكاتب الأمريكي بول ر.بيلار في تقرير نشرته مجلة «ريسبونسبل ستيتكرافت».

كما ستنتج عن الضربات على اليمن آثار متعددة المخاطر تبدأ بتوسيع دائرة الحرب الإسرائيلية على غزة، ولا تنتهي باستمرار التأثير السلبي على أعمال الملاحة والشحن الدولي في البحر الأحمر، في حال لم تتصاعد ردود الفعل.

وأعلنت وكالة «سبأ» اليمنية بنسختها التابعة لأنصار الله، الأحد، عن قصف أمريكي بريطاني استهدف جبل جدع، في محافظة الحديدة، غربي اليمن، إلا أنه نفى مسؤول عسكري أمريكي لوكالة فرانس برس قيام الولايات المتحدة وحلفائها بتنفيذ أي ضربة، الأحد، على اليمن.

وقبل ذلك، كتب وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، في مقال نشرته صحيفة «صنداي تلغراف»: «لقد وجهنا رسالة لا لبس فيها مفادها أن تصرفات الحوثيين مرفوضة ونحن مصممون على وضع حد لها (…) سندافع دائمًا عن حرية الملاحة. وقبل كل شيء، سنكون مستعدين لتنفيذ أقوالنا».

والسبت، شدد بيان المبعوث الأممي لليمن، هانس غروندبرغ، «على الحاجة لصون التقدم الذي تم إحرازه فيما يتعلق بجهود السلام منذ هدنة عام 2022».

لن يقتصر أثر الهجوم الأمريكي على تعريض التسوية اليمنية للخطر، بل سينعكس على الوضع الإنساني هناك، الذي ما زال في حالة حرجة منذ بدء الحرب عام 2015.
  • تأثيرات سلبية
يؤكد الباحث، عادل دشيلة، في تصريح لـ»القدس العربي» أن الضربات الأمريكية ستؤثر بلا شك على مجرى التسوية السياسية أو الحوار السياسي الذي جرى خلال المرحلة الماضية.

وقال: «اليوم لا يمكن الحديث عن التسوية السياسية في ظل هذا التصعيد العسكري نظراً لعدة أسباب. أولاً: إن جماعة الحوثي غير مستعدة، وهي كانت غير مستعدة منذ البداية. ثانيًا: إن هذه العمليات العسكرية بكل تأكيد سيتم التركيز على تأثيراتها، وإلى أي مدى ستستجيب الأطراف الإقليمية لهذه العمليات، وكيف تتعامل معها؟».

وأكد أنه «ستكون لهذه العمليات العسكرية بكل تأكيد تأثيرات سلبية على جهود الأمم المتحدة، لا أتوقع أنه سيتم الحديث أو التوصل إلى تسوية سياسية عادلة ما لم يتم خفض التصعيد في هذه المنطقة. وخفض التصعيد لا يمكن أن يحدث إلا في حال وقف عمليات الاحتلال الإسرائيلي ضد الأبرياء في غزة.

إذًا المصالح الإقليمية أصبحت مرتبطة بالملف اليمني؛ ولهذا فالحديث الآن عن تسوية صار مرتبطًا بقضايا إقليمية أخرى مثل ما يحدث في غزة، لأن الحوثيين طرحوا شروطًا واضحة متمثلة في أنه يجب إيقاف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وهم سيوقفون عمليات استهداف السفن المتجهة للكيان الصهيوني». وأشار إلى تمدد تأثير الضربات على مختلف المجالات في اليمن، وبخاصة الوضعان الإنساني والاقتصادي.
  • تعطيل التسوية
كما أكد الصحافي والباحث، باسم فضل الشعبي، رئيس مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية والإعلام في عدن، في تصريح لـ»القدس العربي»، تأثير الضربات الأمريكية البريطانية على اليمن على مسار التسوية، معتبرًا أن جهود السلام عقب هذه الضربات باتت معطلة.

وقال: «جاءت الضربات الأمريكية البريطانية على اليمن في وقت كانت التسوية السياسية في مسار متقدم، وأعتقد أن جميع الأطراف كانت على وشك التوقيع على اتفاق المبادئ أو خارطة الطريق الأولية (…) لكن الضربات يبدو أنها أعاقت مسار التسوية وستتسبب في تأجيل المضي في مسارها، لأن الطرف المهم في التوقيع على التسوية، وهم «أنصار الله» انصرف اهتمامهم باتجاه التصعيد الأمريكي البريطاني، ولم تعد التسوية بعد الضربات، وفي حال استمرت، تمثل أولوية لهم».

وأضاف: «كما أن المؤشرات تقول إن استمرار الضربات وتوسع معركة الممرات البحرية سوف يدخل معه اليمن في أجواء حرب جديدة بين الحوثيين ومَن يفترض أنهم رعاة التسوية السياسية اليمنية في المجتمع الدولي، وفي المقدمة أمريكا وبريطانيا، وبالتالي من الصعب أن يقبل الحوثيون بالتوقيع أو الانخراط في تسوية سياسية للحل في اليمن يرعاها ويدعمها مَن يقوم بقصف اليمن بالطائرات والبوارج الحربية من البحر».

واعتبر أنه «يمكن القول إن التسوية عُطلت أو لنقل أُجلت إلى وقت غير معلوم»، وختم قائلًا: «والتوقيع في تقديري يتم بالتوصل إلى صفقة بين الحوثيين وأمريكا تؤدي إلى إيقاف الضربات العسكرية على اليمن، وخفض التصعيد في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، بالتزامن مع إيجاد معالجة للحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة في فلسطين، لأن كل هذه القضايا أصبحت متشابكة ومتداخلة، ولا يمكن الفصل بينها».
  • التصعيد عقد الصورة
في سياق متصل، نشرت مجلة «ريسبونسبل ستيتكرافت» الأمريكية تقريرًا للكاتب، بول ر.بيلار، تناول فيه ما يمكن أن ينتج عن الضربات الأمريكية على اليمن.

وقال الكاتب بيلار، وهو باحث في مركز الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون: «ساد وقف إطلاق النار بحكم الأمر الواقع، مع مفاوضات سلام بوساطة، خلال معظم العامين الماضيين، منذ أن خلص ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى أن استمرار الحرب كان اقتراحًا عقيمًا (…) ولا تزال هذه هي السياسة السعودية (…) وكان رد الفعل السعودي الرسمي على الضربات الأمريكية هو الدعوة إلى ضبط النفس و»تجنب التصعيد»، لكن التصعيد الأمريكي الذي حدث بالفعل يعقد الصورة، ولا يمكن إلا أن يضر بآفاق السلام اليمني، ولا يساعدها».

واستطرد: «أما الضرر الأعم فيتكون من التكاليف والمخاطر المرتبطة بأي توسع للحرب الإسرائيلية في غزة. وتشمل هذه مخاطر تحفيز المزيد من التصعيد في أماكن أخرى من قبل لاعبين آخرين تأثروا بتلك الحرب، فضلاً عن زيادة النشاط العسكري الأمريكي الذي يؤدي إلى حوادث غير مقصودة تخرج عن نطاق السيطرة».
  • أعمال إرهابية انتقامية
وقال بيلار: «سيُنظر إلى الضربات الأمريكية على نطاق واسع على أنها دعم أمريكي أكبر للدمار الإسرائيلي لغزة. وعلى هذا النحو، فإنه يدفع الولايات المتحدة بعيدًا عن نوع السياسة تجاه إسرائيل التي ستكون لها فرصة لإنهاء الدمار بدلًا من إطالة أمده؛ فهو يضعف رغبة الدول العربية في التعاون مع الولايات المتحدة في مسائل أخرى، كما أنه يزيد من احتمال وقوع أعمال إرهابية انتقامية ضد الولايات المتحدة من أولئك الغاضبين من تواطؤ الولايات المتحدة فيما يعتبره الكثيرون في العالم إبادة جماعية».

وقال: «لقد أوضح الحوثيون مرارًا وتكرارًا أن هجماتهم على السفن في البحر الأحمر، والتي كانت الغارات الجوية الأمريكية ردًا عليها، هي في حد ذاتها رد على الهجمات الإسرائيلية القاتلة ضد الفلسطينيين في غزة، وسوف تتوقف الهجمات على السفن إذا توقف الهجوم الإسرائيلي على غزة».

واعتبر أنه فيما أثرت استهدافات الحوثيين «على الشحن الذي لا علاقة له بإسرائيل» في البحر الأحمر، إلا أن ذلك لا «ينفي حقيقة أنه إذا كان هناك حل دائم للمواجهة العنيفة الحالية في منطقة البحر الأحمر، فإنه سيكون سياسيًا وليس عسكريًا فقط، ولن يشمل اليمن والحوثيين فحسب، بل أيضًا إسرائيل والفلسطينيين ووقف إطلاق النار في غزة».

وتابع أن «استعادة الردع» هو «الأساس المنطقي الذي يتم تقديمه في أغلب الأحيان لهذا النوع من الضربات الأمريكية، والذي تم التعبير عنه في الكابيتول هيل من قبل أولئك الذين يدعمون الهجوم الجديد على اليمن. وما يتم نسيانه هو أن رغبة الطرف الآخر في «استعادة الردع» أقل من رغبة الولايات المتحدة، وهذا يعني أن هجومًا أمريكيًا يحفز الانتقام المضاد بدلًا من التسبب في ارتباك الخصم خوفًا مما قد يفعله الجيش الأمريكي بعد ذلك.

الانتقام (المتبادل) المتكرر بين الولايات المتحدة وميليشيات معينة في العراق، حيث تتعرض القوات الأمريكية هناك البالغ عددها 2500 جندي للهجوم بشكل متكرر، يوضح هذه الديناميكية».

وقال: «إنهم يرحبون بمواجهة مسلحة مع الولايات المتحدة. وبالإضافة إلى دافعهم الرئيسي المتمثل في دعم الفلسطينيين في غزة، فإن الحوثيين، من خلال استعراض بعض عضلاتهم في البحر الأحمر، يظهرون أنفسهم كلاعب إقليمي يجب أن يؤخذ على محمل الجد وليس مجرد علاقة سيئة في زاوية من شبه الجزيرة العربية».
  • تأثير الغارات
واعتبر بيلار أن رد الحوثيين سيكون على الأرجح عبر «المزيد من العمليات في البحر الأحمر. هناك أشكال أخرى من ردود الفعل العنيفة غير المتكافئة ضد الولايات المتحدة ممكنة أيضًا».

وأشار إلى أنه من غير الواضح إلى أي مدى أدت الغارات الجوية هذا الأسبوع إلى تدهور قدرة نظام الحوثيين على القيام بمثل هذه العمليات، أو إلى أي مدى ستؤدي أي هجمات أمريكية لاحقة إلى إضعافها. لكن أحد المفاتيح للإجابة على هذا السؤال هو أن الحرب التي خاضتها المملكة العربية السعودية منذ ست سنوات – بدعم من الولايات المتحدة – في اليمن، والتي تضمنت هجومًا جويًا مدمرًا وحصارًا بحريًا، لم تمنع الحوثيين أيضًا من الرد بهجمات صاروخية على السعودية أو القيام بعملياتهم الأخيرة في البحر.
القدس العربي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى