نيويورك تايمز: واشنطن وطهران تخوضان حرب وكالة بدون مواجهة مباشرة بينهما

> "الأيام" وكالات:

> ​نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا شارك فيه ديفيد إي سانغر وفيفيان يي وجوليان إي بارنز وأليسا جي روبن قالوا فيه إن الولايات المتحدة وإيران تخوضان حرب وكالة بدون مواجهة مباشرة بينهما.

وقالوا إنه ولكل المخاوف من اندلاع قتال شامل في الشرق الأوسط بسبب الحرب في غزة، وقد تدفع كلا من الولايات المتحدة وإسرائيل لمواجهة إيران، فإن الملمح الرئيسي للمواجهة والحذر العظيم المترافق معه هو تجنب مواجهة مباشرة بين طهران وواشنطن.

ولا أحد يعرف إلى أي متى سيستمر هذا الوضع، حسبما يقول الدبلوماسيون الأمريكيون والأوروبيون.

وبعد 100 يوم على الحرب في غزة، فإن تقييم معظم اللاعبين الرئيسيين هو أن إيران دفعت بجماعاتها الوكيلة لإثارة المشاكل للجيش الأمريكي والضغط على إسرائيل والغرب في العراق وسوريا ولبنان وممرات الملاحة في البحر الأحمر، في وقت ذهبت فيه لأبعد مدى كي تتجنب مواجهة مباشرة.

وهي واحدة من أكثر الرقصات الحساسة وتحتاج إلى رسائل لطيفة وهجمات وخداع وإنكار. والأدلة على الحذر متفرقة ولكنها في كل مكان.

وفي الوقت الذي زادت فيه إيران من مستويات تخصيب اليورانيوم بشكل أثار المخاوف من إمكانية اقترابها من عتبة إنتاج القنبلة النووية إلا أنها أبقت معدلات التخصيب أقل من تلك العتبة التي تسمح لها بإنتاج الوقود النووي.

وعندما ضربت إسرائيل الضاحية الجنوبية وقتلت القيادي البارز في حماس، صالح العاروري، كانت حريصة على عدم إصابة أي مسؤول وعنصر في حزب الله والتأكيد أنها ليست معنية بمواجهة مع حزب الله. وبعد ستة أيام قتلت قياديا عسكريا في الحزب وهو وسام طويل، والذي يعتبر من أهم المسؤولين العسكريين في الحزب الذين قتلوا حتى الآن.

وعندما شنت الولايات المتحدة هجمات ضربت منشآت حوثية ورادارات ومخازن أسلحة، وتجنبت استهداف القيادة الحوثية التي تقف خلفها، ضربت في الليل وأرسلت إشارات واضحة عن نيتها قبل ذلك.

ومهما كانت القيادة الإيرانية سعيدة في تحريك تنور الشرق الأوسط إلا أن البلد ليس مهتما بحرب شاملة، لأن المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي في وضع صحي سيئ وشهد في السنوات الماضية احتجاجات.

ويقول الدبلوماسي الأمريكي السابق، ريان سي كروكر، إن ما يهم إيران في الوقت الحالي هو “استقرار” النظام، فيما تهتم الولايات المتحدة بإبقاء القتال في حدود غزة. إلا أن التاريخ حافل بالجهود الفاشلة لإبقاء القوات الأمريكية في النصف الآخر من العالم خارج صراعات خرجت عن السيطرة، كما هو واضح من دخول الولايات المتحدة للحرب العالمية الأولى في 1917 والحرب العالمية الثانية في 1941 والحرب الكورية في 1950 وفيتنام التي دخلتها تدريجيا في سنوات الستينات من القرن الماضي. وعادة ما تؤدي اغتيالات وإغراق سفن وحوادث وأنظمة إرشاد فشلت في مهمتها إلى تقويض استراتيجية معدة بعناية.

ومع إيران، فليس هناك تاريخ ولا اتصالات مباشرة للتأكد من أن الوضع لن يخرج عن السيطرة. وفي مقابلات مع مسؤولي استخبارات أمريكيين ومسؤولين قالوا إن تقييمهم هو أن إيران لا تريد مواجهة شاملة، حتى مع تشجيعها حلفائها الحوثيين على استهداف السفن في البحر الأحمر.

ويقولون إن الهدف من استخدام جماعاتها الوكيلة هو توجيه لكمات لإسرائيل والولايات المتحدة بدون التسبب بحرب واسعة. ويقولون إنه لا توجد أدلة عن إصدار المرشد خامنئي أو قائد فيلق القدس أوامر للحوثيين لاستهداف الملاحة في البحر الأحمر.

ولا شك مع ذلك في دعم إيران الهجمات، وتقول التقييمات الاستخباراتية إن المسؤولين الإيرانيين يعتقدون بأن زيادة التصعيد ستزيد من الكلفة على الغرب، وبدون المخاطرة بحرب واسعة مع الولايات المتحدة. وأفرج البيت الأبيض عن وثائق سرية تظهر أن الإيرانيين سلحوا الحوثيين، مع أن هؤلاء باتوا قادرين على تصنيع أسلحتهم بأنفسهم وبخاصة المسيرات التي تجمع من قطع مستوردة من الصين وأماكن أخرى.

ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن السفن الإيرانية والمقاتلات الحربية تقدم بيانات أهداف، إلا أن وكالات الاستخبارات الأمريكية تنظر للحوثيين على أنهم منظمة مستقلة وأن إيران لا تملي عليهم ما يقومون به من عمليات. ويعلق كروكر أن السؤال هو: ما مدى التوجيه الإيراني لهذه الجماعات الوكيلة وإلى أي مدى تتخذ زمام المبادرة بنفسها؟ ويرى كروكر الذي عمل سفيرا في أفغانستان والعراق أن آية الله خامنئي كان فعالا أكثر من سابقيه أو نظام الشاه بإظهار القوة عبر المنطقة.

 لكن كروكر لا يزال غير قادر على تحديد السيطرة الإيرانية على جماعاتها الوكيلة و”لم أعثر بعد على جواب جيد” و”يتوقع الواحد أن القيادة والتحكم واسعة في حزب الله أو حماس” ولكنه يفترض أن كل الجماعات الوكيلة “توجهها إيران على المستوى الإستراتيجي”.

وما تحرص عليه القيادة الإيرانية هو “استقرار” النظام نظرا لأن المرشد البالغ من العمر 84 عاما مريض. ويقول الطبطبائي، الخبير في سياسة الشرق الأوسط إن رد إيران على مقتل بطلها الوطني، قاسم سليماني في 2020 وبأمر من دونالد ترامب كان مدروسا. وما تبع ذلك ردع شديد، حيث واجهت إيران عامين من العمليات المهينة قامت بها إسرائيل داخل إيران، كتخريب في مفاعل نطنز وقتل عالم ذري بارز بقنبلة عن بعد. إلا أن إيران استعادت قوتها من خلال تزويد جماعاتها الوكيلة بالأسلحة المتقدمة والقدرات على تجميع أسلحتها وقدمت لها المزيد من التدريب.

وكان الحوثيون من الجماعات الوكيلة التي تتمتع بحرية حركة بعيدا عن إشراف إيران. فليست لديهم علاقات عميقة مع طهران كعلاقة حزب الله. وأثبتوا في عملياتهم بالبحر الأحمر قدرة على عرقلة التجارة العالمية، ونقص قطع الغيار لدى شركتي تيسلا وفولفو وإن بشكل مؤقت ورفعوا أسعار الطاقة العالمية. ورغم تدمير الغارات الأمريكية والبريطانية 30 موقعا في يومي الخميس والجمعة، إلا أن مسؤولي البنتاغون قالوا يوم الجمعة إن الحوثيين لا يزالون يتمتعون بثلاثة أرباع قدراتهم العسكرية. ولا يعرف إن كانت الغارات رادعة لهم أم أنهم يشعرون بالحاجة لرد انتقامي.

وكتب المعلق الإيراني المحافظ محمد إيماني، مقالا في وكالة “فارس”: “قصف المقاومة اليمنية لن يحل عقدة في الإستراتيجية الأمريكية كما لم يحل عقدة في فيتنام وأفغانستان”، ووصف الغارات بـ “النكتة”.

وواصل الإيرانيون الحديث عن الحوثيين، وقال الرئيس إبراهيم رئيسي يوم الأحد بأنهم “شجعان وأقوياء وجريئون” في دفاعهم عن “الشعب الفلسطيني المضطهد”، ودعا الآخرين لعمل مثل عمل الحوثيين بدون التزام منه “لو حصلت الشعوب في الدول الإسلامية على فرصة، فسترى الجيوش الذاهبة إلى فلسطين”.

وعبر دبلوماسيون ومسؤولون عن مخاوفهم من أن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة ليست مهتمة في احتواء النزاع، بل ربما رأى بعضهم أهمية في ضرب جماعات إيران الوكيلة وجر الولايات المتحدة معهم. وتقول سنام وكيل من تشاتام هاوس في لندن إن “إيران حاولت أخذ النزاع للخارج” و”خط إيران هو الحدود الإيرانية، وعند هذه النقطة فهي مستعدة للمقامرة بالمنطقة وليس الوطن”.

إلا أن السياسة تحمل مخاطر، وبخاصة عندما يتعرض بايدن لضغوط للرد عند قتل جنود أمريكيين أو متعهدين أمنيين. ويقول رينام الحمداني، المحلل اليمني الذي درس علاقات الحوثيين مع إيران “بالنسبة للإيرانيين فهذا جيد لهم، ولكن الأمر قد يصل إلى نقطة يصبح فيها مخاطرة”. و”عثرة واحدة من إحدى هذه الجماعات الوكيلة ولو ضربت المكان الخطأ في الوقت الخطأ، قد تدفع المنطقة إلى الحرب”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى