إيران والحوثيون يرتكبون خطأ قاتلا

> ألكسندر نازاروف:

> قرر بايدن، بعكس ترامب في ضربته الفردية لسوريا، عدم التوقف بعد القصف الأول لليمن، معززًا بذلك حقه في قصف اليمن في أي وقت يشاء. وردًّا على ذلك، انتقل الحوثيون، بعد توقف قصير، إلى شن هجمات على السفن الأمريكية.

وبدأت شركات الشحن، التي استأنف الكثير منها مؤخرًا الإبحار عبر البحر الأحمر، بإرسال السفن مرة أخرى حول إفريقيا. وعلى هذه الخلفية، تواصل السفن الروسية والصينية الإبحار عبر قناة السويس، مكتسبة بذلك ميزة كبيرة على الشركات الغربية، لكن هذا الوضع غير مقبول على الإطلاق بالنسبة للغرب.

وقد نشرت وكالة "رويترز" قبل أيام قليلة خبرًا مفاده أن الحوثيين أطلقوا النار على ناقلة روسية لكنهم أخطأوا الهدف. نفى الحوثيون هذه الأخبار، وأنا أيضًا أميل إلى اعتباره هجومًا تحت علم زائف.

أعيد إلى الأذهان مثلًا قديمًا من المستعمرة البريطانية السابقة، الهند: إذا تشاجرت سمكتان في بركة، فاعلم أن إنجليزيًا قد سبح فوقهما.

البريطانيون يتمتعون بأعلى مستويات الاحتراف في تأليب الشعوب ضد بعضها البعض، وبفضل هذا بنوا أعظم إمبراطورية في تاريخ البشرية. قد تكون الولايات المتحدة أقل احترافية في ذلك، إلا أنه في هذه الحالة، يعمل الأمريكيون والبريطانيون معًا.

يعتقد البعض أن الحرب العالمية الثالثة تدور رحاها بالفعل، بينما يعتقد البعض الآخر أننا بصدد الاقتراب منها. فإذا كانت المقولة الأخيرة صحيحة، فيعود ذلك فقط لأن جزءًا كبيرًا من الدول المهمة فيما يسمى "الجنوب العالمي" لا يزال يحاول الحفاظ على الحياد.

أتوقع أن تتضمن المرحلة التالية من الحرب العالمية استفزازات أمريكية بريطانية وهجمات تحت أعلام زائفة تهدف إلى جذب المملكة العربية السعودية والهند وباكستان ومصر وتركيا وعدد من الدول الأخرى إلى المعسكر الأمريكي. علاوة على ذلك، فإن ثمن القضية هو الخسارة المحتملة للمعسكر المناهض للغرب بأكمله.

فالهجوم على ناقلة النفط Chem Pluto المرتبطة بإسرائيل والمتجهة إلى الهند هو مجرد الحادث الأول، وقد ألقى البنتاجون باللوم على إيران في ذلك، لكنها تنفي أي تورط لها. ستحمل الأشهر القريبة المقبلة كثيرًا من هذه الحوادث.

الهدف الرئيسي التالي أو الثاني في هذه المرحلة هو الحرب ضد اتصالات النقل البحري لروسيا والصين.

لبدء حرب الغرب ضد الاتصالات الصينية، هناك حاجة إلى ذريعة، وأتوقع أنه في عام 2024، أو على الأقل في العام المقبل، سيقوم الأنغلوساكسونيون باستفزازات عسكرية حول تايوان، وبعدها ستبدأ حرب ضد الاتصالات الصينية في شكل حصار بحري مفتوح. وستبدأ حرب خفية تحت علم زائف هذا العام، أو كنت سأبدأها غدًا لو كنت مكان الأنغلوساكسونيين.

ربما ستتحرك المملكة المتحدة أولًا ضد روسيا في البحر الأسود بمهاجمة السفن التجارية الروسية على يد أوكرانيا، والهجمات ضد روسيا والصين في البحر الأحمر ممكنة، في حين أن قصف الحوثيين للسفن الإسرائيلية والأمريكية يوفر فرصة للأنغلوساكسونيين لمحاولة إلقاء المسؤولية على اليمن.

يبذل الحوثيون بدورهم جهودًا ضد أنفسهم، حيث من الواضح أن السعودية والإمارات حددتا مسارًا للخروج من الفلك الأمريكي، لكن من الطبيعي أنهما ترغبان في القيام بذلك بأقل التكاليف، وعلى أية حال، فهما لا يريدان المشاركة في الحرب.

في ظل هذه الظروف، فإن تهديد الحوثيين بضرب المنشآت النفطية في الخليج في حالة التصعيد يدعو ببساطة الأنغلوساكسونيين إلى ارتكاب أعمال تخريبية ضد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وأصبحت مهمة جرّ الرياض إلى الحرب الآن سهلة وممتعة بالنسبة للأنغلوساكسونيين. كل ما يتطلبه الأمر هو ضربة واحدة من طائرة مسيرة مجهولة على مصفاة نفط سعودية.

أعتقد أن الحوثيين، على العكس من ذلك، بأن يحتذوا ببوتين، وأن يصبحوا حمامة سلام، ويصرحون آناء الليل وأطراف النهار باستعدادهم للسلام والمفاوضات مع جيرانهم. ولو كنت مكانهم، سأقدم كل الضمانات بأنني لا أنوي قصف أهداف سعودية أو إماراتية. ويجب ألا ينسى الحوثيون من هو عدوهم. فبضعة تصريحات أخرى غير حكيمة، سيتعين عليهم، بدلًا من الأمريكيين، القتال مع المملكة العربية السعودية مرة أخرى.

يبدو أن إيران هي الأخرى أيضًا شعرت بالقوة المفروضة وسط إغلاق البحر الأحمر، وارتكبت خطأ فادحًا بضرب العراق وباكستان. دعونا نأمل أنه بعد الضربة الانتقامية الباكستانية، سيكون لدى الإيرانيين ما يكفي من الحس السليم لعد الرد وتهدئة الوضع.

وبعد الهجمات الإيرانية على باكستان، فإن أي تقارير عن ضربات إيرانية ضد السفن التجارية الباكستانية، والدول المترددة، ستوحي بمزيد من الثقة.

إن الوضع في المنطقة قد أصبح أكثر تعقيدًا بسرعة، ما يمنح بريطانيا والولايات المتحدة الفرصة لتأليب شعوب المنطقة ضد بعضها البعض، ومحاربة أعدائهم بأيدي الآخرين، كما يحدث في أوكرانيا.

ولو كنت مكان إيران والحوثيين، كنت سأبدأ صباح كل يوم ببيان رسمي مفاده أنه لا نية لإلحاق الضرر بأي شكل من الأشكال بالمملكة العربية السعودية أو الهند أو باكستان أو أي دول أخرى.

"روسيا اليوم"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى