لا جدوى من الوديعة المالية السعودية

> كان الهدف من الوديعة المالية السعودية الأخيرة المقدمة للحكومة هو إنعاش الاقتصاد المتدهور، ومعالجة انخفاض قيمة العملة المحلية مقابل نظيراتها الأجنبية. ومع ذلك، فقد أصبح من الواضح بشكل صارخ أن هذا الضخ للأموال فشل في تحقيق أي تغيير أو تحسن ملموس في الواقع السائد في البلاد. حيث تستمر الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في التدهور، ولا يزال الريال اليمني يعيش حالة من التراجع المخيف. ولا بد من الاعتراف بأن الوديعة المالية المحولة، بغض النظر عن حجمها، لم تحقق النتائج المتوقعة، ويرجع ذلك أساسًا إلى الفساد المستشري داخل الحكومة الحالية، بقيادة معين عبد الملك. علاوة على ذلك، فإن الصمت المحير للشعب تجاه هذه التطورات المزعزعة للاستقرار، يؤدي -عن غير قصد- إلى إدامة مخالفات وفساد الحكومة ويزيد من تفاقم محنة الشعب.

إن العواقب الوخيمة لفساد الحكومة وسوء الإدارة يتحملها المواطنون العاديون، أصحاب المصلحة الحقيقية في استقرار البلاد وازدهارها. إن اللامبالاة والصمت السائد بين المواطنين يشجعان ضمنيًا الحكومة على الانخراط في أعمال الفساد والنهب واختلاس الموارد العامة الأكثر فظاعة. ويعمل هذا التواطؤ في نهاية المطاف على إدامة الوضع الراهن، ما يسمح للفساد المتجذر بالاستمرار مع الإفلات من العقاب والمساءلة.

وفي ظل هذه الظروف، فمن الواضح أن الحكومة أصبحت منفصلة بشكل متزايد عن احتياجات وتطلعات الشعب، مع غياب واضح للحكم الفعال ونوايا الإصلاح. إن غياب المواطنين الذين يتمتعون بصوت عالٍ وحازم، يشير عن غير قصد إلى الإذعان للوضع الراهن، ويمكّن ضمنًا الحكومة التي تستمر في تبديد موارد الشعب بشكل شرعي.

إن حيوية الشعب تتوقف بشكل أساسي على مشاركته وتمكينه. ومن المؤسف أن الجمود المجتمعي الحالي والافتقار إلى إجراءات ذات معنى قد شجعا تجاوزات الحكومة، ما أدى إلى إدامة دائرة الفساد والعوز الاقتصادي وتوسعها. إن الإمكانات الكامنة للشعب في إحداث التغيير، والمطالبة بالمساءلة لم تتحقق بعد، ما يسمح بتصلب هيكل الحكم الذي يهدر موارده مع الإفلات من العقاب والمساءلة.

ومن الأهمية بمكان الاعتراف بالدور المحوري الذي يلعبه نشاط المواطنين، والمشاركة المدنية في مساءلة الحكومة وإحداث تغيير حقيقي. من خلال رفض الإذعان للوضع الراهن السائد، ومن خلال التعبئة للمطالبة بالشفافية والمساءلة، حيث يمتلك الشعب القدرة على إحداث تغيير تحويلي، وتفكيك ثقافة الفساد الراسخة التي ابتليت بها البلاد منذ فترة طويلة.

في الختام، فإن الوديعة المالية السعودية، التي تهدف إلى إنعاش الاقتصاد اليمني، فشلت للأسف في تخفيف الضائقة الاقتصادية الأليمة، التي لا يزال يعاني منها الشعب. إن استمرار الفساد داخل الحكومة، والذي تفاقم بسبب الموقف السلبي للشعب، لا يزال يؤدي إلى إدامة حالة من التدهور الاقتصادي والضيق السياسي. ويتعين على الشعب أن يستيقظ من سباته وينهض من صمته، وأن يحشد إرادته الجماعية، ويطالب بحكومة تمثل مصالحه حقًا، وأن تعطي الأولوية لرفاهيته وتحسين أوضاعه. ولن يتمكن الشعب من تحقيق التغيير التحويلي اللازم، لاستعادة ازدهار وطنه وسلامته، إلا من خلال المشاركة المدنية الفعالة والمطالبة الحازمة بالمساءلة ومحاسبة الحكومة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى