حوادث كروية تثير التساؤلات عن حقيقة المصالحة بين السعودية وإيران

> الرياض/طهران "الأيام" العرب اللندنية:

> ​يشير حادثان كرويان حديثان إلى أن شيئا لم يتغير في التنافس السعودي – الإيراني منذ أن توسطت الصين في استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قبل سنة.

وسلطت حرب غزة الضوء على التهديد المحتمل الذي تشكله إيران وحلفاؤها من غير الدول على المملكة، حتى مع تخفيف البلدين من حدة خطابهما، وحرصهما على عدم استفزاز بعضهما البعض، واتصالاتهما الدبلوماسية المنتظمة.

وعززت الحرب موقف إيران بصفتها داعمة قوية للفلسطينيين بينما تكافح الدول العربية لإنهاء المذبحة الإنسانية في غزة. كما حوّلت الحرب إيران إلى لاعب رئيسي في تحديد ما إذا سيتطور الصراع في غزة إلى حريق عسكري إقليمي. لكن الحرب ليست كلها في صالح إيران.

وعزّز الصراع القناعة السعودية بأن علاقة دفاعية أوثق تربطها مع الولايات المتحدة وإسرائيل، رغم إدانة المملكة لمذبحة غزة وانتقادها لرفض الولايات المتحدة فرض وقف فوري دائم لإطلاق النار.

ويقول الباحث في شؤون الشرق الأوسط جيمس دورسي إن الحرب رفعت سقف اعتراف السعودية بإسرائيل بالتأكيد، لكنها لم تغير الحسابات الإستراتيجية الأساسية التي تتبعها المملكة.

ويضيف دورسي “لكن يبدو أن ذلك قد رفع الشكوك حول إيران، أو مصلحة السعودية المستمرة في ضمان عدم خروج الخلافات عن السيطرة”.

وتخشى المملكة من أن خرق حماس الناجح للدفاعات الإسرائيلية في 7 أكتوبر يمكن أن يلهم المتمردين الحوثيين اليمنيين المدعومين من إيران إذا فشلت في إبرام اتفاق معهم بما يوفر لها نهاية تحفظ ماء وجهها إثر تدخلها العسكري في اليمن سنة 2015.

  • هتافات طائفية

تعززت تصورات التهديد السعودية بقدرة الحوثيين على إعاقة الشحن في الممرات المائية الإستراتيجية في الخليج من خلال الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة الهادفة إلى تعطيل الشحن من الموانئ الإسرائيلية وإليها في دعم للفلسطينيين.

ويبرز اعتقال واستجواب مشجّعي كرة القدم المسلمين الشيعة في المملكة مؤخرا إلى أن تخفيف حدة التوترات السعودية – الإيرانية لم يمكّن من تغيير أهم المواقف السعودية من إيران والأقلية الشيعية المسلمة في أراضيها التي تعتبرها طابورا خامسا إيرانيا.

وقطعت السعودية علاقاتها مع إيران في 2016 بعد أن اقتحم الإيرانيون سفارتها في طهران احتجاجا على إعدام رجل دين شيعي سعودي بارز.

ولم تتحقق معالجة التحيز ضد الشيعة باستعادة العلاقات بوساطة صينية ولا بإصلاحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الاقتصادية والاجتماعية والدينية.

واعتقلت السلطات خلال الشهر الحالي 10 أشخاص واستدعت 150 آخرين من مشجعي نادي الصفا لكرة القدم لترديدهم شعارات وأغاني إسلامية شيعية خلال مباراة ضد نادي البكيرية في مدينة صفوى في المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية في المملكة.

وأكدت السلطات السعودية أن هتافات المشجعين كانت “طائفية”. وقررت وزارة الرياضة حل مجلس إدارة‎ نادي الصفا بالمنطقة الشرقية وإحالة أعضائه إلى الجهات المعنية لعدم التزامه بقوانين المملكة وأنظمتها.

وقالت “تؤكد وزارة الرياضة على الجميع في هذا الصدد، ضرورة الالتزام باللوائح والأنظمة الخاصة بالمنافسات الرياضية”. كما أمرت لجنة الانضباط والأخلاق في الاتحاد السعودي لكرة القدم نادي الصفا بدفع غرامة قدرها 53.300 دولار، ومنعت مشجعي النادي من حضور المباريات الخمس المقبلة للفريق في الدوري.

وأكدت اللجنة أن المشجعين رددوا شعارات وأغاني “مخالفة لأحكام اللوائح التأديبية والأخلاقية”.

واستهدفت إيران مشجعي كرة القدم في نفس الوقت تقريبا الذي شنت فيه السلطات السعودية حملة على المؤيدين الشيعة. ولكن تحركات طهران كانت مدفوعة بأسباب مختلفة.

وأكدت منظمة هنغاو الكردية لحقوق الإنسان بالنرويج اعتقال عشرة مراهقين أكراد لاحتفالهم بهزيمة إيران الأخيرة أمام قطر في كأس آسيا.

وقالت إن الأكراد في العديد من المدن ذات الأغلبية الكردية في غرب إيران خرجوا إلى الشوارع احتفالا بخسارة إيران.

وجاءت هذه الاحتفالات بعد ثلاثة أيام من صدور حكم على رئيس فريق سقز لكرة القدم، شيركو حجازي، بالسجن لمدة ست سنوات بتهمة “التآمر لتقويض الأمن الداخلي” والعضوية في جماعات المعارضة.

وعكست الحوادث، التي وقعت قبل أسابيع من الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس خبراء القيادة في إيران في 1 مارس، استمرار الاستياء واسع النطاق بعد الاحتجاجات الجماهيرية في 2022 و2023 التي اندلعت إثر وفاة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة لارتدائها الحجاب “بشكل غير لائق”.

  • استياء الأقليات

قتلت قوات الأمن أكثر من 500 شخص أثناء محاولتها قمع الاحتجاجات، فيما لعب المسلمون السنة الإيرانيون دورا بارزا في الاحتجاجات.

وتواجه إيران، على عكس السعودية، تمردا سنيا متشددا منخفض المستوى مرتبطا بالأقلية البلوشية.

وهاجم جيش العدل، وهو جماعة سنية متشددة تنشط عبر الحدود في باكستان، مركزا للشرطة في راسك في محافظة سيستان بلوشستان الإيرانية في ديسمبر، متسببا في مقتل 12 ضابطا على الأقل.

واستهدفت إيران في يناير قواعد جيش العدل في إقليم بلوشستان المجاور لباكستان في عملية عسكرية نادرة عبر الحدود. وضربت باكستان بعد يومين من ذلك ما قالت إنها كانت مخابئ انفصالية بلوشية في إيران.

ويتزامن انتخاب المجلس المؤلف من 88 عضوا الذي يعين المرشد الأعلى الإيراني مع استعداد إيران لخلافة محتملة لآية الله علي خامنئي البالغ من العمر 84 عاما.

وتقرر استبعاد العديد من المرشحين الإصلاحيين والوسطيين، بمن فيهم الرئيس السابق حسن روحاني قبل الانتخابات.

وكان العديد من الإيرانيين يأملون في أن يوفر انفراج العلاقات مع السعودية إنعاشا للاقتصاد الإيراني الذي تشله العقوبات الأميركية القاسية، فيما كانت المملكة حريصة على عدم انتهاك العقوبات.

ومن المرجح أن يشكل الإقبال على التصويت مقياسا لمزاج الجمهور الإيراني.

وأكدت الحكومة ارتفاع درجة حماس الناخبين، لكنها منعت نشر استطلاعات الرأي لدعم تأكيدها. لكن استثناء نادرا شمل مركز استطلاع الرأي العام للطلاب الإيرانيين (إيسپا) في ديسمبر، وأشار إلى أن 28 في المئة فقط من المستجوبين سيدلون بأصواتهم.

وخلص استطلاع معهد غامان بهولندا خلال مطلع فبراير إلى أن 15 في المئة فقط من المستجوبين ينوون التصويت. وقال 77 في المئة إنهم لن يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع، في حين لم يقرر 8 في المئة ما سيفعلون بعد.

وقال ثلاثة أرباع الذين شملهم الاستطلاع إنهم سيصوتون ضد نظام “الجمهورية الإسلامية” إذا أتيح لهم الخيار.

وتبرز الحوادث الكروية، على الرغم من اختلافها وعدم ارتباطها، قصة استياء بين الأقليات في السعودية وإيران عبر الانقسامات العرقية والطائفية، ما يلقي بظلاله على الجهود السعودية والإيرانية الهادفة لإدارة الخلافات بينهما.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى