خبير أممي يصف مقترحا أميركيا بإنشاء ميناء مؤقت في غزة بـ«الخبيث»

> جنيف/بروكسل "الأيام" العرب:

> ​ندّد المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في الغذاء مايكل فخري الجمعة باقتراح واشنطن إقامة ميناء مؤقت في غزة لنقل المساعدات الإنسانية عبر البحر إلى القطاع المحاصر، واصفا المقترح بـ"الخبيث"، لافتا إلى أنّ الولايات المتحدة تقدّم في الوقت نفسه قنابل وذخائر ودعما ماليا لإسرائيل.

وقال خلال مؤتمر صحافي في جنيف "للمرة الأولى أسمع أحدا يقول إننا بحاجة إلى استخدام رصيف بحري. لم يطلب أحد رصيفا بحريا، لا الشعب الفلسطيني ولا المجتمع الإنساني".

ومنذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في أكتوبر، يعاني القطاع الصغير المكتظ أزمة غذائية تفاقمت بسبب القيود المفروضة على إيصال المساعدات إليه.

وأمر الرئيس الأميركي جو بايدن في خطابه عن حال الاتحاد الخميس، جيشه بإنشاء ميناء مؤقت في غزة، مؤكدا أن انجاز هذا العمل لن يتطلب "أي انتشار على الأرض للقوات الأميركية".

وفخري مفوض من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لكنه لا يتحدث باسم المنظمة الأممية. ورأى أنّ الرغبة الأميركية في إنشاء ميناء تهدف قبل كل شيء إلى الاستجابة "مع اقتراب الانتخابات" في الولايات المتحدة، للضغوط الداخلية التي يمارسها جزء من الأميركيين.

وأضاف "الأمر يستهدف جمهورا وطنيا". وقال "ما يمنحني الأمل هو التحرّك المتزايد في كل أنحاء العالم وخصوصا في الولايات المتحدة، لأشخاص يطالبون بوقف إطلاق النار".

وحذرت الأمم المتحدة مرة أخرى منذ أسبوع من أن المجاعة في قطاع غزة باتت "شبه حتمية، إذا لم يتغير شيء".

وقال فخري "قلنا في السابق إن المجاعة وشيكة، لكن أعتقد أنه من الإنصاف أن نقول حاليا إن إسرائيل عمدت إلى تجويع الشعب الفلسطيني في غزة وإن المجاعة تحدث بالفعل أو هي على الأبواب"، مضيفا "السبب الذي يجعل العديد من الخبراء يقولون إن المجاعة موجودة بالفعل أو ستحدث في أي لحظة، هو أننا بدأنا نرى أطفالا يموتون بسبب سوء التغذية".

ولم يتوقف الرئيس الأميركي وأركان إدارته منذ بدء الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر عن إظهار دعم لا متناه لإسرائيل، حتى بات البعض ينظر إلى واشنطن على أنها طرف أساسي بالحرب.

وعلى الرغم من تأكيد المجتمع الدولي بشكل متواصل على حجم المعاناة في غزة، إلا أن الولايات المتحدة لم تتوقف عن دعم تل أبيب، لكن مفارقة ظهرت أخيرا في خطاب حالة الاتحاد أمام الكونغرس ليلة الجمعة، قال فيه إنه سيوجه الجيش الأميركي لقيادة "مهمة طارئة لإنشاء رصيف بحري مؤقت في البحر المتوسط قبالة ساحل غزة".

ويبدو الجانب الإنساني لما أعلنه بايدن من وراء ذلك المخطط، هو إيصال المساعدات الإغاثية لقطاع غزة وإنشاء مستشفيات عائمة لعلاج جرحى الحرب، لكن مراقبين يرون أن هناك جانبا آخر للميناء العائم يرتبط بتشجيع هجرة الفلسطينيين طوعا إلى أوروبا وإلغاء أي دور لمعبر رفح البري على الحدود مع مصر، ما يعني تحكم إسرائيل بكافة منافذ غزة وإنهاء أي سيادة للفلسطينيين على المعابر.

وقال الخبير الأردني في الشؤون العسكرية والإستراتيجية هشام خريسات ان "الرصيف العائم على شواطئ غزة، ظاهره مساعدات وباطنه هجره طوعية إلى أوروبا"، مضيفا "هذا الرصيف تقدّر تكلفته الأولى بـ35 مليون دولار ستدفعها الولايات المتحدة وعمق الغاطس للسفن بالرصيف لن تقل عن 17 مترا لاستيعاب جميع سفن المساعدات".

وتابع "هذا الميناء التكتيكي العسكري سيلقى مباركة إسرائيلية لأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتطلع إلى فكرة طرحه منذ بداية الحرب، بهدف التهجير الطوعي للغزيين، والهروب إلى أوروبا".

وذكر أنه "ستكون مساحة الميناء 6 كيلومترات مربعة لأنه سيضم مشافي عائمة تعالج نحو 2.3 فلسطيني مدني في غزة، بالإضافة لبيوت إيواء عائمة بسفن جنبا إلى جنب مع المشافي"، معتبرا أن فكرة إنشاء الميناء "ليست جديدة"، لافتا إلى أنه "موضوع قديم جديد طُرح قبل 10 أعوام".

واستدرك بالقول "لكن أفيغدور ليبرمان (رئيس حزب إسرائيل بيتنا اليميني المتطرف) أفشل الفكرة، عندما كان وزيرا للدفاع في ذلك الوقت، ووزير المواصلات يسرائيل كاتس".

وتابع الخبير بالشؤون العسكرية والإستراتيجية "أعاد كاتس طرح الفكرة مرة أخرى، وتوصل إلى اتفاق ومباركة من قبرص (الرومية) واليونان".

وبين أنه "سيتم تخصيص ميناء بقبرص مدفوع الأجر من الولايات المتحدة، بحيث يصل إلى موقع الميناء على شاطئ مدينة خانيونس على سواحل غزة"، موضحا أن "المسافة من ميناء قبرص إلى الميناء الأميركي في غزة تقدر بـ387 كيلومترا".

ولفت خريسات إلى أن "الشيء المهم هو أن جميع السفن التي ترسل المساعدات الإنسانية لا تذهب إلى الميناء الأميركي بغزة مباشرة، بل ستذهب إلى ميناء أسدود ليتم تدقيقها وفحصها ثم ترسل تحت سيطرة البحرية الإسرائيلية والمسيرات إلى القطاع الفلسطيني".

وقال "الجيش الأميركي سيبقى بالبحر وسيشرف من بعيد على الميناء لأنه يعتبر غزة بيئة معادية له".

ويرى الخبير الاستراتيجي الأردني، أن "بايدن قلق جدا مما سينتج من اجتياح الجيش الإسرائيلي لمدينة رفح جنوبي القطاع ومن عدم إنهاء الكارثة الإنسانية بغزة، الأمر الذي سينعكس على نتيجة الانتخابات في الولايات المتحدة"، مضيفا "لذلك سيسارع في بناء الميناء وسلاح المهندسين الأميركي بدأ بالفعل التحضر للتوجه إلى غزة"، متوقعا أنه "لن يكون هناك نشر لقوات أميركية في غزة، ولكن سيكون هناك وكالات دولية تكون مهمتها الإشراف على إيصال المساعدات".

وأكد أن "إسرائيل ستوافق على الميناء لسببين وهما تمرير صفقة تبادل الأسرى والهجوم البري على رفح بدون إغضاب واشنطن" وبذلك فإن "معبر رفح سيخرج عن الخدمة بالتأكيد لأن إسرائيل لا تثق به وتعتبره المدخل الرئيسي لأسلحة حركة حماس".

وخلال الأشهر الماضية منذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع صرح نتنياهو بأن الهجوم على مدينة رفح والسيطرة على محور فيلادلفيا (الحدود بين غزة ومصر) هي "مفتاح النصر"، حيث ترى إسرائيل أن الفصائل الفلسطينية تحصل على سلاحها من خلال تهريبه من الجانب المصري وهو ما نفته القاهرة في أكثر من مناسبة.

ويعتبر معبر رفح هو المنفذ الوحيد لغزة مع العالم الخارجي وخاصة في مسألة دخول المساعدات الإنسانية إليه خلال هذه الحرب التي قيدت فيها إسرائيل دخول المساعدات للقطاع ما يهدد بحدوث مجاعة خاصة في مناطق الشمال.

وكان تنقل الأفراد والبضائع من وإلى القطاع يتـم عبر 6 معابر وهي: بيت حانون (إيرز)، وكارني وناحل عوز وكرم أبوسالم وصوفا بالإضافة إلـى معبر رفح على الحدود مع مصر.

وبعد الحصار الذي فرضته إسرائيل على غزة منذ العام 2007، أغلقت جميع المعابر ما عدا معبري رفح وبيت حانون اللذين خصصا لتنقل الأفراد ومعبر كرم أبوسالم الذي خصص لنقل البضائع.

وتصاعدت أخيرا التحذيرات الإقليمية والدولية بشأن القصف الإسرائيلي على مدينة رفح مع الاستعداد لاجتياحها بريا وخطورة ذلك على مئات آلاف النازحين الذين لجؤوا إليها باعتبارها آخر ملاذ لهم أقصى جنوب القطاع.

وفيما تشير تقديرات دولية إلى وجود ما بين 1.2 إلى 1.4 مليون فلسطيني في رفح بعد أن أجبر الجيش الإسرائيلي منذ بداية توغّله البري بالقطاع في 27 أكتوبر من العام الماضي، مئات آلاف الفلسطينيين شمالا على النزوح إلى الجنوب، مدّعيا أنه "منطقة آمنة"، وهو ما ثبت عدم صحته مع سقوط آلاف القتلى والجرحى في الجنوب، بينهم نازحون.

وأعربت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الجمعة عن أملها في أن يُفتح ممر بحري مخصص للمساعدات الإنسانية من قبرص إلى غزة الأحد، في وقت تحذر فيه الأمم المتحدة من خطر مجاعة في القطاع الفلسطيني المدمّر جراء الحرب.

وقالت فون دير لايين بعد زيارة لميناء مدينة لارنكا بجنوب قبرص على بعد 380 كيلومترًا تقريبا من غزة "نحن قريبون جدا من فتح هذا الممر ونأمل أن يحدث ذلك هذا الأحد".

وجاءت تصريحاتها بعد ساعات على إعلان بايدن في خطاب حال الاتحاد السنوي أن الجيش الأميركي سينشئ ميناء مؤقتا في غزة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

وكان مسؤولون أميركيون قالوا إن المساعدات المعنية ستغادر من مدينة لارنكا في قبرص، الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي الأقرب جغرافيا إلى غزة، مشيرة بعد لقائها الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس إلى أنه سيتم إطلاق أول عملية تجريبية الجمعة.

وأوضحت أن دولة الإمارات ساعدت في تنشيط الممر "من خلال تأمين الدفعة الأولى من العديد من شحنات البضائع إلى سكان غزة". وقالت إن العملية التجريبية ستجرى بالشراكة مع منظمة "وولرد سنترال كيتشن" الأميركية غير الربحية التي توفّر وجبات خلال الأزمات الإنسانية والكوارث الوطنية.

وأصدرت المفوضية الأوروبية بيانا مشتركا مع قبرص والإمارات والولايات المتحدة والمملكة المتحدة "يؤيد تفعيل" ممر المساعدات البحرية إلى غزة.

وقال البيان إن "تسليم المساعدات الإنسانية مباشرة إلى غزة عن طريق البحر سيكون معقدا وستواصل دولنا تقييم وتعديل جهودنا لضمان إيصال المساعدات بأكبر قدر ممكن من الفعالية".

وأضاف "هذا الممر البحري يمكن بل يجب أن يكون جزءا من جهود متواصلة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية والسلع التجارية إلى غزة عبر جميع الطرق الممكنة"، مشيرا إلى أن نيقوسيا ستستضيف "قريبا اجتماعا لكبار المسؤولين لمناقشة كيفية تسريع هذه القناة البحرية".

وأعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد كامرون في منشور على منصة 'إكس' فتح واشنطن ولندن وشركائها "ممرا بحريا لإرسال المساعدات مباشرة إلى غزة". وقال "نواصل حثّ إسرائيل على السماح لمزيد من الشاحنات بالدخول إلى غزة باعتبارها أسرع وسيلة لإيصال المساعدات إلى من يحتاجون إليها".

وأوضح الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس أن الممرّ البحري يهدف إلى "زيادة" المساعدات من خلال استكمال الطرق الأخرى وعمليات الإنزال الجوي.

وقال مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية إن مبادرة قبرص "توفر منصة في ميناء لارنكا لنقل المساعدات المتّجهة إلى غزة ولتولي مسؤولين إسرائيليين فحصها".

ورحّبت إسرائيل الجمعة بفتح الممر البحري. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ليور هايات على منصة إكس "ستمكّن المبادرة القبرصية من زيادة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بعد إجراء عمليات تفتيش أمنية وفقا للمعايير الإسرائيلية".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى