الذكر الحكيم

>
هداية القرآن هي الأكمل

القرآن يهدي المسلم لأعلى مقامات السلوك البشري الممكن، وإن كان غير القرآن من مناهج أهل الأرض يهذب بعض السلوك فإن القرآن كمنهج رباني متكامل يهذب السلوك كله، ويرفع صاحبه، ويتسامى به في العقائد والعبادات، والأخلاق والمعاملات، فهو لا يقتصر على عقيدة جافة بلا أخلاق أو عبادات، ولا يقتصر على عبادات متعبة بلا عقيدة سمحة، أو معاملات، أو أخلاق، كما أنه لا يقتصر على أخلاق شفافة بلا عمل أو علم أو معاملة.

فمن تمسك به، وعمل بما فيه؛ نال الأجر الوفير في الآخرة، واستحق المكانة العالية في الدنيا، وإن كان من أقل الناس مالًا وجاهًا، ومن أعرض عنه ونأى بسلوكه عن تعاليمه فهو وشأنه مع الله، وساعتها لا تسْل لمن أعدت النار إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ۝ وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [الإسراء: 9-10].

قال السعدي في تفسيره: "يخبر تعالى عن شرف القرآن وجلالته، وأنه يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]. أي: أعدل وأعلى من العقائد والأعمال والأخلاق، فمن اهتدى بما يدعو إليه القرآن كان أكمل الناس، وأقومهم، وأهداهم في جميع أموره وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ [الإسراء:9] من الواجبات والسنن أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا [الإسراء:9] أعده الله لهم في دار كرامته لا يعلم وصفه إلا هو: وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [الإسراء:10] فالقرآن مشتمل على البشارة والنذارة، وذكر الأسباب التي تنال بها البشارة وهو الإيمان والعمل الصالح والتي تستحق بها النذارة وهو ضد ذلك".

تأملوا هذا المنهج الرباني التربوي الذي جاء تفصيله في حديث جُنْدُبِ بن عبدالله بن سفيان البَجَلِيِّ العَلَقِيِّ -رضي الله عنه- قال: “كُنَّا فِتْيَانًا حَزَاوِرَةً [جمع حَزَوَّر، وهو الغلام لم يبلغ وقد قارب] مَعَ نَبِيِّنَا ﷺ فَتَعَلَّمْنَا الْإِيمَانَ قَبْلَ أَنْ نَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ فَازْدَدْنَا بِهِ إِيمَانًا؛ وَإِنَّكُمُ الْيَوْمَ تَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ قَبْلَ الْإِيمَان.

ولم لا؟! أليس هو المنهج الرباني والأسلوب النبوي في التربية، الذي تكلم به من لا ينطق عن الهوى ﷺ؟! وما فائدة أن يكون الإنسان قادرًا على ترديد القرآن كلّه من الفاتحة إلى سورة الناس، ولكنه في الواقع يسير عكس المنهج التربوي للقرآن تمامًا؟!

وحال النبي ﷺ خير مثال يُحتذى به؛ إذ كان ﷺ يهتمُّ بالجانب العملي، ويقدّم الناحية التطبيقية؛ فأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- حينما سئلت عن خُلُقِ النبي ﷺ لم تجد سوى أن تقول: “فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللهِ ﷺ كَانَ الْقُرْآن.

ينبغي للمسلم أن يجتهد في استحضار قلبه عند التعامل مع القرآن وإفراغه من الصوارف التي تحجبه عن التأثر بالقرآن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى