الأمام أحمد بن حنبل

>
هو أبو عبد الله أحمد بن أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، ينتمي إلى قبيلة شيبان وهي قبيلة ربعية عدنانية، ولد في بغداد سنة 164هـ، وعندما بلغ الثالثة من عمره توفي والده، فقامت أمه بتربيته، تعلم أحمد القرآن الكريم وحفطه منذ صغره، وعندما بلغ الخامسة عشر من عمره بدأ رحلته في طلب العلم، فكان يذهب إلى مجالس الحديث، وبعد ذلك بدأ الإمام أحمد رحلاته في سبيل الحديث فذهب إلى الشام، والسواحل، والمغرب، والجزائر، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، والحجاز، واليمن، والعراق، وفارس، وخراسان، والتقى بالشافعي في إحدى رحلاته إلى الحجاز.

*مؤلفات أحمد بن حنبل

قام الإمام أحمد بتأليف كتاب المسند؛ ليكون مرجعاً للمسلمين فجعله مرتباً وفقاً لأسماء الصحابة الذين كانوا يروون الأحاديث، فكان الكتاب كبير الحجم، إذ بلغ عدد أحاديثه ما يقارب أربعين ألفا، تكرر منها عشرة آلاف حديث، ويحتوي على ثلاثمئة حديث ثلاثي الإسناد، وقام بترتيب كتابه على المسانيد فجعل مرويات كلّ صحابي في موضع واحد، وعدد الصحابة الذين لهم مسانيد في مسند الإمام أحمد 904 صحابي، وله أيضاً عدّة مؤلفات منها 13 كتاب.

*المنهج العلمي للإمام أحمد بن حنبل

كان الإمام أحمد محدثاً أكثر من كونه فقيهاً، وكان لا يكتب إلّا القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، لذلك عرف فقهه بالفقه المأثور،كان شديد الحرص فيما يتعلق بالفتاوى فكان لا يفتي في مسألة إلّا إن أفتى بها أحد من قبل سواء صحابي أو تابعي، أو إمام، وكان الإمام أحمد شديد التحفظ بالأمور التي تتعلق بالعبادات، أمّا في المعاملات فتميز فقهه بالسهولة، والمرونة، فتمسك أحمد بنصوص الشرع التي تيسر ولا تعسر.

واجتمع للأمام أحمد خمسة أمور لم تجتمع لشخص إلا سارت به إلى العلا والسمو النفسي، والبعد عن سفساف الأمور، والاتجاه إلى معاليها، تلك الأمور هي : شرف النسب والحسب، واليتم الذي يُنَشِّئُه منذ فجر الصبا معتمدا على نفسه، وحالٌ من الفقر غير المدقع، لا تستخذي به النفس، فلا يبطرها النعيم، ولا تذلها المتربة، ومع هذه الخصال قناعةٌ ونزوعٌ إلى العلا الفكري بتقوى الله تعالى، والْتَقَى كل ذلك بعقل ذكي وفكر ألمعي .

نشأ الإمام أحمد ببغداد، وتربى بها تربيته الأولى ، وقد كانت تموج بالناس الذين اختلفت مشاربهم، وتخالفت مآربهم، وزخرت بأنواع المعارف والفنون، فيها القراء والمحدثون والمتصوفة وعلماء اللغة والفلاسفة، فقد كانت حاضرة العالم الإسلامي، رادَ فِقهَ الرأي في صدر حياته، بدليل أنه تلقَّى أول الحديث عن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، وهو قد كان من فقهاء الرأي ذوي القدم الثابتة فيه، ثم اتجه إلى الحديث، وعندما اعتزم في مستهل شبابه طلب الحديث كان لا بد أن يأخذ عن كل علماء الحديث في العراق والشام والحجاز ، ولعله أولُ محدِّث قد جمع الأحاديث من كل الأقاليم ودوَّنها، فمسنده شاهد صادق الشهادة بذلك ، فهو قد جمع الحديث الحجازي والشامي والبصري والكوفي جمعا متناسبا .

لزم في بداية طلبه إماما من أئمة الحديث في بغداد ، واستمر يلازمه نحو أربع سنوات، فلم يتركه حتى بلغ العشرين من عمره، ذلك الإمام هو هشيم بن بشير الواسطي (ت 183هـ)، ثم في سنة (186هـ) ابتدأ رحلاته ليتلقى الحديث في عدة بلدان ذكرنها سابقا.

رحل إلى الحجاز 5 مرات، أولاها سنة (187هـ)، وفي هذه الرحلة الْتَقَى مع الشافعي، وأخذ مع حديث ابنِ عيينة فقهَ الشافعي وأصولَه وبيانَه لناسخ القرآن ومنسوخه، وكان لقاؤه بالشافعي بعد ذلك في بغداد عندما جاء الشافعي إليها وفي جعبته فقهه وأصوله محررة مقررة.

خرج إلى الحج 5 مرات ، 3 منها حج فيها ماشيا، وضل في إحداها عن الطريق ، وكان يستطيب المشقة في رحلة العبادة وطلب الحديث، حتى إنه نوى سنة (198هـ) أن يذهب إلى الحج هو ورفيقه يحيى بن معين، وبعد الحج يذهبان إلى عبد الرزاق بن همام بصنعاء اليمن، وبينما هما يطوفان طواف القدوم إذا عبد الرزاق يطوف، فرآه ابن معين وكان يعرفه، فسلم عليه، وقال له: هذا أحمد بن حنبل أخوك، فقال حياه الله وثبته، فإنه يبلغني عنه كل جميل . قال: نجيئ إليك غدا إن شاء الله حتى نسمع ونكتب . فلما انصرف قال أحمد معترضا: لم أخذت على الشيخ موعدا؟ قال: لنسمع منه، قد أراحك الله مسيرة شهر، ورجوع شهر، والنفقة . فقال أحمد: ما كنت لأفسد نيتي بما تقول؛ نمضي ونسمع منه، ثم مضى بعد الحج حتى سمع بصنعاء، وفي الطريق انقطعت به النفقة حتى أكرى نفسه من بعض الحمالين، ورفض كل مساعدة من غيره. نكمل قصته بعد غدا أن شاء الله

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى