معركة يمنية مفتوحة ضد التلاعب باستقرار الريال المنهار

> «الأيام» العرب:

> فرضت قضية التلاعب باستقرار العملة المحلية في اليمن على السلطات النقدية في عدن دخول معركة مفتوحة ضد المخالفين الذين تحدوا قرارات البنك المركزي في عدن والمتعلقة بمنع التحويلات إلى مناطق سيطرة الحوثيين.

وتحوّل البلد بعد تسع سنوات من حرب طاحنة بين قوات الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي المسيطرة على العاصمة صنعاء وبعض المحافظات المهمة في الشمال إلى نموذج للدولة المنهارة مع الاعتماد بشكل مفرط على المساعدات الخارجية.

وأوقف المركزي الأربعاء الماضي التعامل مع البنوك وشركات الصرافة المخالفة لتعليماته، وبينها خمسة من أكبر البنوك والمؤسسات المصرفية والمالية في البلاد، في تحرك يؤكد مدى صعوبة الأوضاع المالية والمعيشية التي تمر بها مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.

وكان البنك قد ألزم في يوليو 2020 كافة المتعاملين في القطاع المالي بهذه الأمر، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على سعر الريال الذي يسير في طريق الانهيار نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية بعد أن بلغت مستويات اعتبرها خبراء كارثية.

والبنوك المخالفة هي التضامن، أحد أكبر البنوك التجارية في اليمن، والأمل للتمويل الأصغر ومصرف اليمن والبحرين الشامل وبنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي.

كما وجه البنك المركزي بإيقاف التعامل مع 13 شركة صرافة في محافظة مأرب شمال شرق البلاد على خلفية مخالفة للتعليمات.

وأكد مسؤول رفيع في البنك المركزي لرويترز الأربعاء الماضي أن أسباب الخطوة هي عدم التزامها بحصر تحويل الأموال على الشبكة الموحدة لتحويل الأموال التي يشرف عليها البنك واستمرار تلك المنشآت بالتعامل مع شبكات تحويل الأموال إلى مناطق الحوثيين.

وقال المسؤول إن “البنك المركزي أوقف مطلع الأسبوع عمليات تحويل الأموال عبر مختلف شبكات الصرافة من المناطق المحررة في جنوب اليمن إلى مناطق سيطرة الحوثيين بالشمال”.

وأشار إلى أن وقف عمليات تحويل الأموال إلى مناطق الحوثيين جاء بسبب منع الجماعة المتحالفة مع إيران لشبكات شركات الصرافة في صنعاء من الربط مع الشبكة الموحدة الخاصة بالتحويلات المالية التابعة للبنك المركزي في عدن.

وينفذ البنك المركزي الذي يرأسه أحمد المعبقي قرارات الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية والتي تشكو من ضعف العملة وارتفاع أسعار الوقود والسلع الأولية.

ويأتي الإجراء الأخير، الذي أقدم عليه المركزي في وقت واصلت فيه قيمة العملة المحلية هبوطها الحاد لتصل إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق أمام الدولار والعملات الأجنبية في مدينة عدن، حيث اقترب سعر الدولار من حاجز 1700 ريال.

وأكد صرافون ومتعاملون في عدن لرويترز أن سعر الصرف في تعاملات السوق الموازية مساء الأربعاء الماضي بلغ 1658 ريالا للدولار للشراء و1670 للبيع، بعد أن كان 1640 للشراء و1690 للبيع قبل أسبوع.

غير أن مصادر مصرفية ذكرت أن أسعار صرف الريال في العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي بشمال اليمن مازالت ثابتة عند 530 ريالا للدولار .

وتسبب الصراع المستمر بالبلاد في انخفاض خطير في قيمة العملة اليمنية ونقص في الاحتياطيات الأجنبية وأوجد ما تسميه الأمم المتحدة أكبر أزمة إنسانية في العالم.

ووفقا للبنك الدولي، يحتاج نحو 21.6 مليون يمني إلى أيّ شكل من أشكال المساعدات الإنسانية، مع وجود 19 مليونا إما في أزمة من الأزمات، أو في حالة من حالات الطوارئ، أو في مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي.

وأصاب الاقتصاد اليمني شلل تام منذ سيطرة ميليشيات الحوثي على صنعاء ومؤسساتها السيادية في شهر سبتمبر 2014 ونهبها لاحتياطات البنك المركزي.

واستولى الحوثيون على نحو 85 في المئة من الإيرادات العامة للدولة من ضرائب وجمارك وحصص الدولة في الشركات الحكومية، إضافة إلى الضرائب غير القانونية تحت مسمّيات مختلفة مما فاقم العجز في مالية الدولة.

كما أفرزت الحرب تدهورا في النظام المالي، حيث ثمة بنكان مركزيان متنافسان أحدهما خاضع للحكومة المعترف بها دوليا في عدن والآخر لجماعة الحوثي في صنعاء.

وبسبب الأزمة الاقتصادية لجأت الحكومة الشرعية في بعض الفترات إلى طباعة النقود لتمويل عجز الميزانية، لكن في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث يُحظر ذلك الإجراء، يبلغ السعر نحو 600 ريال للدولار.

وتؤكد المؤشرات أن الصراع بين شقي المركزي ساهم في بروز حالة انفلات مصرفي، وخصوصا بعد منع الحوثيين تداول العملات الجديدة التي طبعها المركزي في عدن.

وبينما يلقي خبراء باللائمة على الحرب في ما يتعلق باستمرار الانهيار الاقتصادي والسقوط المتسارع للريال، فإن غياب أيّ إجراءات اقتصادية ونقدية حقيقية ساهم في ازدهار السوق السوداء للعملة التي تمكنت من إدارة عجلة اقتصاد الحرب بما يخدم مصالح النافذين.

ويعاني اليمنيون من ظروف معيشية كارثية اقتربت من حد المجاعة في معظم المناطق نتيجة التدهور الاقتصادي وغياب فرص العمل وتوقف صرف الرواتب في مؤسسات القطاع العام في مناطق سيطرة الحوثيين منذ الانقلاب.

وتسببت التوترات الأمنية في اضطراب نشاط الأسواق المحلية في كافة المحافظات وسحب العملة الصعبة منها، وبالتالي ارتفاع قيمتها مقابل الريال، مما انعكس بشكل مباشر على أسعار السلع المختلفة.

وتواجه الحكومة تحديات مالية واقتصادية خانقة في تمويل رواتب القطاع العام والبنية التحتية بسبب احتياطيات النقد الأجنبي المستنفدة فضلا عن تراجع صادرات النفط وشلل قطاعي الأعمال والسياحة وتقهقر الزراعة رغم الدعم المالي الذي تقدمه دول خليجية.

ومنذ عامين، شنت جماعة الحوثي هجمات على ثلاثة موانئ نفطية، هي الضبة والنشيمة وقنا في محافظتي حضرموت وشبوة شرق البلاد، وسط دعوات محلية ودولية لوقف الهجمات.

وتراجع إنتاج النفط، الذي يعد أحد موارد الدولة سابقا، إلى 60 ألف برميل يوميا بعد أن كان قبل الحرب ما بين 150 و200 ألف برميل يوميا، في حين كان يزيد على 450 ألف برميل يوميا عام 2007 وفقا للبيانات الرسمية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى