الله يسامحك يا اباه!

> الله يسامحك يا اباه، والله يسامحك يا أماه، ربيتمونا وعلمتمونا أن نقول الحق والصدق دائمًا، وأن الكذب حرام، والغش حرام، والسرقة حرام، والبسط والاستيلاء على أملاك الغير حرام، هذا ما كان سائدًا بمجتمعكم، وما تعلمتموه أنتم من آبائكم ومن أمهاتكم، ونحن وأنتم تلقفناه بالفطرة ومارسناه بصدق وإخلاص، وهذا ما نقلناه لأولادنا ويا للأسف! وأقول للأسف لأننا في آخر زماننا لم نرَ غير التنغيص والتدليس والخداع والمكر كل ذلك سائد والله يستر على أولادنا وما سيعانونه مستقبلا.

كان زمان يا والديَّ بأيامكم وأيامنا رجالات المجتمع تجارًا وأئمة وأساتذة وساسة وعسكريين وناسًا بسطاء يخافون الله ويتعاملون بنيات صادقة وإخلاص، ولا يوجد للكذب مطرح إلا تعريضًا وفي بعض الأحيان اضطرارًا للهروب من مخنق، وكان رجال السياسة من وجهاء وأعيان القوم يحترمون أنفسهم ويحترمون ما يعدون به في خطبهم ويحترمون الشعب الطيب الصادق، فلا كذب ولا تدليس ولا اختلاسات ولا فساد في المعاملات ولا في الانتخابات المجتمعية كالنقابات ولا بمجالس البلديات ولاحقًا بالمجلس النيابي والتنافس كان شريفا بل أن المتقدمين لهذه التنافسات لا تشوبهم شائبة من الأعيان وذوي الأعمال المجتمعية التي تخدم المجتمع ومن نزاهتهم أنهم كانوا يصرفون من جيوبهم لجلب وكسب أصوات الناخبين بمبالغ رمزية لا يوجد فيها اختلاسات المال العام أو فرض إتاوات على رجال المال والاقتصاد قوةً وبسطًا وسلبًا، وما سمعنا بهذا مطلقًا وإن حدث ذلك فستكون فضيحة بجلاجل ويا ويله من النظام والقانون السائد.

هكذا كان الحال سائدًا في بداية عمرنا، وبقي الحال بعده بنفس المنوال تقريبًا باختفاء المبالغ المالية التنافسية في الانتخابات وكانت لاحقا الانتخابات معنوية وظهور الصوت الواحد لا صوت يعلوا فوق صوت الحزب وبقائمة منزلة واختيار شخوص من بينهم.

وراح زمان وجاء زمان فيه كل شيء مسموح به، الكذب والتدليس والسرقة ونهب الحق الخاص والعام وبسط على أراضي الدولة، وأراضي الشعب وسلب القوي حق الضعيف، وما أحد يحاسب أحدًا واختلاسات وغش تطبيقًا لمبدأ "شفت الناس سرقوا فسرقت" والمصيبة الكبرى والكارثة حين تسمع زعماء الشعب ينتفضون ثورة وشططًا وأنهم سيعَّجِلون برقي المجتمع ويعدوهم بلبس القتر والبشت وبركوب أغلى موديلات المركبات ويستعطرون بأغلى الأنواع وسيعاقبون السرق وهذا ما حدث فعلًا وللأسف ليس للشعب بل؛ والقيادات الثورية وشفناهم لابسين أغلى الثياب والقتر وبالعطور يرفلون ولم يعاقبوا السرق لأنهم سرقتهم تجاوزت البسط على الكيلومترات والفدادين وبامتلاك وتملك بنايات وعقارات الدولة مكافأة لهم لأنهم تكلموا بالمايكروفونات وتصوروا وهم يخطبون بمعاقبة السرق!! والله يسامحك يا اباه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى