سلطنة عمان قناة للوساطة تمر منها الكثير من الخيوط إقليميا ودوليا

> مسقط "الأيام" العرب:

> ​أعادت الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إلى مسقط تسليط الضوء على الدور العماني في المنطقة، وهو دور تمر منه خيوط الأزمات الإقليمية، وبات مقبولا ومعترفا به ومطلوبا لتبريد تلك الأزمات.

وأكدت زيارة عبداللهيان أهمية السلطنة قناة للوساطة في ظل ما جرى من حديث عن استنجاد طهران بالوساطة العمانية من أجل تأمين رد محدود يحفظ لإيران ماء الوجه ولا يزعج إسرائيل ولا الأميركيين، في صيغة تشبه الرد الإيراني على مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني بإطلاق بعض الصواريخ على قاعدة عين الأسد الأميركية من دون خسائر ذات بال.

وخلال السنوات الماضية كانت سلطنة عمان وجهة لاجتماعات بعضها معلن والبعض الآخر سري بهدف التوصل إلى حل لوقف الحرب في اليمن بدعم من إيران والسعودية والولايات المتحدة. كما أمنت لقاءات بين مسؤولين أميركيين وحوثيين، وقبلها بين الأميركيين والإيرانيين ما سهل مهمة التوصل إلى الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني في 2015 قبل أن تتراجع عنه إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

وما يحسب للسلطنة أنها بالرغم من الأهمية التي باتت تمتلكها لدى مختلف الفاعلين تمارس دورها بذكاء ودون ضجيج أو استعراض كلامي أو إعلامي وتتجنب أخطاء القطريين الذين عملوا على توظيف الوساطة في موضوع غزة وقبله أزمة أفغانستان لإظهار أهمية بلادهم إقليميا، لكن ذلك قاد إلى العرقلة وجعل بعض الأطراف تتهم الدوحة بأنها منحازة، مثل اتهامها من قبَل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدعم حماس.

ولا تعلن مسقط عن سعيها لاكتساب نفوذ إقليمي بأي شكل من الأشكال، وهي تستقبل السياسيين الزائرين بهدوء وتنتقد بهدوء، ولا تحمّل نفسها أعباء سياسية أو مالية، ما يجعل دورها مؤثرا ووساطتها مقبولة، ولكن في سياق نفوذ الوسيط الذي لا يبالغ بدوره ولا يستعجله.

وتتضمّن استضافتها لعبداللهيان والمؤتمر الصحفي المشترك الذي ظهر فيه مع وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي تذكيرا بأن لها نفوذا في حربين قائمتين الآن، بقايا حرب اليمن وحرب غزة الإقليمية بامتداداتها نحو جنوب البحر الأحمر.

وقال البوسعيدي إن “عُمان تدعم جهود خفض التصعيد في المنطقة، ومعالجة مختلف القضايا والصراعات، وأن يكون صوت الحكمة حاضرا في هذا الجانب”، وفق ما نقلته وكالة الأنباء العمانية الرسمية.

ولم يضع وزير الخارجية العماني بلاده في موقع الداعم لإيران ولو من باب المجاملة، بل دعا جميع الأطراف، بمن فيها الإيرانيون، إلى خفض التصعيد، وهذا أحد شروط الوساطة الفعالة التي يتخذ من يقومون بها مسافة في الموقف المعلن من مختلف الأطراف.

وقال عبداللهيان إن بلاده “تجري مشاورات مع سلطنة عُمان على أعلى مستوى بشأن اتخاذ المواقف المهمة في المنطقة والعالم، وهناك اتفاق بين الجانبين على ضرورة وقف الحرب والإبادة في غزة فورا”.

ويبدد الحياد العماني في موضوعات الساعة، بما في ذلك القصف الإسرائيلي لقنصلية إيران في العاصمة السورية، الاتهامات التي دأب البعض على توجيهها إلى السلطنة بأنها تخدم خطط إيران في المنطقة، في حين أن الواقع يقول إن طهران تستنجد بالقناة العمانية للبحث عن مخرج لتصعيد مع إسرائيل قد يقودها إلى حرب ليست مستعدة لها.

وتأتي زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان في سياق توترات إقليمية قوية فاقمها هجوم الأول من أبريل المنسوب إلى إسرائيل ضد القنصلية الإيرانية في دمشق، على خلفية الحرب المستمرة في غزة بين الدولة العبرية وحركة حماس.

وكانت طهران قد توعدت بالرد على قصف القنصلية الذي تسبب في مقتل سبعة عناصر من الحرس الثوري، من بينهم اثنان من كبار الضباط.

وقال عبداللهيان إن هذا القصف “هجوم إرهابي باستخدام الطائرات والصواريخ أميركية الصنع”. وأجرى عبداللهيان الأحد محادثات في مسقط مع محمد عبدالسلام، المتحدث باسم المتمردين الحوثيين المدعومين من طهران والذين شنوا عشرات الهجمات على سفن في البحر الأحمر تضامنا مع الفلسطينيين في قطاع غزة، في الوقت الذي قال فيه مراقبون إن اللقاء يهدف إلى التغطية على السبب الحقيقي للزيارة.

ومثلما تعول إيران على السلطنة لفتح قنوات التواصل مع الأميركيين، فقد سبق أن راهن السعوديون على الخبرة التي راكمتها الدبلوماسية العمانية في معالجة الملف اليمني، وكذلك احتفاظ السلطنة بعلاقات وثيقة مع أبرز الفاعلين في الملف، بمن في ذلك الحوثيون وداعمتهم إيران، لانتشال المسار السلمي من الانهيار خاصة بعد تطورات الحرب في البحر الأحمر، التي ينتظر أن يرفع الحوثيون بعدها سقف مطالبهم.

واستضاف العمانيون في السنوات القليلة الماضية كبير المفاوضين الحوثيين، وقد عملوا على تحرير عدد من الرهائن، من بينهم بعض الأميركيين. كما رفضوا أن يكونوا جزءا من التحالف العربي في اليمن الذي تقوده السعودية، وبهذا المعنى ظلوا محايدين منذ بداية الصراع، وأرسلوا وفدا كبيرا إلى صنعاء، بين الخامس والحادي عشر من يونيو العام الماضي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى