«إيكونومست»: إيران أخرجت حربها الطويلة مع إسرائيل إلى العلن… والمستقبل مجهول

> ​«الأيام» القدس العربي:

>
قالت مجلة «إيكونومست» إن واحداً من أقدم النزاعات في الشرق الأوسط دخل مرحلة جديدة، مشيرة إلى أن الهجوم الإيراني على إسرائيل أنهى القواعد القديمة ووضع الحلفاء في موقف حساس.

وعلقت «قضى الشرق الأوسط النصف الأول من هذا الشهر ينتظر انتقام إيران من غارة إسرائيلية في 1 نيسان/أبريل قتلت جنرالين بارزين في مجمع السفارة الإيرانية في دمشق. وعندما حدث في 14 نيسان/أبريل، فقد كان جريئاً أكثر من المتوقع، وابل من السلاح مكون من أكثر من 300 صاروخ ومسيرة موجهة ضد إسرائيل. وكونه لم يؤد لمقتل أحد والقليل من الضرر لا يقلل من أهميته: فهذه هي المرة الأولى التي تضرب فيها إيران إسرائيل مباشرة».

والآن تنتظر المنطقة وبعصبية متى وكيف سترد إسرائيل ردها المحتوم. ومن هنا فيجب على شركاء إسرائيل في الغرب، وتحديداً أمريكا، بناء توازن حساس بين الدفاع عن حليفتهم ومحاولة ضبطها. وتقول المجلة إن «الدول العربية الصديقة في وضع حرج، أيضاً». وعلى المتحاربين أنفسهم، إيران وإسرائيل الإبحار في نزاع تمزقت فيه قواعد الإشتباك بشكل مفاجئ».

وعلقت المجلة أن «لا أحد شك بانتقام إيران، فأشهر من الغارات الإسرائيلية قضت بشكل شبه كامل على قيادة الحرس الثوري الإيراني في سوريا. وكان الهجوم على القنصلية الإيرانية القشة الأخيرة للمتشددين الذين طالبوا برد قوي. ولكن المراقبين، بمن فيهم إسرائيل، اعتقدوا أن إيران سترد بطريقة أقل مباشرة، ومواصلة سياستها الطويلة وضرب إسرائيل عبر جماعاتها الوكيلة بدلاً من المواجهة المباشرة».

وقالت إن إيران أعلنت عن هجومها المرتقب ولأيام طويلة ومنحت وقتاً طويلاً لتحضير الرد، ليس فقط لإسرائيل، ولكن لتحالف أعدته أمريكا خصيصاً للرد وضم بريطانيا وفرنسا والأردن ودول عربية أخرى. وأسقطوا كل المسيرات والصواريخ التي أرسلتها باستثناء حفنة ضرب إسرائيل، منها أربعة صواريخ ضربت قاعدة نيفاتيم الجوية في جنوب إسرائيل وتسببت بأضرار طفيفة.

وتعهد قادة إسرائيل بالرد «أي عدو يقاتل ضدنا، فسنعرف كي سنضربه، أياً كان»، هذا ما قاله وزير الدفاع يواف غالانت في 16 نيسان/أبريل. وقالت المجلة إن الرد يتراوح من ضرب القواعد العسكرية الإيرانية إلى حرب سيبرانية إلى تدمير البنى التحتية وضرب الحرس الثوري الإيراني في الخارج. وتضيف أن الحلفاء قضوا أياما وهم يدعون إلى ضبط النفس، فقد أخبر جو بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن الولايات المتحدة لن تدعم أي ضربة مباشرة ضد إيران. ويخشى الرئيس الأمريكي من توسع الحرب الانتقامية والقصف، واندلاع حرب إقليمية حاول منعها في تشرين الأول/أكتوبر، وأرسل قادة أوروبا نفس الرسالة.

ومن أجل إقناع إسرائيل عدم الرد، فعليهم التعهد لها بأنهم يتعاملون مع الخطر الإيراني بجدية. وهذا كلام من السهل قوله بدلاً من فعله. فقد وعدت أمريكا بفرض عقوبات على برامج إيران الصاروخية وصناعة المسيرات، لكن هذا لا يكفي لطمأنة إسرائيل. ويشير بعض المسؤولين الامريكيين لفكرة أكبر، ويشيرون للتعاون غير المسبوق بين الدول الغربية والعربية خلال الهجوم الإيراني.

فقد أسقط الطيران الأردني مسيرات إيرانية، فيما ساعدت دول عربية العربية أخرى خلف الأضواء. وتعاون كهذا يحقق الهدف الطويل الذي تسعى إليه الولايات المتحدة. فعلى مدى سنين حثت الدول العربية وإسرائيل لبناء تكامل في الدفاعات على أمل إضعاف ترسانة إيران العسكرية. ولو تجنبت إسرائيل الرد، فهناك إمكانية لتعزيز التحالف الإقليمي كما يقول هؤلاء المسؤولون. والفكرة جاذبة للمسؤولين الإسرائيليين، وقال عضو حكومة الحرب بيني غانتس «هذا الحادث لم ينته» و»يجب تقوية التعاون الإقليمي الذي بنيناه وصمد أمام امتحان مهم».

وكلام كهذا لا يريح الدول العربية الغاضبة من ضرب إسرائيل غزة والخائفة من الانتقام الإيراني، حيث هددت الأردن بالرد إن تعاون أكثر مع إسرائيل. وقال الأردن، وهو مصيب، بأنه استهدف المسيرات والصواريخ الإيرانية لأنها خرقت مجاله الجوي. كما اعتقد الأردن أن هناك منفعة سياسية، فالمملكة هي واحدة من أكثر الدول في العالم اعتماداً على المساعدات. وتعتبر أمريكا من أكبر المانحين للأردن، وقدمت له 1.2 مليار دولار إلى جانب دعم عسكري يمثل 20% من ميزانية الدفاع في الأردن عام 2022.

ومساعدة إسرائيل تعطي ملك الأردن دفعة لدى المشرعين الأمريكيين. ولدى دول الخليج دوافع أخرى، فقد شعر المسؤولون الخليجيون بالانزعاج من رؤية أمريكا وهي تسارع للدفاع عن إسرائيل، وقارنوا ردها عندما ضربت المسيرات والصواريخ الإيرانية المنشآت النفطية السعودية عام 2019 و2022، عندما ضربت أبو ظبي، حيث لم تفعل الولايات المتحدة إلا القليل.

وتعتقد المجلة أنه لا يمكن المقارنة بين الوضعين، ففي حالة الضربة السعودية والإمارات لم تكن هناك تحذيرات مبكرة. وتأمل السعودية بالحصول على معاهدة أمنية مع الولايات المتحدة مقابل دعمها أمريكا في العملية الأخيرة، ومن هنا فقادة الخليج أرادوا إظهار أن الترتيبات الرسمية تعود بمنافع ملموسة على الجميع.

ورغم التشارك بين هذه الدول العربية وإسرائيل بخطر إيران، إلا أن هذا لن يلغي الغضب العربي مما تفعله إسرائيل في غزة أو الخوف من الرد الإيراني بسبب مشاركتها في الدفاع عن إسرائيل. والشروط التي تضعها هذه الدول هو وقف إطلاق النار في غزة وتعهد أمريكي بالدفاع عنها لو تعرضت لهجوم، ولا يبدو أن أيا من هذا سيتحقق قريبا. وتحذر المجلة قادة إسرائيل من الثقة الزائدة بالنفس، فقد كانت الدفاعات الجوية لديهم مثيرة للدهشة، هذا لأنهم حصلوا على تحذيرات مبكرة وللدفاع من الدول الخارجية عنهم. فهجوم مفاجئ سيكون أفعل. ويمكن لإيران تكرار العملية الكثير من المرات، فلديها ترسانة من الصواريخ الباليستية تقدرها أمريكا بحوالي 3,000 صاروخا. ولم تستخدم في العملية الأخيرة سوى 4% من قدراتها الصاروخية، ووصلت نسبة كبيرة منها إسرائيل وفي ليلة واحدة وإن لم تترك أثرا. وكان وراء الهجوم الإيراني هدفان وهما إرضاء المتشددين وردع إسرائيل عن القيام بغارات في المستقبل.

وفشلت في تحقيق الهدف الثاني، فعدم إصابتها أي هدف ذا قيمة، كشف عن ضعفها وفتح المجال أمام رد وليس ردع هجمات جديدة. كل هذا يقترح خطرا طويل المدى، يتعلق بالمشروع النووي الإيراني. فقد قضى بايدن الفترة الأولى من رئاسته في محاولة لإحياء المعاهدة النووية التي خرج منها دونالد ترامب عام 2018، وفشل.
ولدى إيران مخزونا من اليورانيوم بحجم 122 كيلو وبنقاوة 60%، وتستطيع انتاج ثلاث قنابل نووية لو قامت بتخصيب مزيد من اليورانيوم للمستوى المطلوب لإنتاج القنبلة.

واتسم الإيرانيون بالحذر ووصلوا «عتبة القنبلة النووية» ولكنهم ابتعدوا عن تجاوزوها خشية عقوبات عسكرية متعددة او ضربة عسكرية. وغيرت الأسابيع الثلاثة الحسابات، فإن لم تكن المسيرات والصواريخ كافية لردع إسرائيل، فلربما فكروا في تطوير برنامجهم النووي، وقد يستدعي هذا ردا إسرائيليا. وقررت إيران إخراج حربها القديمة مع إسرائيل للعلن، ولا يمكن لأحد والحالة هذه التكهن بنتائج قرارها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى