​تنافس المسؤولين على ابتكار الأزمات بدلًا من الحلول

>
في بلد يبدو فيه أن المسؤولين قد حولوا الحكم إلى ميدان للمنافسة على اختلاق الصعوبات، فمن الواضح أن الوزراء والمدراء المكلفين بخدمة الشعب قد أتقنوا مهارة تعقيد الحياة، وإفقار المواطنين، ومحاصرتهم وسط مجموعة من المشاكل التي باتت تحيط بهم من كل الاتجاهات، وعلى كل المستويات الإدارية، يخوض هؤلاء المسؤولين سباقًا لا هوادة فيه للتفوق على بعضهم البعض في ابتكار الأزمات، وافتعال المشاكل، والإمعان في جعل حياة الناس أكثر صعوبة وتعقيدًا.

إن المنافسة بين هؤلاء المسؤولين المتعطشين للسلطة لاستعراض براعتهم في اختلاق عقبات وصعوبات جديدة للشعب ليست أقل من رائعة.  ويبدو كما لو أنهم أخذوا على عاتقهم ضمان توريط كل مواطن في شبكة معقدة من المشاكل التي لا يستطيع الفكاك منها، تنفيذًا لأجندة خارجية هي التي تقف خلفهم وتدعمهم وتحميهم بعد أن أوصلتهم للسلطة بشكل أو بآخر.

وفي حين أن الدور الأساسي للحكم يتمثل في تخفيف الأعباء عن المواطنين وتعزيز الشعور بالرفاهية، فإن الواقع في بلادنا يرسم صورة قاتمة لحكومة تبدو عازمة على إلحاق المعاناة بشعبها.  وبدلًا من السعي لتحسين مستوى المعيشة وضمان بيئة آمنة للجميع، فإن ما تسمى بالحكومة الشرعية منهمكة بالانخراط في أعمال تؤدي إلى تفاقم الصعوبات التي يواجهها الناس، وبدلًا من خدمة مصالح الشعب، فإنها تتبنى  أجندة مثيرة للقلق تشمل التعذيب والتجويع واختلاق المشاكل والأزمات. وقد أدى هذا النمط المزعج من السياسات إلى شعور المواطنين بالإرهاق والحرمان والوقوع في فخ دائرة اليأس.

إنه إدراك واقعي أن هؤلاء المسؤولين، والذين ينبغي أن يكونوا في الوضع المثالي ركائز الدعم والحماية للشعب، أصبحوا بدلًا من ذلك مهندسو عذابهم. 

 وبينما يجد المواطنون أنفسهم متورطين في دائرة لا تنتهي من الشدائد، يصبح من الواضح بشكل متزايد أن أولويات الحكومة ـ رئيسًا ووزراء وما دونهم ـ لا تكمن في خدمة الشعب بل في تعزيز الأجندة التي تخدم مصالحهم الذاتية ومصالح من يقف خلفهم على حساب المصلحة العامة للشعب والوطن.

إن الشبكة المعقدة من الخداع والتلاعب التي تحيط بهؤلاء المسؤولين لا تؤدي إلا إلى ترسيخ قبضتهم على السلطة، مما يترك المواطنين تحت رحمتهم.
 ومع استمرار الحكومة اليمنية في السير على طريق العذاب والبؤس هذا، تطرح أسئلة حول نواياها ودوافعها الحقيقية.

ما الذي يدفع المسؤولين إلى الانخراط في أعمال تتعارض مع مبادئ الحكم الرشيد والخدمة العامة؟  وما الذي يمكن فعله لمحاسبتهم على أفعالهم؟

في بلد يعاني بالفعل من العديد من التحديات، بما في ذلك الحرب والفقر وعدم الاستقرار، فإن تصرفات حكومة الشرعية لا تؤدي إلا إلى تفاقم معاناة شعبها.  ومع تزايد الدعوات للإصلاح والمساءلة، يبقى أن نرى ما إذا كانت الحكومة ستستجيب لهذه المطالب وستعمل على الوفاء بواجبها في خدمة مصالح الشعب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى