> «الأيام» برّان برس:

أكدت السلطة المحلية بمحافظة مأرب "شمالي شرق اليمن"، أن جميع الطرقات من جانب محافظة مأرب مفتوحة من تاريخ 22 فبراير 2024م، وذلك ردًا منها على إعلان جماعة الحوثي المصنفة عالميا في قوائم فتح طريق (البيضاء - الجوبة - مأرب)، بعد نحو 3 أشهر من مبادرة عضو مجلس القيادة الرئاسي، اللواء سلطان العرادة، لفتح الطرقات.

واستغربت سلطات مأرب "تأخر الحوثي كل هذه المدة في التعاطي مع مبادرة فتح الطرقات رغم ما تمثله من أولوية ملحة للمسافرين وحياة الناس"، مجددة تأكيدها على فتح جميع الطرقات كـ "حق أصيل للمواطن اليمني في كل المحافظات".

وفي 22 فبراير الماضي، أعلن عضو مجلس القيادة الرئاسي، اللواء سلطان العرادة، فتح الطريق الرابط بين مأرب وصنعاء عبر "فرضة نهم"، من جانب واحد، وطالب الطرف الآخر (الحوثيين) بالقيام بخطوة مماثلة، وإبعاد موضوع الطرقات عن المزيدات السياسية.
  • استجابة العرادة وهروب الحوثي
وقال العرادة خلال إعلان مبادرته التي جاءت استجابة لمطالب شعبية واسعة لأطراف الحرب في اليمن لفتح الطرقات وتخفيف المعاناة عن المواطنين: "من جانبنا نحن لا نرى أن هناك أي ضرر مترتب على عبور المواطنين من الطرقات".

وأبدى استعداد القيادة السياسية والعسكرية إلى فتح الطرق الأخرى (مأرب – البيضاء – صنعاء) وطريق ( مأرب – صرواح – صنعاء ) من جانب واحد ، متمنياً استجابة الطرف الآخر (الحوثيين) لهذه المبادرة التي تهدف بدرجة رئيسية إلى تخفيف معاناة المواطنين وتسهيل سفرهم وتنقلاتهم.

ولاقت خطوة اللواء سلطان العرادة، ترحيبًا رسميًا وشعبيًا كبيرًا، إلا أن جماعة الحوثي تنصّلت من المسؤولية باختلاق اشتراطات جانبية، وتهربت من المبادرة، وذهبت حينها لإعلان فتح طرق ثانوية في محافظة تعز التي تحاصرها منذ 9 سنوات.

 وبعد 3 شهور من مبادرة العرادة لفتح الطرقات، وتدشينه فتح طريق "فرضة نهم" من جانب واحد، خرجت جماعة الحوثي المصنفة في قوائم الإرهاب، لإعلان فتح طريق "مأرب - البيضاء"، الأمر الذي أثار عدة تساؤلات، عن سبب ذهاب الجماعة لفتح الطريق ورفضها فتح طريق الفرضة.

مصادر محلية وعسكرية متطابقة، قالت لـ "برّان برس"، إن طريق "مأرب - البيضاء - صنعاء" يسلك من مناطق اشتباكات عسكرية، وطريق مفخخ بالألغام، فضلا عن مسافته الطويلة مقارنة بطريق "فرضة نهم" حيث تقطع في مسافة ساعتين، فيما تستغرق طريق "البيضاء" أكثر من ست ساعات.

وللحديث عما وراء تأخر الجماعة في التعاطي مع مبادرة العرادة؟ وهل يحتاج الأمر كل هذا الوقت للتفكير؟ ولماذا ذهبت لفتح طريق البيضاء رغم بعدها وتمر من مناطق اشتباكات، ورفضت فتح طريق الفرضة؟ وما الذي تريده الجماعة من إعلان فتح طريق البيضاء؟، التقى "برّان برس" عدد من الباحثين والمختصين وطرح عليه هذه التساؤلات.
  • احتياج عسكري وطريق للحشد
الباحث اليمني، عبدالسلام محمد، رئيس مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية، قال إن مبادرة العرادة تأتي باتجاه الحل السياسي والاستقرار وتوقف الحرب، وهذا الهدف أساسا غير متوفر عند الحوثيين فهم لا يزالون يفكرون بالحرب خصوصا مع مأرب.

وعلل ذلك في حديثه لـ "برّان برس"، بأن الجماعة هدفها في مأرب الوصول لمناطق النفط والغاز في صافر، وفي حال حققوا ذلك فبالإمكان حينها أن يقدمون على نوعا من التخدير فيما يخص السلام.
ويرى الباحث والمحلل السياسي، حاليًا أنه من المستحيل ان يقبل الحوثيون حاليا بمبادرة تجعلهم يتجهون في غير اتجاههم الحقيقي، فالمبادرة اتجاهها السلام وهم يريدون الحرب.

وعن سبب تأخر الجماعة نحو 3 شهور للرد على مبادرة العرادة والتعاطي معها، أكد عبدالسلام” أنه “لا يوجد تأخر في تعاطي الجماعة مع المبادرة فهي تعامل مع ما تريده، ويحقق مصالحها العسكرية فهي جماعة مسلحة وليست جماعة سلام أو حزب سياسي".

وأردف: "وإن أوجدت الجماعة مبادرات فهي تصب في الجانب العسكري وليس السياسي، وبالتالي لا يمكن أن تتعامل مع مبادرات يمكن أن تدفعها بالاتجاه السياسي وتوقف الحرب، ولذلك ذهبت الجماعة لفتح طرقات تخدمها عسكريا".
واعتبر رئيس مركز أبعاد للدراسات، فتح الجماعة طريق البيضاء أنه عمليا فتح طريق للحشد العسكري، فهي تريد العودة إلى حريب وبلحاف في شبوة، وبالتالي فتح هذا الطريق بالنسبة لهم ظاهرة مبادرة سياسية وفي حقيقته احتياج عسكري لهذا الطريق.
  • تحسبات أمنية وجبن
أما الخبير العسكري، الدكتور علي الذهب، فتحدث لموقع "برّان برس"، عن محاذير عسكرية وأمنية، وقال إن لكل طرف حساباته، مؤكدا أن الجماعة تهدف من ذهابها لفتح طرقات ثانوية لا ترفع شيئا من معاناة اليمنيين في سفرهم، إلى تحقيق صدى إعلامي فقط.

وقال الذهب في حديثه لـ"برّان برس": "طالما والحوثيون يسيطرون على مرتفعات الفرضة إلى ماقبل معسكر ماس، فإن تصلبهم في رفض فتح هذا الطريق ينم عن خوفهم وجبنهم وفق تحسبات أمنية وعسكرية".

وأضاف: “"طالما يسيطر الحوثيون على هذه الجغرافيا ولديهم مثل هذه الهواجس والمخاوف، فهم في واقع الحال جبناء، ولذلك ذهبو لفتح طرقات أخرى هي ثانوية ومنزوعة المخاوف، يحققون من خلالها صدى اعلامي وفي الواقع هي لا ترفع شيئا من معاناة اليمنيين في سفرهم".

وأردف: "طريق الفرضة هي الطريق الرئيسية وطالما الهدنة نصت على التشاور لفتح الطرقات في مأرب وتعز وغيرها، فعلى الحوثيين الاستجابة لذلك لتعزيز إجراءات بناء الثقة، لكنهم يضعون الطرقات في أطر الحسابات العسكرية والأمنية، ولن يتخلوا عن هذه الحسابات".

وتهربًا من فتح الطرق الرئيسية يقول "الذهب" إنهم "إما أنهم يفتحون الطرق التي لا تحقق أي مكسب حقيقي للمواطن أو يشقون طرقًا رملية فرعية تخضع لنفوذهم وهيمنتهم العسكرية" مؤكدا أنهم - أي الحوثيون- "يتطلعون للحصول على مكاسب أمنية وعسكرية من موضوع الطرقات أكثر من كون ذلك حق أساسي للمواطن يضمن تنقله بسلام وأمان ويخلق تبادل تجاري بين مناطق الحكومة ومناطق الجماعة".
  • استعراض دعائي وتهرب
بدوره، قال رئيس مركز البلاد للدراسات، حسين الصوفي، إن فتح الطرقات كملف كان مطروحا في أجندات كل جولات المشاورات منذ جنيف 1 و2، والكويت، ثم استكهولم وعمان، ومن أهم القضايا الرئيسة التي تم الاتفاق حولها في استكهولم، ملف المختطفين وتبييض السجون وملف رفع الحصار عن تعز، وفتح مطار صنعاء، وايقاف معركة الحديدة.

واستدرك الصوفي في حديث لـ "برّان برس": "لكن المماطلة الحوثية عطلت الاتفاقات وتنصلت عن أهم القضايا الانسانية وفي مقدمتها ملف التبادل ورفع الحصار عن تعز وفتح الطرقات".

وأضاف: "ومؤخرا بعد سيطرة الجماعة على الجوف ونهم وطريق البيضاء، اضطر المسافرون الى اتخاذ طريق شاقة وخطرة عبر صحراء الجوف، وطريق الصحراء محفوفة بالمخاطر، وهي بالمناسبة المثلث الذي في صحراء الربع الخالي يعرف بمثلث الموت ويتخذه المهربون طريقا منذ زمن طويل وكانت تمثل مشكلة بالغة الخطورة لكل الحكومات المتعاقبة منذ عقود".

وأشار إلى ان تلك المخاطر دفعت المسافرين إلى إطلاق نداء تحول إلى حملة تحت عنوان (افتحوا الطرقات)، وحينها استجاب اللواء سلطان العرادة للحملة وقام بمبادرة حقيقية هدفها رفع المشقة عن اليمنيين والمسافرين وفتح مسار طريق مارب - مفرق الجوف- فرضة نهم، وقام بوضع نقطة لا تفصلها سوى ربع ساعة تقريبا عن المناطق التي تسيطر عليها الجماعة، ودعاهم إلى اتخاذ خطوة مماثلة.

وأردف: ولو قامت الجماعة بوضع نقطة عند مفرق الجوف فإن المسافر الذي يقطع الطريق الان في عشر ساعات في الصحراء سيقطعها في ربع ساعة، لكنها تهربت وتلاعبت، أما بالنسبة لطريق البيضاء فهي مفتوحة من قبل الجيش والأمن في مأرب وكذلك طريق جحانه ولا يوجد حولها خلاف.

ويرى الصوفي أن هدف الجماعة من إعلان فتح طريق البيضاء "المفتوحة أصلا" هو "محاولة للتذاكي وهروب غبي وسخيف الغرض منه تسجيل نقطة دعائية، ولا تخدم المسافرين مطلقًا"، مضيفًا "واعتقد لو قام أحد باستطلاع رأي المستفيدين وأصحاب المصلحة الحقيقية من أبناء الشعب اليمني لقابلوها بالسخرية والاستهجان حيث إنها استعراض دعائي سمج وتهرب من تخفيف معاناة اليمنيين".

وأردف: "أعتقد أن الجماعة وجدت نفسها محشورة في زاوية ضيقة، وكانت مبادرة العرادة صفعة قوية كشفت القناع الوهمي الذي تظن أنه يستر وجهها القبيح، أعني غطاء غزة، والذي ظنت أنه يستر جرائمها ضد اليمنيين".

واستدرك قائلًا: "لكن مبادرة العرادة نسفت كل الزيف وإعادتهم إ لى المربع الحقيقي كعصابة تمارس جرائم متعددة بحق اليمنيين، وهذا ما عجزوا عن الخروج من هذه الورطة، ولذلك يحاولون الالتفاف عليها ولو أن المبادرة مضى عليها ثلاثة أشهر، إلا أن مناورتهم الدعائية الأخيرة جددت الورطة التي وقعوا فيها تحت تأثير مبادرة العرادة".