1 - ما كان بودنا الخوض في هذا الموضوع الكاشف لولا كثرة الاتهامات والإدانات بأن أنصار الله اختطفوا 4 طائرات ليلة 24/6/ 24م بعد نقلهن حجاج بيت الله الحرام من صنعاء/ جدة/ صنعاء.
2 - وكان الأحرى بمجلسي القيادة الرئاسي والوزراء استخدام مصطلح "الاختطاف" لأن الاختطاف هو الاستيلاء غير المشروع على الطائرة، وكذا مصطلحات الإرهاب والقرصنة والسطو.
3 - وفي 30/ 6/ 2024م أي بعد (6) أيام أدان مجلس القيادة الرئاسي اختطاف "الحوثيين" ثلاث طائرات اعتبرها "عملية إرهابية مكتملة الأركان" واحتجازه طائرة رابعة منذ شهرين في مطار صنعاء؟ (1)
4 - وقد عبر "عبدالسلام حُميد" وزير النقل أن ما حصل لطائرات شركة خطوط اليمنية من اختطاف وقرصنة ليست المشكلة الأولى التي نواجهها مع المليشيات الحوثية في صنعاء، بل إن في 8 مارس 2023 تم السطو على أرصدة الشركة التي تقدر 125 مليون دولار، وأن النفقات التشغيلية لهذه الرحلات من مطار صنعاء إلى مطار جدة تحملتها قيادة شركة طيران اليمنية في عدن، انطلاقاً من أن نقل الحجاج إلى بيت الله في مكة تعد عملية إنسانية والتزاما أخلاقيا ودينيا" (2).
5 - وفيما إذا صح الاتهام بأن الحوثي اختطف الطائرات كان من باب أولى أن توجه الحكومة اليمنية شكوى لمنظمة الطيران العالمية (الايكا) وبحكم دستورها ستتدخل إما بإعادة الطائرات أو ستحيل القضية إلى مجلس الأمن باعتبار منظمة الطيران الدولية تابعة للأمم المتحدة ولا ننسى أن اليمن تحت الفصل السابع، وهذا الأمر سيزيد من الضغوط على أنصار الله خاصة وأن ثلاثة من قياداته مدرجة أسمائهم في لائحة الجزاءات الدولية وربما يصدر مجلس الأمن قرارا بإدانتهم وإلزامهم بعودة الطائرات أو بحظرها أو بحجزها في المطارات التي ستهبط فيها كما حضر الطيران العراقي (3).
4 - والسؤال الذي يبرز للأذهان كيف اختطف الحوثي 4 طائرات في مطار صنعاء إحداهن كانت جاثمة في المطار منذ شهرين للصيانة؟ وبرأينا المتواضع لا نعتقد أن توجد إمكانية فنية في مطار صنعاء لصيانة الطائرات المحاصر منذ (9) سنوات وهذا "عذر أقبح من ذنب" مع الاعتذار.
6 - وفيما إذا صحت الاتهامات باختطافه الطائرات، فالمعضلة أكبر من استيلائه على 125 مليون دولار من أموال الشركة، لكن السؤال يقول لماذا لم ترفع الشركة دعوى قضائية أمام القضاء المحلي أو الدولي باعتبارها شركة تجارية خاصة وليس لها علاقة بالحرب؟ (4).
7 - أما الاكتفاء بالاتهامات والتبريرات، فلا يغير من الأمر شيئا وكان على أقل تقدير أن تنشر الحكومة نص الاتفاق المبرم بين شركة الطيران والحوثي لتبيان الحقيقة.
8 - والملاحظ أن منظمة الطيران الدولية (الايكا) والشريك السعودي والدول وشركات الطيران العالمية لم يدينوا اختطاف الطائرات مع أن الاختطاف مسألة حساسة جدا لكل شركات الطيران في العالم؟.
9 - ويتضح من ذلك بأنه تم تسليم الطائرات لأنصار الله، وذلك بموجب المفاوضات بين صنعاء والرياض في مسقط.
10 - وربما يعتبر الحوثي أنه استعاد الطائرات المختطفة من الحكومة المعترف بها دوليا، لأنه لم يعترف بها ويعتبرها شريكة بالعدوان على اليمن، بل يحاكم قياداتها أمام محكمة الجزاءات في صنعاء.
11 - ونتيجة لذلك وضع مجلسي القيادة الرئاسي والحكومة في موقف صعب جدا أمام الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي، فأصبحت الجمهورية اليمنية بدون طائرات مدنية لنقل مواطنيها وهذا أمر "سيادي".
12 - وبالمحصلة سيتم نقل المسافرين اليمنيين عبر مطار صنعاء الدولي الذي كان محاصرا لأكثر من (9) سنوات بدلا عن مطاري عدن وسيئون اللذين أصبحا محاصرين والمثل الشعبي يقول "انقلب السحر على الساحر".
13 - ومن نافلة القول الحوثي يدرك وضعه القوي محليا وإقليميا ودوليا، فلهذا يعتبر أنه كسب جولة من المفاوضات، ففي كل جولة بفرض شروط جديدة وعندما لا يستجاب لشروطه يعلن بأن لديه بنك أهداف لضربها عسكريا في دول التحالف.
14 - أنصار الله يعرفون جيدا أن الهدف الرئيس من المفاوضات بين صنعاء والرياض هو أن يتم اللقاء بين الرئيس مهدي المشاط والرئيس رشاد العليمي في مسقط ليجلس اليمنيين أمام العالم ليحلوا مشكلتهم وتنسحب الرياض وأبوظبي من اليمن، لكن هذه الورقة نرى أنها بعيدة المنال إلا بعد أن يحقق الحوثي كل شروطه، وهي مرتبطة أولا بعودة المحافظات الجنوبية بعد تفكيكها خاضعة ومستسلمة إلى صنعاء وخير ما نستشهد به تصريحات قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني التي تستجدي الحوثي أن يعترف بها "شكليا" وهي بموجب اتفاق الرياض ومشاورات الرياض قد فوضت الرئيس رشاد العليمي بالتوقيع عنها.
15 - وتأكيدا لذلك، فقد صرح وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، إن خارطة الطريق لحل الأزمة اليمنية جاهزة للتوقيع في أقرب وقت ممكن. (4) السبت 5 يوليو 2024م.
وبمعنى أوضح أنه قد حسم أمر المفاوضات النهائية وما تبقى إلا أن يوقع أنصار الله على خارطة الطريق، ولا يسعنا هنا إلا أن نشكر الحوثي لعدم توقيعه لأنه فضح قيادة المجلس الانتقالي اليمني الموقعة بعودة الجنوب إلى صنعاء.
16 - وربما يبدو أن حكومة الشرعية تنبهت بأن الضجة الإعلامية المفتعلة حول اختطاف الطائرات ربما الحوثي يستغلها وبكشف فحوى الاتفاق، لهذا أوعز للقيادة الكويتية بتقديم ثلاث طائرات ومحركين دعم للحكومة اليمنية ويذكرني هذا الموقف بمقابلة د. رشاد العليمي مع صحيفة الشرق الأوسط الذي ردد القضية الجنوبية 13 مرة بأنها قضية عادلة يجب أولا أن نقتنع بها ذلك تغطية على خطاب السيد عبدالملك الحوثي (5).
17 - وافتراضا أنه تمت تسوية قضية الطائرات، لكن هل ستعود الطائرات الثلاث والمحركان للكويت أم الأمر آخر؟
18 - والسؤال الذي يثور هل من المعقول أن تسير شركة 3 طائرات ذهابا بدون أن تعود واحدة أو اثنتان لنقل بقية الحجاج، ناهيك عن احتجاز لطائرة منذ شهرين والاستيلاء على 125 مليون دولار منذ سنة وأربعة أشهر دون أن يكون هناك اتفاق ومن دون محاسبة الجهة المسؤولة أم المسألة أخلاقية وإنسانية ودينية كما صرح وزير النقل.
19 - وعلى النائب العام للجمهورية أن يرفع دعوى للقضاء على شركة الطيران ووزارة النقل للدفاع عن المال العام للدولة وإلا ما هي طبيعة عمله؟.
20 - وقبل الأخير نهنئ الشعب اليمني بمناسبة 7/7/ 1994م يوم النصر العظيم المعزز بالفتوى بتكفيرية شعب الجنوب العربي وهدر دمه نساء وأطفالا وعجزة بغزو دولته (ج ي د ش) وتصفيتها باعتبار الفرع عاد للأصل "الوحدة أو الموت".
وفي الأخير لا يمكننا أن ننسى الفضل الكبير لدولة الكويت قيادة وحكومة وشعبا في دعمها الدائم منذ إنشاء هيئة الخليج والجنوب العربي في الخمسينيات من القرن المنصرم لدعم أبناء الجنوب العربي حتى قيام الوحدة وما زالت.
(1) وكالة الأنباء اليمنية الحكومية (سبأ)
(2) "سكاي نيوز عربية" في24/ 6/24م
(3) راجع قرار مجلس الامن رقم2216/ 2015
(4) نيوز يمن ، تصريح وزير الخارجية السعودي
(5) راجع مقالنا بـ "الأيام" "القضية الجنوبية من منظور يمني ودولي".