عيد الجيش 1/سبتمبر

في البداية تحية لأبطال القوات المسلحة الجنوبية الذين لا زالوا على قيد الحياة يصارعون من أجل البقاء والشفاء لمن داهمتهم الأمراض ويعانون من إهمال الدولة لهم والرحمة والمغفرة لمن رحلوا إلى جوار ربهم.

الاحتفال بعيد القوات المسلحة الجنوبية ظل تقليدًا رمزيًا يتوارث جيل بعد جيل لما له من مكانة خاصة في قلوب شعب الجنوب، فقد كان الجيش عماد الدولة الجنوبية وحامي ترابها وسماها وبحارها ويشعر كل جنوبي بالأمان بوجود القوات المسلحة الجنوبية لأنها تعكس الخارطة الوطنية الجنوبية وكل جنوبي يرى نفسه ممثل فيها لأنها جامعة للنسيج الوطني تنصهر وحداتها في لحمة وطنية ولم تكن يوما تمثل منطقة أو قبيلة بعينها أو عائلية وأساس نشاطها في إطار النظام والقانون والضبط والربط العسكري.

العسكرية الجنوبية لم تكن وليدة 1 سبتمبر 71م ولكنها تأسست منذ عشرينات القرن الماضي عندما بدأ تشكيل وحدات محميات عدن الغربية والشرقية، أما 1/سبتمبر 71م يعتبر تدشين لبدء مرحلة جديدة من البناء العسكري ليواكب تطور العصر ودخول أسلحة نوعية جديدة وكذا مواكبة تحديات الدفاع عن الدولة ولم يكن في الوقت متسع فقد كان الإعداد والتدريب وخوض غمار معارك الدفاع على امتداد الحدود الدولية للجمهورية الوليدة يتم في وقت واحد، فكان التدريب والتأهيل للوحدات الجديدة واكتساب مهارة القتال على الأسلحة الجديدة مهمة يومية وعند الانتهاء تدخل هذه الوحدات لتأخذ مكانها في الدفاع عن حدود الدولة وحراسة الجزر وغيرها وبليت القوات المسلحة الجنوبية بلاءً حسنًا حيث لم تهزم في أي معركة خاضتها.

وسر نجاح القوات الجنوبية تكمن في أولًا وضوح العقيدة العسكرية الدفاعية التي تتصدر مهمة الدفاع عن الوطن، ثانيًا في وحدة القيادة والسيطرة للقوات وعملها الدؤوب لتعزيز الجاهزية القتالية للوحدات، ثالثًا وحدة الإرادة للقيادة السياسية الجماعية للدولة، رابعًا الحفاظ المستمر على الانضباط العسكري والحفاظ على التقاليد العسكرية المتوارثة، خامسًا بناءها العسكري على أساس وطني وعلمي وأخيرًا التحامها وحضورها المستمر مع قوى الشعب العامل في عملية التنمية الشاملة ومن أهم العناصر المميزة للقوات المسلحة الجنوبية عدم التدخل في شؤون عمل السلطات المحلية أو المركزية وكل هذه الأسس مجتمعة قد وفرت عوامل النصر والنجاح في مسيرتها.

القوات المسلحة الجنوبية بكل قوامها من الجندي حتى وزير الدفاع مفرغين كليًا في تعزيز القدرات والجاهزية القتالية عبر برامج التدريب المستمرة في الداخل والخارج للكادر وتأمين جاهزيتها القتالية عبر التأمين اللوجستي وبناء البنية التحية للقوات ويمنع على أي فرد الانشغال بأي مهام أخرى تجارية أو استثمارية ويعتبر ذلك من المحرمات يعاقب عليها القانون، كما أن من مهامها حماية الممتلكات العامة للدولة وكذا ممتلكات الخاصة للمواطنين ولا تسمح لمنتسبيها ولا لأحد بالتعدي عليها، كما نستطيع الجزم بأن القوات المسلحة الجنوبية كانت خالية من أي شكل من أشكال الفساد ولديها أفضل الأنظمة المالية والإدارية والمخزنية والذي ورثته من الجيش القديم وتم تطويره بما يتناسب وتطور القوات المسلحة، كما أنه لا يحق للقادة التدخل في هيكل الأجور والمرتبات وعلاوات الأفراد والضباط المعتمدة ولا يسمح لأحد منهم خصم فلس واحد من مستحقات ومرتبات الأفراد والضباط فالمنتسب للقوات الجنوبية يستلم رواتبه ومستحقاته مباشرة.

الصراعات السياسية في الجنوب منذ الاستقلال شكلت عامل سلبي في تطوير القوات وكانت كل محطة صراع تشطب جزء من كادرها المؤهل ولطالما تمسكت بالأحكام المذكورة أعلاه سرعان ما تتجاوز تلك الأزمة وتستعيد ما خسرته في غضون أوقات قصيرة ولكن إن خالفت تلك الأحكام لأي سبب كان فستتعرض للهزيمة في أول معركة وهزيمة القوات الجنوبية يعني هزيمة الدولة الجنوبية، وفي حرب 94م كان ثمن الهزيمة احتلال دولة الجنوب من قبل التحالف القبلي الطائفي الشمالي وعلى إثر ذلك تمّ تسريح عشرات الآلاف من منتسبيها وتغلبت الهمجية القبلية الطائفية على المشروع المدني للدولة وأثبتوا عمليًا بالتسريح أنهم دولة احتلال وأن المؤسسة العسكرية الجنوبية في نظرهم عدوة يجب التخلص منها ودخلت البلاد في حروب ليس لها أول ولا آخر حتى سلمت البلاد لأحفاد الإمامة ذات التوجه الإيراني وأدخلت المنطقة عصر فارسي جديد لا أحد يعلم مداه.

نستذكر في عيد القوات المسلحة الجنوبية المأثر البطولية التي اجترحتها القوات المسلحة الجنوبية لتظل ماثلة أمام الأجيال لتستلهم منها العبر والخبرات ولمواصلة السير بخطى واثقة نحو المجد العسكري الجنوبي.

نأمل أن يأخذ الفريق الجنوبي المشارك في الشرعية موقفًا إيجابيًا حيال هذه المؤسسة العسكرية الوطنية في رد اعتبارها، وأن لا يظل الفيتو واقع عليها حتى بعد سقوط التحالف القبلي الطائفي في عقر داره بصنعاء وأن تمنح حقوقها المشروعة فورا فالظلم تجاوز المدى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى