بالاطلاع على أسس وأهداف التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية وفقًا لما طالعتنا به صحيفة "الأيام" في صدر صفحتها الأولى عدد الثلاثاء 5 نوفمبر الحالي، يتضح أن تلك الأحزاب تتحدث كما لو كانت الوحدة والجمهورية اليمنية لا زالتا قائمتين، وللتذكير والتوضيح:

إن وحدة الشراكة والتراضي السلمية بين طرفين ودولتين التي تم الإعلان عنها يوم 21 مايو 1990م لم تتحقق على أرض الواقع طالما كانت مشروطة بإنجاز مهام محددة تضمنتها اتفاقية الوحدة ومرتبطة بدمج هيئات ومؤسسات الدولتين خلال مرحلة انتقالية مدتها عامان ولم يتحقق إنجاز تلك المهام بسبب مسلسل اغتيال القيادات الجنوبية منذُ عشية إعلان الوحدة وتلكؤ ومماطلة الطرف الشمالي أيضًا في تنفيذ المهام فكانت الأزمة ودخلت أطراف دولية وعربية كوساطة على خط الأزمة وتم لقاء الأردن برعاية الملك حسين في مطلع أبريل 1994م والذي لم يقتصر على حضور الشريكين الموقعين على اتفاقية الوحدة الحزب الاشتراكي أمينة العام علي سالم البيض والمؤتمر الشعبي أمينة العام علي عبدالله صالح ولكن حضره أيضًا أمناء عموم الأحزاب اليمينة وفي مقدمتها التجمع اليمني للإصلاح والتجمع الوحدوي اليمني أمينه العام عمر الجاوي، وتم التوقيع على وثيقة عهد واتفاق وبموجبها تم الاتفاق على وحدة فيدرالية "مخاليف" بدلًا من وحدة اندماجية لم تتحقق وقد قال المناضل الوطني الكبير والمثقف الإنسان والمجرب المقتدر عمر الجاوي وهو يوقع على الاتفاقية جملته الشهيرة "هذه وثيقة حرب" وصدقت مقولته، فقبل أن يجف مداد حبر الاتفاقية أعلن علي عبدالله صالح الحرب على الجنوب من ميدان السبعين بصنعاء يوم 27 أبريل من العام 1994م وانطلقت الحرب واحتل الجنوب في صيف عام 1994م ودمرت مقومات دولته وكل مؤسساته وبناه التحتية وساد النهب والفيد والعبث وتدمير كل ما هو جميل في الجنوب والتي لازال شعب الجنوب وحتى اليوم يعاني من أثارها الكارثية "وبالتالي عن أي وحدة لازالوا يتحدثون؟".

إن أهم ما ورد في أسس ومبادئ التكتل، المرجعيات المتفق عليها وطنيًّا وإقليميًّا ودوليًا ويقصدون بها المبادرة الخليجية وأليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني ويقصدون بها الأقاليم  وقرار مجلس الأمن 2216 ويقصدون ما ورد فيه الحفاظ على وحدة اليمن وأمنة واستقراره وللتوضيح وعلى صعيد القضية الجنوبية وهم يعلمون:

1 - إن المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية لأعلاقها لها بالقضية الجنوبية ولكن أتت كحل لمشكله الحكم التي نشبت بين المؤتمر والإصلاح عام2012م تقريبًا وعلى خلفية ما حدث في صنعاء حينها وقد كان مضمون الحل نقل السلطة من الرئيس علي عبدالله صالح إلى نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي.

2 - إن الأقاليم قد تم سلقها بليل وفي أخر جلسه من جلسات مؤتمر الحوار وتقديمها للمؤتمر في اللحظة الأخيرة من انعقاد الجلسة وقد عارضها الجنوبيون المشاركون في المؤتمر بنصف القوام وارتفعت أصواتهم ضدها فيما ارتفعت أيدي المشاركين من أبناء الشمال وقالوا تم إقرارها.

3 - إن قرار مجلس الأمن 2216 لا علاقه للقضية الجنوبية به أيضًا طالما كان قد تم في مواجهة الحوثي بعد دخوله صنعاء عام 2014م واستيلائه على السلطة.

ولذا وطالما والحال كذلك فإن أي محاولة لإسقاط ما يسمونها المرجعيات على قضية شعب الجنوب وحقه في استعادة دولته مردود عليه بالبطلان جملة وتفصيلا للأسباب والأسانيد السالف ذكرها، فيما إيرادهم للقضية الجنوبية كمفتاح المعالجة للقضايا الوطنية ووضع إطار خاص بها في الحل النهائي هو توظيف سياسي عابث طالما كان القصد فيما أوردوه أصلًا اعتبارها مجرد قضية وطنية كغيرها من القضايا الوطنية الأخرى بما هي قضية وطن أرض وشعب ودولة وهوية وتاريخ.

وفي كل الأحوال: فإن كل ما سلف استعراضه مما جاء في الوثيقة لا يعدو عن كونه تغريدا خارج السرب، فلقضية استعادة الدولة الجنوبية شعب يحميها ولديه من التجارب ما يكفي وحركة التاريخ لم ولن تعود إلى الوراء.