> «الأيام» غرفة الأخبار:

تشهد جبهة الأطراف ضمن السلطات اليمنية المعترف بها دوليًا حراكًا لافتًا تقوده السعودية، يبدو أنه يستهدف توحيد هذه الجبهة المنقسمة بين كيانات متناقضة الأهداف. وبرز في هذا السياق اللقاء الأول من نوعه الذي جمع الأسبوع الماضي في الرياض رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي بقيادة التجمع اليمني للإصلاح (الذي يعتبر بمثابة الفرع اليمني من الإخوان المسلمين)، بعد سنوات من القطيعة والخلافات بين الطرفين.

وبدفع من السعودية، أجرت هيئة رئاسة مجلس النواب اليمني الموالي للشرعية مشاورات بهدف التحضير لانعقاد جلساته في العاصمة عدن، عبر إقناع الانتقالي بعقد الجلسة وتهيئة الظروف الملائمة لاستئناف الجلسات المتوقفة منذ العام 2022.

وعن لقاء الزييدي وقيادة "الإصلاح"، تقول مصادر إن "اللقاء كان جيدًا، وتم التطرق فيه إلى التحديات القائمة، وأهمية توحد المكونات في إطار مؤسسات الشرعية، وترحيل القضايا الخلافية، وكان هناك تطابق في وجهات النظر حول خطورة مليشيا الحوثي الانقلابية وما خلّفته من كوارث اقتصادية وإنسانية لليمنيين". وأشار المصدر إلى "إجماع وجهات النظر على أهمية توحّد المكونات السياسية حول مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية"، لافتًا إلى وجود ضغوط شديدة من رئاسة مجلس النواب بخصوص انعقاد جلساته في عدن، معبرًا عن أمله في أن يتم ذلك قريبًا.

ويحول الانتقالي دون عقد جلسات البرلمان، ويبدو أن الجانب السعودي بدأ أخيرًا بممارسة ضغوط على "الانتقالي" من أجل السماح بعقد جلسات البرلمان في العاصمة المؤقتة.

وكشف عضو الكتلة البرلمانية لـ"التنظيم الناصري" عبد الله المقطري، في تصريحات نشرها موقع "العربي الجديد"، أن هناك مشاورات من أجل انعقاد جلسات مجلس النواب في عدن، وأن المشاورات تجري في إطار هيئة رئاسة المجلس التي لم تفصح للنواب عن نتائج المشاورات على الرغم من طلب بعض النواب الإفصاح عن نتائجها، مضيفًا أن القضية مرتبطة بموقف "الانتقالي الجنوبي". وتزامنت هذه المشاورات مع لقاءات أجراها السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر بهيئة رئاسة مجلس النواب، ولقاء آخر مع رئيس "الانتقالي" للدفع بالجهود الرامية لاستئناف جلسات مجلس النواب من عدن.

ومنذ بدء الحرب في اليمن لم يعقد مجلس النواب سوى جلستين، إحداهما في سيئون في العام 2019، وخصصت لانتخاب هيئة جديدة لرئاسة المجلس برئاسة الشيخ سلطان البركاني، والذي يشغل منصب الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام، وجلسة أخرى في عدن في إبريل 2022 بهدف منح الثقة لمجلس القيادة الرئاسي، الذي تم تشكيله بالتوافق، ونقل صلاحيات الرئيس المنتخب عبدربه منصور هادي إليه، ومنح الثقة للحكومة.

ويعد مجلس النواب الحالي الهيئة الوحيدة المنتخبة من الهيئات القائمة في اليمن، وعقدت آخر انتخابات نيابية لانتخاب البرلمان المكون من 301 عضو في إبريل 2003 وتم التمديد له في العام 2006 باتفاق سياسي بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك حينها. وتعرقل إجراء انتخابات نيابية بعد ذلك بسبب أحداث ثورة فبراير 2011 حيث تم التمديد للبرلمان مجددًا وفقًا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ليتعرقل الأمر مرة أخرى بسبب انقلاب الحوثيين على الدولة وسيطرتهم على صنعاء في سبتمبر 2014. ويعيش مجلس النواب اليمني حاليًا حالة من الانقسام، حيث التحق عدد من البرلمانيين بالحكومة الشرعية ويمثلون الأغلبية التي تمنحهم النصاب القانوني، فيما بقي عشرات البرلمانيين في صنعاء تحت سلطة الحوثيين، وخلال الفترة منذ آخر انتخابات برلمانية توفي أكثر من 35 برلمانيًا لتبقى دوائرهم الانتخابية شاغرة.

وقال المحلل السياسي آدم الحسامي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الحروب وحالات الطوارئ لا ينبغي أن تعطّل كافة الأطر القانونية للدولة، وهناك مفهوم خاطئ وشائع أن الحروب ترتبط بالفوضى القانونية الكاملة، إذ تمارس بعض الأجهزة الأمنية والعسكرية المستجدة سلوكيات بحجة أن الوضع القانوني معطّل، بينما الحقيقة أن المبادرة الخليجية وهذا الظرف المستمر منذ عشر سنوات يعطّل آلية انتقال السلطة"، مضيفًا: "أما بقية الأطر القانونية فينبغي تفعيلها لأن معركتنا القانونية ضد المليشيا التي تحاول خلق منظومة قانونية جديدة تنسف التراكم الذي ينبغي استثماره في بناء الدولة، ولا يمكن بأي حال أن نبدأ من الصفر".