> «الأيام» سبوتنيك:

لا يزال الغموض يحيط بملف السلام والوقف الشامل للحرب في اليمن، رغم أن الحرب متوقفة عبر هدنة طويلة، إلا أن الأوضاع في المنطقة والتي فُرضت على ملف الصراع، أضافت عراقيل جديدة وجعلت الحل أكثر صعوبة من ذي قبل، لكن يبدو أن هناك جهودا غير معلنة تسعى للوصول إلى خارطة طريق شاملة للسلام في البلاد.

فهل ترحيب مجلس التعاون الخليجي في الآونة الأخيرة بالجهود السعودية - العُمانية لوقف الحرب يعني أن هناك تفاهمات جديدة جرى التوافق عليها بين المكونات السياسية لإحلال السلام بعد سنوات من الحرب وفي ظل الوضع الخطير الذي تعيشه المنطقة والعالم؟

يقول عبد العزيز قاسم، القيادي في "الحراك الجنوبي اليمني": "بالنسبة للدعوة لإحلال السلام من قبل مجلس التعاون الخليجي في دورته التي عقدت بالكويت مؤخرا، أعتقد أنها تصريحات تأتي بين حين وآخر، لكنها لم تر النور على أرض الواقع، الأهم من ذلك هو معرفة من يمسك بخيوط السلام في اليمن، خاصة وأن الحديث عنها يأتي بالتناوب تارة عبر المبعوث الأممي وأخرى عبر دول الخليج أو التحالف العربي وكلها تصريحات لم تلامس الواقع ولم تلبِ أدنى مقومات وأسس السلام".

وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك": "عملية إحلال السلام في اليمن ترتبط أساسا بحل شامل وتحديد القضايا والأولويات، فضلا عن رغبة إقليمية ودولية، وكذلك استقلال الإرادة الداخلية لقوى الصراع في اليمن، لكن عبء الارتباط لهذه القوى وتبعية كل منها لقوى خارجية، ساهم في تعقيد مسار عملية إحلال السلام باليمن، فضلا أن الصراع داخل القوى نفسها وكذلك تشابك المصالح الدولية".

وقال قاسم: "أعتقد أن الدعوة لإحلال السلام إذا كانت للقوى المنضوية بالتحالف، فلا تحتاج أن تدعوها لأن التحالف هو من يحركها، وإن كانت موجهة لجميع قوى الصراع ومنهم الحوثيين (أنصار الله) فيبقى الأمر مجرد تصريحات عبثية لا تسمن ولا تغني من جوع".



سخط شعبي

وأشار قاسم إلى أن "هناك حالة سخط شعبية خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف العربي والقوى المنخرطة فيه، جراء تدهور الأوضاع في شتى مناحي الحياة والفساد وتأخر صرف المرتبات رغم أنها شحيحة لا تسد رمق أسرة واحدة، كل هذه الجوانب تحتاج إلى مراجعة قبل الخوض في عملية السلام، خاصة وأن الجبهات مستقرة نسبيا".

ولفت إلى أن "عملية إحلال السلام في اليمن مرتبطة بالتحالف والمجتمع الدولي، خاصة الدول المهيمنة على المشهد اليمني ومتى ما توفرت لديهم الرغبة لإحلال السلام، يمكن أن يؤسس لاستقرار وسلام مرحلي وليس استراتيجي".



طريق طويل

بدوره، يقول الدكتور عبد الستار الشميري، رئيس مركز "جهود" للدراسات باليمن: "أعتقد أن دعوة مجلس التعاون الخليجي خلال دورته الأخيرة بالكويت لإحلال السلام الشامل باليمن، جاءت بعد مشاورات في سلطنة عمان وغيرها، من أجل صياغة رؤية واضحة لوقف الحرب والدخول في عملية سلام ولو بشكل مؤقت".

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "أما مشروع السلام والاتفاق والتوقيع على شيء في المدى القريب، أعتقد أن مثل هذا الأمر لا يزال أمامه الكثير من الصعوبات والعوائق".

وأشار الشميري إلى أن "الحرب في اليمن بشكل عام تعتبر متوقفة ما عدا عمليات الاستنزاف في بعض الجبهات، لكن الحديث عن خارطة سلام شاملة لبناء دولة في اليمن، هذا الأمر بعيد جدا حتى تتخلق قناعات لدى كل الأطراف بضرورة الوصول إلى هذا الحل، حيث أن المستجدات في البحر الأحمر والمنطقة فرضت نفسها على الملف اليمني بما لا يخدمه".

وكانت الحكومة اليمنية وجماعة "أنصار الله"، قد اختتمتا في 6 يوليو الماضي، جولة مفاوضات استضافتها العاصمة العُمانية مسقط برعاية الأمم المتحدة، بشأن الأسرى والمحتجزين على خلفية الصراع الدائر في اليمن، بالاتفاق على إطلاق الجماعة سراح القيادي في التجمع اليمني للإصلاح (ثاني أكبر الأحزاب في اليمن) محمد قحطان، في حال كان على قيد الحياة، مقابل إفراج الحكومة عن 50 أسيراً تابعين لـ "أنصار الله"، وفي حال وفاة السياسي البارز، فإنه يتم تبادل جثمانه بجثامين 50 أسيراً من الجماعة.

ويأتي الاتفاق، الذي توصلت إليه الحكومة اليمنية و"أنصار الله" في مسقط، بعد أكثر من عام من التعثر في ملف الأسرى، منذ مايو العام الماضي، حين فشلت جهود تنفيذ زيارات متبادلة إلى سجون ومراكز اعتقال الطرفين في صنعاء ومأرب (مقر قيادة الجيش اليمني)، تمهيداً لإطلاق سراح دفعة جديدة من الأسرى.

وكان مقررا أن تبحث جولة مفاوضات مسقط، تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق توصلت إليه الحكومة اليمنية و "أنصار الله"، مارس 2022، ويشمل تبادل نحو 1400 أسير، إلا أن اشتراط الفريق الحكومي كشف مصير عضو الهيئة العليا لحزب "التجمع اليمني للإصلاح" محمد قحطان، المحتجز لدى الجماعة، منذ 5 أبريل 2015، حال دون استكمال النقاشات بشأن ذلك.

وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في 16 أبريل العام الماضي، تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق توصلت إليه الحكومة اليمنية وجماعة "أنصار الله"، بتبادل نحو 887 أسيراً، من بين 2223 أسيراً يشملهم الاتفاق، معتبرةً أنها "خطوة إيجابية نحو السلام والمصالحة في اليمن".

وتبادلت الحكومة اليمنية وجماعة "أنصار الله"، في ديسمبر 2018، ضمن جولة مفاوضات السلام في ستوكهولم، قوائم بنحو 15 ألف أسير لدى الطرفين، ضمن آلية لتفعيل اتفاق تبادل الأسرى.

ويشهد اليمن تهدئة هشة منذ إعلان الأمم المتحدة، في الثاني من أكتوبر 2022، عدم توصل الحكومة اليمنية وجماعة "ًأنصار الله" إلى اتفاق لتمديد وتوسيع الهدنة، التي استمرت 6 أشهر.