> أنور العنسي:
كأن لم تعد هنالك من خيارات لتجنُّب عودة الحرب في اليمن سوى الحرب نفسها، ولا فرص للسلام مع جماعة الحوثيين المرتبطة بقوة مع إيران عقائديا وسياسيا وعسكريا دون حرب فاصلة وحاسمة كما حدث في غزة وجنوب لبنان وسوريا، وربما قد يحدث ذلك على نحو مختلف أو مشابه مع الفصائل الشيعية في العراق.
ذلك ما يراه كثيرون، ليس فقط مناوئو هذه الجماعة داخل اليمن، ولكن أيضا خبراء ومراقبون في الإقليم والعالم.
وشملت تلك التحركات التي وصفتها مصادر عسكرية بـ "الخطيرة والمريبة" خلال الأيام القليلة المنصرمة، حملات تجنيد وتعبئة معنوية "جهادية" وحشدا للآلاف من مسلحيها، وحفرا للمزيد من الخنادق ومرابض المدفعية والدبابات، على سائر الجبهات والمحاور الجنوبية والغربية والشمالية لمارب مع قصف وهجمات بالطيران المسيّر، وذلك في محاولة للتحرش بالقوات الحكومية وجرها إلى جولة جديدة من الحرب، لا تحمد عقباها.
وإقليميا، وضع مأرب اليوم لا يحتمل المساس بأمنه واستقراره، فهي التي تحتضن الآن قرابة ثلاثة ملايين إنسان نزحوا إليها من سائر مناطق البلاد على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم، وذلك بعد أن كانت، قبل انفجار الصراع المسلح في اليمن عام 2015، مجرد "بلدة" أثرية نائية ومُهْمَلة، ولا يزيد عدد سكانها، في أفضل حال على 35 ألف نسمة.
وقد ابتكرت مأرب في زمن الحرب نموذجا في السلم الأهلي والتعايش الاجتماعي، جاذبا للاستثمارات المحلية في شتى المجالات، حيث أنشأت جامعة "سبأ" التي تضم كثيرا من الكليات التطبيقية البالغ عدد طلابها ما يزيد على 19 ألف طالب وطالبة.
إقليميا، وضع مأرب اليوم لا يحتمل المساس بأمنها واستقرارها، فهي التي تحتضن الآن قرابة ثلاثة ملايين إنسان نزحوا إليها من سائر مناطق البلاد على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم.
ويرى الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية والعنف السياسي، مراد بطل شيشاني، أن خطورة تصنيف الجماعات الدينية المسلحة "تمنح الولايات المتحدة وغيرها مبررا للهجوم من ناحية، وإيجاد قنوات اتصال خلفية للتفاوض في الوقت ذاته"، وفق رأيه.
وتمثلت تلك الاستراتيجيات بالدفع بآلاف المجندين الشباب غير المدربين إلى محارق الموت بهدف استنزاف الخصوم وإرهاقهم، ومن ثم الدفع بالمقاتلين المحترفين لحسم معاركهم التي باءت كلها بالهزيمة والفشل في حرب إيران مع عراق صدام حسين، وهي اليوم مرشحة لملاقاة المصير نفسه مع مأرب، حيث لا يريد الحوثيون أن يعرفوا أن خصومهم في مأرب وسواها اليوم غيرهم بالأمس.
وقد أفادت تقارير لوسائل إعلام محلية بأن "القوات الحكومية في محافظة مأرب، تمكنت من إفشال هجمات عدة حاولت من خلالها الميليشيا الحوثية التقدم باتجاه مواقع للقوات المسلحة". وأن فرق "الاستطلاع والاستخبارات التابعة للقوات المسلحة التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا رصدت تحركات للميليشيات الحوثية واستمرارها في شق طرقات واستحداث تحصينات ومواقع في جبهات قتالية متفرقة".
يفسر العميد ركن خالد القارني، مسؤول ركن توجيه العمليات المشتركة، تحركات الحوثيين العسكرية الأخيرة بأنها ترتبط بعوامل رئيسة لها تأثير مباشر في المشهد الإقليمي، آخرها "تسلم الإدارة الأميركية الجديدة للسلطة، وما تبع ذلك من إجراءات صارمة ضدها بما يترتب عليه من تداعيات سياسية وعسكرية، الأمر الذي يدفع هذه الميليشيات إلى إعادة تموضعها وفقا للمعطيات الجديدة".
ويرى الخبير والباحث العسكري خالد القارني أن "توقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة يعني- وفقا لحسابات هذه الميليشيات- انتفاء "مبررات مهاجمة إسرائيل في هذه المرحلة، الأمر الذي قد يؤدي إلى إعادة توجيه أنشطتها أو تعديل استراتيجياتها بناء على التطورات الميدانية والسياسية".
لكن الأهم من كل ذلك في نظر القارني هي "دوافع البقاء والاعتراف بشرعيتها في حكم اليمن وليس لديها في هذا الجانب غير خيار استمرار الحرب والمواجهات".
بقليل من الاستقراء والتحليل، وليس الكثير من الذكاء، يمكن ملاحظة أن الحوثيين كآخر ذراع لإيران في المنطقة يعانون من حالة "انكشاف وخوف" كغيرهم من أضلاع ما سُمَّي "محور المقاومة".
ويحتفظ الخصوم الغربيون لإيران ومعها الحوثيون لما يعتبرونه "تصفية حساب مؤجل" مع طهران وبقية أذرعها في اليمن والعراق.
وتتوقع صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أن يتم ذلك من خلال "فرض حصار بحري أكثر تشديدا، وعبر تعاون مع وكالات استخبارات دولية، والتخطيط لمعركة فاصلة قبل التوجه نحو طهران".
ويقول الصحافي والناشط السياسي عبدالله أبو سعد، ناصحا لهؤلاء: "قبائل مراد وبني عبد يؤكدون المؤكد، وهو مساندتهم للجيش الوطني في معركة استعادة الدولة والعودة إلى الديار، مشددين على عدم الانتقام والثأر بينهم وبين إخوانهم من أبناء القبائل الذين تحشدهم الميليشيات الحوثية إلى الجبهات ورفض المحاولات الحوثية لشق الصف المأربي".
وفي عام 2021، شن الحوثيون بدعم مشترك من قبل إيران و"حزب الله" اللبناني هجوما واسعا على مأرب، وأكد حينها زعيم "حزب الله" حسن نصرالله، أن "الهجوم على مأرب سيستمر، وأن تداعيات معركة مأرب ستكون كبيرة جدا في اليمن والمنطقة"، مشيرا إلى أن إيران رفضت إيقاف الحرب في اليمن، لكن ذلك الهجوم سرعان ما انكسر أمام صلابة المقاومة العسكرية والشعبية ومؤازرة قوات التحالف العربي بقيادة السعودية.
وفي التحليل النهائي، يجمع مهتمون كثر على أن "محرقة" جديدة قد تنتظر الحوثيين إذا قررت طهران الزج بهم في مغامرة عسكرية، خصوصا في جبهة مأرب.
وبقليل من الاستقراء والتحليل، وليس الكثير من الذكاء، يمكن ملاحظة أن الحوثيين كآخر ذراع لإيران في المنطقة يعانون من حالة "انكشاف وخوف" كغيرهم من أضلاع ما سُمَّي "محور المقاومة" التي جرى ويجري كسرها في دول مشلولة وفاشلة، ولا يبدو أن الحوثيين لن يلقوا مصيرا مماثلا.
أخطر ما يقلق الحوثيين اليوم، أكثر من سواهم من تلك الأضلاع أنهم لا يعرفون من أين يمكن أن تتم مباغتتهم بعمل عسكري أو غيره، سواءٌ بتدخل دولي أو إقليمي، أو بانتفاضة شعبية من الداخل، وربما يكون وقود هذه "المعركة" هو الاحتقان المستعر داخليا نتيجة -في نظر كثير من اليمنيين- لما وقعت فيه هذه الجماعة من أخطاء، ليس أولها "الانقلاب" على الإجماع الوطني وإسقاط البلاد في أتون نزاع مسلح أحرق أخضر البلاد ويابسها وتسبب في مقتل أكثر من ثلث مليون يمني ونزوح وتشريد ملايين أخرى من أبناء اليمن، وتجريف كل مقومات الحياة من صحة وتعليم ومن خدمات أساسية، ولم يكن آخرها التورط في حرب أوسع إقليميا ودوليا، ليس لخدمة مصلحة يمنية وطنية أو قومية عربية إسلامية، بل لتنفيذ أجندة خارجية، وتحديدا إيرانية.
المصدر "المجلة" اللندنية
ذلك ما يراه كثيرون، ليس فقط مناوئو هذه الجماعة داخل اليمن، ولكن أيضا خبراء ومراقبون في الإقليم والعالم.
- ما الذي يحدث الآن؟
وشملت تلك التحركات التي وصفتها مصادر عسكرية بـ "الخطيرة والمريبة" خلال الأيام القليلة المنصرمة، حملات تجنيد وتعبئة معنوية "جهادية" وحشدا للآلاف من مسلحيها، وحفرا للمزيد من الخنادق ومرابض المدفعية والدبابات، على سائر الجبهات والمحاور الجنوبية والغربية والشمالية لمارب مع قصف وهجمات بالطيران المسيّر، وذلك في محاولة للتحرش بالقوات الحكومية وجرها إلى جولة جديدة من الحرب، لا تحمد عقباها.
- ما الأهمية الجيوسياسية لمأرب لدى الحوثيين؟
وإقليميا، وضع مأرب اليوم لا يحتمل المساس بأمنه واستقراره، فهي التي تحتضن الآن قرابة ثلاثة ملايين إنسان نزحوا إليها من سائر مناطق البلاد على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم، وذلك بعد أن كانت، قبل انفجار الصراع المسلح في اليمن عام 2015، مجرد "بلدة" أثرية نائية ومُهْمَلة، ولا يزيد عدد سكانها، في أفضل حال على 35 ألف نسمة.
وقد ابتكرت مأرب في زمن الحرب نموذجا في السلم الأهلي والتعايش الاجتماعي، جاذبا للاستثمارات المحلية في شتى المجالات، حيث أنشأت جامعة "سبأ" التي تضم كثيرا من الكليات التطبيقية البالغ عدد طلابها ما يزيد على 19 ألف طالب وطالبة.
إقليميا، وضع مأرب اليوم لا يحتمل المساس بأمنها واستقرارها، فهي التي تحتضن الآن قرابة ثلاثة ملايين إنسان نزحوا إليها من سائر مناطق البلاد على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم.
- ما دوافع الحوثيين للتصعيد؟
ويرى الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية والعنف السياسي، مراد بطل شيشاني، أن خطورة تصنيف الجماعات الدينية المسلحة "تمنح الولايات المتحدة وغيرها مبررا للهجوم من ناحية، وإيجاد قنوات اتصال خلفية للتفاوض في الوقت ذاته"، وفق رأيه.
- استراتيجيات حرب الحوثي
وتمثلت تلك الاستراتيجيات بالدفع بآلاف المجندين الشباب غير المدربين إلى محارق الموت بهدف استنزاف الخصوم وإرهاقهم، ومن ثم الدفع بالمقاتلين المحترفين لحسم معاركهم التي باءت كلها بالهزيمة والفشل في حرب إيران مع عراق صدام حسين، وهي اليوم مرشحة لملاقاة المصير نفسه مع مأرب، حيث لا يريد الحوثيون أن يعرفوا أن خصومهم في مأرب وسواها اليوم غيرهم بالأمس.
وقد أفادت تقارير لوسائل إعلام محلية بأن "القوات الحكومية في محافظة مأرب، تمكنت من إفشال هجمات عدة حاولت من خلالها الميليشيا الحوثية التقدم باتجاه مواقع للقوات المسلحة". وأن فرق "الاستطلاع والاستخبارات التابعة للقوات المسلحة التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا رصدت تحركات للميليشيات الحوثية واستمرارها في شق طرقات واستحداث تحصينات ومواقع في جبهات قتالية متفرقة".
يفسر العميد ركن خالد القارني، مسؤول ركن توجيه العمليات المشتركة، تحركات الحوثيين العسكرية الأخيرة بأنها ترتبط بعوامل رئيسة لها تأثير مباشر في المشهد الإقليمي، آخرها "تسلم الإدارة الأميركية الجديدة للسلطة، وما تبع ذلك من إجراءات صارمة ضدها بما يترتب عليه من تداعيات سياسية وعسكرية، الأمر الذي يدفع هذه الميليشيات إلى إعادة تموضعها وفقا للمعطيات الجديدة".
ويرى الخبير والباحث العسكري خالد القارني أن "توقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة يعني- وفقا لحسابات هذه الميليشيات- انتفاء "مبررات مهاجمة إسرائيل في هذه المرحلة، الأمر الذي قد يؤدي إلى إعادة توجيه أنشطتها أو تعديل استراتيجياتها بناء على التطورات الميدانية والسياسية".
لكن الأهم من كل ذلك في نظر القارني هي "دوافع البقاء والاعتراف بشرعيتها في حكم اليمن وليس لديها في هذا الجانب غير خيار استمرار الحرب والمواجهات".
بقليل من الاستقراء والتحليل، وليس الكثير من الذكاء، يمكن ملاحظة أن الحوثيين كآخر ذراع لإيران في المنطقة يعانون من حالة "انكشاف وخوف" كغيرهم من أضلاع ما سُمَّي "محور المقاومة".
- توجس وانعدام يقين
ويحتفظ الخصوم الغربيون لإيران ومعها الحوثيون لما يعتبرونه "تصفية حساب مؤجل" مع طهران وبقية أذرعها في اليمن والعراق.
وتتوقع صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أن يتم ذلك من خلال "فرض حصار بحري أكثر تشديدا، وعبر تعاون مع وكالات استخبارات دولية، والتخطيط لمعركة فاصلة قبل التوجه نحو طهران".
- حقائق عن مأرب
ويقول الصحافي والناشط السياسي عبدالله أبو سعد، ناصحا لهؤلاء: "قبائل مراد وبني عبد يؤكدون المؤكد، وهو مساندتهم للجيش الوطني في معركة استعادة الدولة والعودة إلى الديار، مشددين على عدم الانتقام والثأر بينهم وبين إخوانهم من أبناء القبائل الذين تحشدهم الميليشيات الحوثية إلى الجبهات ورفض المحاولات الحوثية لشق الصف المأربي".
وفي عام 2021، شن الحوثيون بدعم مشترك من قبل إيران و"حزب الله" اللبناني هجوما واسعا على مأرب، وأكد حينها زعيم "حزب الله" حسن نصرالله، أن "الهجوم على مأرب سيستمر، وأن تداعيات معركة مأرب ستكون كبيرة جدا في اليمن والمنطقة"، مشيرا إلى أن إيران رفضت إيقاف الحرب في اليمن، لكن ذلك الهجوم سرعان ما انكسر أمام صلابة المقاومة العسكرية والشعبية ومؤازرة قوات التحالف العربي بقيادة السعودية.
وفي التحليل النهائي، يجمع مهتمون كثر على أن "محرقة" جديدة قد تنتظر الحوثيين إذا قررت طهران الزج بهم في مغامرة عسكرية، خصوصا في جبهة مأرب.
وبقليل من الاستقراء والتحليل، وليس الكثير من الذكاء، يمكن ملاحظة أن الحوثيين كآخر ذراع لإيران في المنطقة يعانون من حالة "انكشاف وخوف" كغيرهم من أضلاع ما سُمَّي "محور المقاومة" التي جرى ويجري كسرها في دول مشلولة وفاشلة، ولا يبدو أن الحوثيين لن يلقوا مصيرا مماثلا.
أخطر ما يقلق الحوثيين اليوم، أكثر من سواهم من تلك الأضلاع أنهم لا يعرفون من أين يمكن أن تتم مباغتتهم بعمل عسكري أو غيره، سواءٌ بتدخل دولي أو إقليمي، أو بانتفاضة شعبية من الداخل، وربما يكون وقود هذه "المعركة" هو الاحتقان المستعر داخليا نتيجة -في نظر كثير من اليمنيين- لما وقعت فيه هذه الجماعة من أخطاء، ليس أولها "الانقلاب" على الإجماع الوطني وإسقاط البلاد في أتون نزاع مسلح أحرق أخضر البلاد ويابسها وتسبب في مقتل أكثر من ثلث مليون يمني ونزوح وتشريد ملايين أخرى من أبناء اليمن، وتجريف كل مقومات الحياة من صحة وتعليم ومن خدمات أساسية، ولم يكن آخرها التورط في حرب أوسع إقليميا ودوليا، ليس لخدمة مصلحة يمنية وطنية أو قومية عربية إسلامية، بل لتنفيذ أجندة خارجية، وتحديدا إيرانية.
المصدر "المجلة" اللندنية