> عبداللاه سُميح:

تكشف عمليات تهريب الأسلحة المتصاعدة إلى الموانئ الخاضعة لسيطرة الحوثيين، عن حجم جهود الميليشيا في تعويض الضرر الذي أحدثته الهجمات الأمريكية على قدراتها العسكرية، منذ منتصف مارس المنصرم، وحتى إعلان توقفها مساء الثلاثاء الماضي.

وأحبطت القوات اليمنية، مطلع الأسبوع الجاري، إحدى أكبر عمليات تهريب الأدوات الحربية في مياه البحر الأحمر، عبر سفينتين شراعيتين قادمتين من القرن الأفريقي، إلى مناطق سيطرة الحوثيين، وعلى متنهما أكثر من 3 ملايين صاعق إلى جانب فتائل تفجير، بالإضافة إلى منظومة اتصالات فضائية.

وقالت قوات "المقاومة الوطنية"، إن البحارة المضبوطين وعددهم 14، "أقرّوا خلال التحقيقات الأولية، بارتباطهم بميليشيا الحوثي، وكانوا في طريقهم إلى ميناء رأس عيسى"، شمال غرب محافظة الحديدة المطلّة على مياه البحر الأحمر.
  • تزايد المضبوطات
وفي وقت يزعم فيه زعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثي، عدم تأثّر قدراتهم وعملياتهم العسكرية، بالضربات الأمريكية التي بلغت 1712 غارةً وقصفًا بحريًّا، أشارت القيادة المركزية الأمريكية، إلى انخفاض تصل نسبته إلى 87 % في هجمات الميليشيا الصاروخية، ونحو 65 % في عمليات الطيران المسيّر.

ومنذ مطلع العام الجاري، حالت القوات والسلطات اليمنية دون وصول 9 شحنات مهرّبة عبر البحر والمنافذ البرّية وحتى الموانئ الرسمية، تحتوي على أسلحة ومعدات عسكرية مختلفة، بينها رادارات بحرية وقطع وأجهزة تحكم بالطائرات المسيّرة، وأجزاء صواريخ مجنحة، ومحركات نفاثة للصواريخ والمسيّرات، وأجهزة اتصالات لا سلكية عسكرية.

ويتجاوز عدد الشحنات المضبوطة مؤخرًا، نصف عدد سفن الأسلحة المهربة المُعترضة من قبل سفن حربية تابعة لكل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وفرنسا وأستراليا، التي بلغ عددها 16 سفينة، منذ سبتمبر 2015، وحتى يناير من العام 2023، وفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة.
  • إعادة البناء
واتهمت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، إيران بـ"الاستمرار في تهريب الأسلحة والمعدات إلى الحوثيين، في خرق فاضح للقرارات الدولية، ولا سيما قرار مجلس الأمن رقم 2216 ".

وقال وزير الإعلام والثقافة والسياحة، معمر الإرياني الأحد، إن المعدّات المضبوطة "انطلقت من ميناء بندر عباس الإيراني، مرورًا بالقرن الأفريقي، في طريقها إلى ميليشيا الحوثي الإرهابية عبر موانئ الحديدة".

وذكر في تدوينة على منصة "إكس"، أن هذه الشحنات "تجسيد واضح لاستمرار النظام الإيراني في تزويد ميليشيا الحوثي بالأسلحة والقدرات النوعية، في وقت يُفترض فيه أن يكون منخرطًا في جهود لخفض التوتر، لكن الواقع يثبت أن طهران تتخذ من المفاوضات الجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية غطاءً لكسب الوقت، وإعادة بناء منظومة وكلائها بعد الضربات التي تلقوها، وأنها ليست شريكًا جادًّا في أي مسعى لإرساء السلام في المنطقة".

ودعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم "عبر تشديد الضغوط على النظام الإيراني لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين، وتعزيز الرقابة البحرية على طرق التهريب، والعمل على تصنيف الميليشيا كمنظمة إرهابية عالمية، أسوة بالولايات المتحدة وعدد من الدول، باعتبارها خطرًا لا يهدد اليمن وحده، بل الأمن والسلم الدوليين".

ويشير تقرير أممي صادر العام الماضي، إلى أنماط جديدة لتهريب الأسلحة المختلفة إلى اليمن، تعتمد على مسارات بحرية وبرّية رئيسة، فيما تتم عملية نقل الأسلحة الكبيرة، عبر تهريب أجزاء منفصلة منها على دفعات، يتم جمعها من قبل الحوثيين، "ويمكنهم الاستمرار في تصنيع المزيد من الأسلحة، كالطائرات المسيرة والقوارب المفخخة، ويطيل أمد التهديدات الإقليمية والصراع المحلي".

ويسلط العدد المتزايد لعمليات التهريب البحري المحبطة، الضوء على علاقة الحوثيين العابرة للحدود مع ميليشيا وجماعات إرهابية أفريقية، الهادفة إلى تنويع سلال الإمداد والتموين العسكري، على نحو يضمن تعزيز قدرتهم العسكرية الصاعدة على المستوى الإقليمي، وبما يخدم استراتيجيات داعميهم في الإخلال بالأمن البحري.
  • استثمارات متشابهة
ويرى محلل الشؤون الأمنية، عاصم المجاهد، أن التنسيق غير المعلن بين الحوثيين والجماعات الأخرى في السودان وإريتريا وجيبوتي والصومال، "لا يمكن فصله عن رؤية إيرانية منهجية، يقودها الحرس الثوري، وتقوم على توظيف الجماعات الإرهابية كأدوات مرنة لتحقيق النفوذ والتغلغل الاستراتيجي، حتى مع وجود اختلاف أيديولوجي ظاهري".

وقال المجاهد، إن هذه التحالفات، تسهم في تعزيز قدرات الجماعات المسلحة على تبادل السلاح والخبرات والغطاء اللوجستي، فضلًا عن إسهامها في إطالة أمد الصراعات وتدويلها.

وأضاف أن علاقة الحوثيين مع هذه الجماعات، سواء كانت تكتيكية أو تفاهمات استراتيجية "فإنها تشبه تمامًا طريقة الحرس الثوري الإيراني في استثمار التنظيمات في أفغانستان والعراق وسوريا".

وذكر أن جهود مكافحة تهريب الأسلحة للحوثيين ووقف نمو تحالفاتهم الممتدة إلى الضفة الغربية من البحر الأحمر، "تكمن في تعزيز الشراكات الإقليمية مع حكومات دول القرن الأفريقي، وتطوير منظمات أمنية استخباراتية قادرة على تفكيك شبكات التهريب إلى جانب التنسيق العملياتي".

وأشار المجاهد إلى أن التهديد المتعدد الأطراف "يستدعي إعادة صياغة المقاربة الدولية لمكافحة الإرهاب، بحيث لا تقتصر على التنظيمات المصنفة إرهابيًّا، بل تشمل الجماعات التي توظف الإرهاب سياسيًّا تحت غطاء الشرعية الثورية أو الدينية".

"إرم نيوز"