> «الأيام» غرفة الأخبار:

شكك مركز بحوث دولي معني بالصراعات المسلحة حول العالم في دقة المضامين المعلنة من الجانب الأميركي والحوثيين، بشأن اتفاق وقف إطلاق النار بينهما، والذي أُبرم في مايو الماضي، كما تحدث عن أجندات خفية بين الطرفين، وجزم بأن أزمة البحر الأحمر لا تزال بعيدة عن النهاية.

وبحسب صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية فإن دراسة أصدرها مركز «مشروع بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة حول العالم» ذكرت أن التناقض في الخطاب والحقائق من الجانبين حول مضامين ذلك الاتفاق، يكشف عن الأجندات الخفية لكلٍّ من الولايات المتحدة والحوثيين.

وقال إن الهجمات الجوية الأميركية لم تُضعف ترسانة الحوثيين من الطائرات المُسيَّرة والصواريخ بعيدة المدى بشكل كامل.

وطبقاً لما أورده المشروع الذي يراقب مواقع الصراعات، فإن الإعلان المفاجئ للرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن «الحوثيين لا يريدون القتال بعد الآن، وأنهم استسلموا»، أعقبه بساعات قليلة صدور بنود الاتفاق من العاصمة العُمانية مسقط التي وصفها بـ«الوسيط الهادئ»، لتكسر الصمت بإعلانها أن أيّاً من الطرفين لن يستهدف الآخر، بما في ذلك السفن الأميركية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

وتتناول دراسة المشروع ما قالت إنه ملحق للاتفاق، أعلن عنه الحوثيون ووُصف بالمتحدي، يؤكدون فيه أنهم سيواصلون هجماتهم على إسرائيل. وأعقبه خطاب لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، يصف فيه اتفاق وقف إطلاق النار مع الأميركيين بأنه مجرد «ملاحظة جانبية».

ورأى المركز البحثي أن هذا التناقض يُقدّم حقيقة وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين، وإن لم يخلُ من بعض التشويق السياسي، حيث قدَّم كل طرف روايته الخاصة للقصة.

وسلط المشروع الضوء على التناقضات التي شكَّلت أزمة البحر الأحمر منذ البداية، حين اعتمدت الولايات المتحدة وحلفاؤها بشدة على الحديث عن «حرية الملاحة»، وفي المقابل، صاغ الحوثيون أفعالهم على أنها مقاومة للعدوان الإسرائيلي على غزة.

ويجزم المركز الدولي بأن التصريحات العلنية حجبت مصالح أكثر براغماتية، وأظهرت أن الصراع مدفوع باعتبارات استراتيجية أكثر من المبادئ.

عند تناول المركز بدايات عمليات الحوثيين في البحر الأحمر وضد إسرائيل في 19 أكتوبر عام 2023، والمستمرة حتى الآن، يرى أنه على الرغم من تصوير الصراع غالباً على أنه أزمة واحدة، فإنه يشمل في الواقع 3 جبهات مختلفة، هي: الحوثيون ضد إسرائيل، والحوثيون ضد الشحن التجاري، والحوثيون ضد الولايات المتحدة.

وبين أن الجماعة الحوثية، وعلى مدار العام ونصف العام الماضيين، شنَّت أكثر من 520 هجومًا، واستهدفت ما لا يقل عن 176 سفينة، ونفذت 155 هجومًا على الأراضي الإسرائيلية.

وحسبما أوردته دراسة المشروع، فقد ردّت الولايات المتحدة بنهج ذي شقين، عبر مبادرة دفاع بحري دولية، هي عملية «حارس الازدهار»، وعبر حملتين جويتين، تهدفان إلى إضعاف القدرات العسكرية للحوثيين.

وقد أسفرت هذه العمليات مجتمعة - حسب المشروع - عن 774 غارة جوية، وما لا يقل عن 550 ضحية، بين 12 يناير عام 2024 و6 مايو من العام الحالي.

ويذكر المشروع أنه وفقاً لمنطق الحرب غير المتكافئة، لا يحتاج الحوثيون إلى كثير من الأسلحة؛ إذ إن بعض «الضربات الذهبية» الموجهة جيداً، أو الضربات شديدة التأثير، لا تزال بإمكانها إحداث هزة في حركة الشحن العالمية، وإشعال أزمة إقليمية جديدة.

وقال المركز إن القوة الحقيقية لردع الحوثيين لا تكمن في حجم ترسانتهم، بل في قدرتهم على الحفاظ على إدراك متزايد للمخاطر. ورجَّح أن المواجهة في البحر الأحمر لا تزال بعيدة عن النهاية، على الرغم من التصريحات العلنية.