> مايكل روبن:

​حالة جديدة يعيشها الغرب، إذ يرفض الدبلوماسيون الغربيون تصنيف جماعات معينة كمنظمات إرهابية، بحجة أن ذلك قد يكون غير مجدي إذا شمل أطرافًا كثيرة.

فعلى سبيل المثال، رفض الاتحاد الأوروبي تصنيف حزب الله بأكمله كمنظمة إرهابية، مبررًا ذلك بأن الحزب أصبح جزءًا لا يتجزأ من المشهد السياسي في لبنان، وقد يؤدي التصنيف إلى زعزعة استقرار البلد. لكن من دون كثير من التفكير في حقيقة أن تفكيك إسرائيل للجناح العسكري لحزب الله، وتحييده فعليًا، قد أحيا آمال السلام في لبنان بعد عقود من الحروب.

ونفس النقاش تكرر قبل أن يصنف الرئيس الأميركي دونالد ترامب "الحرس الثوري الإيراني" كمنظمة إرهابية. فقد انتقده كثيرون لأن الحرس الثوري جزء من الجيش الإيراني، ويقوم بدور اقتصادي كبير، وليس فقط عسكري. لكن هذه كانت نقطة القوة في القرار؛ إذ سمح هذا التصنيف للولايات المتحدة باستهداف الجذور الاقتصادية للإرهاب الإيراني، وليس فقط أعراضه.
  • لماذا يعارض الدبلوماسيون تصنيف الإخوان المسلمين؟
النقاش ذاته يحتدم اليوم في واشنطن حول ما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية أجنبية.
فحلفاء واشنطن مثل البحرين ومصر والإمارات قاموا بتصنيف الجماعة كجماعة ارهابية بالفعل. إلا أن وزارة الخارجية الأميركية ترفض هذا التوجه لسببين:

أولا: الجماعة تنظيم واسع وفضفاض، وهي ليست مجرد بنية تنظيمية بل أيديولوجيا فكرية، وبهذا يصعب تحديد أين تنتهي.

ثانيا: تتعرض واشنطن لضغوط من دول داعمة أو واقعة تحت تأثير الجماعة، مثل قطر وتركيا، وزارة الخارجية تخشى أن يؤدي تصنيف الإخوان بشكل شامل إلى تداعيات على علاقات واشنطن مع قطر وتركيا، وربما إجبارها على تصنيفهما كدول راعية للإرهاب. كما تعارض الجامعات ومراكز الأبحاث مثل هذا التصنيف، خوفًا على التمويل الذي يتلقونه من تلك الدول.

لكن قبول هذه الحجج هو تفضيل للراحة على الحقيقة. إذ يمكن لواشنطن أن تتعامل مع الطابع الواسع للجماعة عبر استهداف الأفراد، كما تفعل وزارة الخزانة مع ممولي القاعدة وحزب الله. أما فيما يخص الحلفاء، فإن الاستجابة المثلى ليست إنكار الواقع بل المطالبة بالإصلاح.

سبق أن أدرجت الولايات المتحدة كوريا الجنوبية وإسرائيل في قوائم الاتجار بالبشر، وردت العاصمتان بالتعاون مع واشنطن وتحقيق الإصلاحات اللازمة. كما نجحت قبرص وأرمينيا في الخروج من قوائم غسيل الأموال بفضل تعزيز الشفافية. فإذا كانت قطر وتركيا جادتين بشأن مكافحة الإرهاب، فعليهما أن ترحبّا باجراء اصلاحات لا أن تدفع رشاوى للهروب من المحاسبة.

وفي الأثناء، يمكن لواشنطن أن تتجنب الجدل العام بتصنيف فروع الإخوان ذات السجل الإرهابي الواضح، مثل فرع الجماعة في الإمارات المعروف والذي ثبت تورطه في مؤامرات انقلابية.
  • فرع الإخوان في اليمن (الإصلاح) يتبنى الإرهاب
إذا كانت واشنطن جادة في إحلال السلام باليمن، فيجب أن تبدأ بتصنيف "التجمع اليمني للإصلاح" — فرع الإخوان الرسمي في اليمن — كمنظمة إرهابية.
اللجنة النرويجية لجائزة نوبل حاولت تلميع صورة الجماعة في 2011 بمنح جائزة نوبل للناشطة توكل كرمان، العضوة البارزة في حزب الإصلاح. وقد دافع رئيس اللجنة حينها عن القرار بقوله إن الجماعة لا تشكل تهديدًا للديمقراطية، بل "قد تكون جزءًا من الحل". لكن الواقع كذب هذا الادعاء، فبدل أن يعتدل، انغمس الحزب أكثر في الإرهاب بعد الجائزة.

في نفس العام، كان أنور العولقي — أحد منظري القاعدة في جزيرة العرب — يختبئ في منازل قيادات إصلاحية بارزة. كما تعاونت "جمعية الإصلاح الخيرية" مع "مجلس حضرموت الاهلي" الخاضع للقاعدة خلال سيطرة التنظيم على المكلا في 2015-2016. بل إن بعض قيادات الإصلاح دعت لإشراك القاعدة في الحكم باليمن.

ويدعم قادة الحزب حماس والقاعدة في آنٍ واحد. وقد صنفت الأمم المتحدة والولايات المتحدة الشيخ عبد المجيد الزنداني — أحد مؤسسي الحزب والمقربين من أسامة بن لادن — كإرهابي لدعمه حماس والقاعدة. وفي ديسمبر 2016، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على حسن علي أبكر، رئيس فرع الإصلاح في الجوف، لدعمه المالي والمادي لتنظيم القاعدة. وفي 2017، فرضت العقوبات على القيادي خالد علي العرادة لنفس السبب، لكن الحزب دافع عنه واعتبر تصنيفه "استفزازًا".

وفي أكتوبر 2024، صنفت واشنطن رجل الأعمال اليمني والقيادي الإصلاحي حميد الأحمر — نجل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، أحد مؤسسي الحزب — كـ"داعـم دولي بارز لحماس"، مشيرة إلى إدارته لمحفظة مالية بقيمة 500 مليون دولار لصالح حماس. ويقيم الأحمر اليوم في تركيا حيث ينشط في تنسيق برلمانيي الإخوان المسلمين حول العالم.

أما في الوقت الذي شجب فيه العالم العربي والغربي مذابح 7 أكتوبر 2023 في إسرائيل، احتفل حزب الإصلاح بما وصفه بـ"المقاومة الفلسطينية"، ودعا لمواصلة "الكفاح المسلح" ضد إسرائيل والغرب عمومًا.
  • تصنيف الإصلاح سيُسهم في استقرار اليمن
سجل حزب الإصلاح واضح وصريح. ففي كل محطة، يختار الحزب دعم القاعدة وحماس، بدلاً من النأي بنفسه عن الإرهاب. وفي الوقت الذي تستهدف فيه الولايات المتحدة الحوثيين بسبب دعمهم لحماس، تواصل دعم حزب الإصلاح كشريك في الحكومة اليمنية، ما يثير شكوك الحلفاء الإقليميين حول جدية واشنطن.

بل إن "المعهد الديمقراطي الوطني" الـ "ان دي آي "الأميركي عمل على توسيع نفوذ الإصلاح في جنوب اليمن، رغم أن الجنوب هو الجزء الأكثر استقرارًا في البلاد.

وقد يتحجج الدبلوماسيون بأن تصنيف الإصلاح سيزعزع اليمن، لكن هذا تفكير خاطئ. إذ إن تمكين واجهة إرهابية كالإصلاح لن يجلب السلام، بل سيضمن استمرار الفوضى. فالإصلاح لا يقل إرهابًا عن حماس والحوثيين، وحان الوقت للتعامل معه بهذه الصفة وإرسال رسالة واضحة لكل اليمنيين: المجتمع الدولي سيقف ضد كل المتطرفين، مهما كانت قبائلهم أو طوائفهم.

عن "مجلة الأمن القومي"