أخر تحديث للموقع
الثلاثاء, 13 مايو 2025 - 12:49 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • كلمة لا بد منها لماذا العاصفة اتجهت جنوبا؟

    قاسم عبد الرب العفيف




    بدأت العاصفة متجهة شمالا لإعادة الشرعية إلى عاصمة الدولة اليمنية وإنهاء الانقلاب في العاصمة صنعاء، وجيشت الجيوش والقبائل والموالين، وفتحت لهم مخازن الأسلحة والذخائر، والاهم من ذلك فتحت خزائن الأموال، وبعدها وزعت المهام، وقدمت دول التحالف الدعم الجوي والبري والبحري غير محدود.

    ويخيل للمرء أن سماء اليمن وبحاره، على مدار الساعة، تحوم فيها نسور الجو وسفن الحراسة على طول الشواطئ لمطاردة الانقلابيين وحليفهم صالح لكي يذعنوا للعودة عن الانقلاب، وتمكين عودة الشرعية إلى صنعاء، وكان الأمل أن تكون العودة في غضون أشهر بسيطة، وتنتهي المعركة، لكن ما حدث لم يكن بحسبان أحد، فمن استلم السلاح والذخائر والمال قد هزم في أول معركة في الجوف الشهر الأول من العاصفة واستلم الانقلابيون أسلحة وذخائر. وما أدري هل مع المال أم أن ذلك ترك مكافئة لاستسلامهم.

    لم تتم محاسبة المسؤولين عن تلك الهزيمة المبكرة، ولكن، بدلا من ذلك، تم ترقيتهم، فالأول أصبح نائب الرئيس، والثاني وزير الدفاع، وكان ذلك مؤشرا على هزائم متلاحقة ليس للشرعية، ولكنها هزيمة للتحالف الذي ساندها من أول لحظة، تلك الهزائم تتالت في أوقات مختلفة، مكنت الانقلابيين من الثبات على الأرض والتمون بالذخائر والأسلحة الحديثة، التي يتركها الجيش الوطني في معسكراته ومواقعه، وتمكن الانقلابيون من التحول من الدفاع إلى الهجوم على طول وعرض الجبهات.

    ولَم يردع تلك الجماعات الانقلابية إلا مقاومة الجنوب، التي طردتهم في غضون ثلاثة أشهر من أرض الجنوب كاملة دون مشاركة الشرعية بجيشها المسمى بالوطني، ولم يقدم أي دعم للمقاومة الجنوبية من السلاح والذخائر والمال الذي استلموه على الإطلاق، غير ما حصلت عليه تلك المقاومة من الدعم الإماراتي الكبير الذي كان حاضرا في تلك الانتصارات، خاصة في عدن وحضرموت والساحل الغربي حتى مشارف الحديدة، وكانت معارك كلها تكللت بالنصر.

    لماذا تحولت العاصفة جنوبا؟ ولماذا الحشود جنوبا؟ وهل تغير العدو من شمال نحو العاصمة صنعاء إلى جنوب نحو عدن؟ والسؤال الرئيس هل من حرر بلاده عليه أن يغادرها ويسلمها لمن ترك وراءه كل جيوشه ومعسكراته هاربا ولَم يطلق طلقة واحدة تجاه الانقلابيين؟

    لا أحد يجد تفسيرا لدماء الجنوبيين التي أريقت على أرض الجنوب والشمال ولا تساوي لدى الشرعية ومن يدعمها شيئا، بل يتم بإصرار على تسيير الحشود، حتى اللحظة، نحو الجنوب وعلى مشارف شقرة، بينما قوات الحوثي على مشارف مأرب آخر معاقل الشرعية، تاركين قبائل مراد لوحدها تصد هجوم الحوثي؟ أيعقل أن يكون كل ذلك تحت وهم الحفاظ على الوحدة التي لم يتم الحفاظ عليها عندما كان تحت تصرفهم الجيوش الجرارة والترسانات من الأسلحة، بل ولوا هاربين وتركوا عاصمة البلاد وراءهم دون أن يطلقوا طلقة واحدة.

    ما هو السر في عدم حشد قوات الشرعية التي تقدر بعشرات الآلاف في الاتجاه شمالا على خط التماس مع غريمهم الحوثي؟
    ماذا عن التحالف الذي أتى لإعادة الشرعية إلى صنعاء هل تخلى عن ذلك الهدف وأصبح ينفذ أجندات الشرعية بالتوجه جنوبا الأرض التي حررها أبنائها من براثن الحوثي في الشهور الثلاثة الأولى من انطلاق عاصفة الحزم؟

    الجنوب موجود على مر الزمن مستقلا، وتعاقبت عليه دول ومشيخات وسلطنات وإمارات، ولن تستطيع أقوى الدول سحبه إلى مواقع أخرى مهما كانت قوتها أو مهما ظلت جاثمة على أرضه، وفِي نهاية المطاف تتركه وترحل، واستقل الجنوب، وتمكن من إنشاء دولة جنوبية معتبرة، وسيرحل من يفكر باستعمار الجنوب عبر أية ادعاءات أو اتفاقات. ومهما يكن الجنوب يتحمل الجور لفترة، لكن في نهاية المطاف يستسلم من يريد استعباده ويذهب إلى مزبلة التاريخ.

    تقدمت دولة الجنوب بنية حسنة وصادقة بالتوحد مع دوله أخرى هي الجمهورية العربية اليمنية، لا يعني أن يتم تملك الجنوب واستعباده من قبل تلك الدولة. وحسب قول علي محسن، في أحد خطاباته الثورية عندما قفز من سفينة علي عبدالله صالح الغارقة إلى سفينة الثورة، إن الجنوب كان تحت الاستعمار الشمالي، الذي كان يقوده الرئيس علي عبدالله صالح منذ حرب 94 م، ومع ذلك تخلى عن تصريحاته هذه، وأصبح من موقعه نائب رئيس الشرعية، يمارس أبشع أنواع الاستعمار، بل جلب إلى الجنوب كل طوائف الإرهاب وتمكينها من أرض الجنوب وتحت حماية جيشه الوطني وأدواته الإدارية في المحافظات الجنوبية التي تسيطر عليها الشرعية، لكن المستغرب أن الدول العظمى التي تدعي أنها تحارب الإرهاب، ومنها من تقوم بضرب المعسكرات التابعة للشرعية التي فيها عناصر إرهابية، لم نسمع منها أي صوت عادل يخص شعب الجنوب، وفِي دعمه على حقه في الوجود وعلى صون حريته وكرامته، بل نراها تقف في المنتصف ولا أحد يعرف هل تلك القوى التي تساند الإرهاب في الجنوب تستطيع أن تحافظ على مصالحها الحيوية أو أن المصالح التي تجنيها شركاتها في حقول النفط والغاز أغلى من مبادئها التي دوخت العالم بها بالدفاع عن حقوق وحرية الإنسان، وهي الآن أمام المحك الحقيقي، ونعرف أن تلك الدول تحارب الفساد في بلدانها، ولكنها تغض النظر عن فساد شركاتها العاملة في حقول النفط والغاز، والتي تعمل مع قيادات الشرعية الفاسدة في نهب ثروة الجنوب. اعتقد حان الوقت لكي تطبق العدالة على من يشارك بنهب ثروة الجنوب من الشركات العاملة في حقول نفط وغاز الجنوب.

    الشرعية فشلت في حربها مع الحوثي وتريد نصرا سهلا، وهذا النصر، هو الاستيلاء على الجنوب بحجة أنها شرعية معترف بها العالم بينما، هي لم يكن لها أي دور في تحرير الجنوب غير أنها جلبت في ثنايا جيشها العناصر الإرهابية إلى الجنوب.

    ومن عجائب الشرعية أنهم يعتقدون أن استعادة صنعاء سيكلف سكانها خسائر بشرية ومادية، ولهذا تجنبوا ذلك، وحين دخل الحوثيون إلى صنعاء، بعضهم وقف على الحياد وبعضهم الآخر ظل متفرجا متسمرا في موقعه لا يفعل شيئا، وبعض منهم ساعد في اقتحام صنعاء نكاية بمعارضيه، وأما قائد الفرقة الأولى مدرع فلجأ إلى السفارة السعودية ليعلن أنه في وجه الملك عبدالله، وأنه لا يريد إراقة الدماء في صنعاء، وأعلن بعد ذلك وزير دفاع الشرعية أن صنعاء مدينة حضارية، لا يفكر في اقتحامها، وتبعه في ذلك وزير الإعلام يصرح بأنهم لم يتخذوا قرار بعد باقتحام صنعاء، أما رئيس الجمهورية فصرح أنه لا ينوي اقتحام مدينة الحديدة، طيب عال العال والسؤال لماذا عدن يحاولون اقتحامها بالقوة؟ ألا يوجد فيها سكان وغير مسموح بتدميرها أو أن سكانها من كوكب آخر

    عدن تعرضت في عام 94 م للاقتحام على أساس أن فيها شيوعيين ومرتدين عن الوحدة، ودمروها، بينما على رأس المقتحمين ضمن جيوش الشمال كان قادة عسكريون ممن كانوا يوما ضمن جيش الجنوب، وتنطبق عليهم صفة تهمة الشيوعية، ولا أدري كيف مسحوا عنهم شيوعيتهم!
    وفي عام 2015 م اقتحموا عدن بهدف مطاردة الدواعش وقرروا أن سكان عدن والجنوب كلهم دواعش.

    وفي عام 2019 حاولوا اقتحام عدن تحت اسم عملية خيبر سمح لهم التحالف بالمرور من مأرب حتى مشارف عدن ومعروف أيش تعني كلمة خيبر في التاريخ الإسلامي واليوم، تأتي الحشود تباعًا إلى شقرة تحت سمع وبصر التحالف والعالم، ولا ندري هل هناك اقتحام جديد تحت مسمى خيبر 2 وهل ما في أحد من العالم والتحالف يوقف الزحف إلى عدن تحت أي حجة حتى الإنسانية كما يفعلون مع المدن الشمالية؟

    اليوم الجنوب على مفترق طرق، يعيش في حالة حصار ممنهج في تعطيل متعمد للخدمات ومحاربته في قوت يومه بسبب حجب المرتبات للموظفين والمتقاعدين العسكريين والمدنيين لأشهر، وبسبب الفساد المالي والإداري وغلاء المعيشة وانهيار العملة المحلية، وأصبحت مداخيل الناس لا تفي لإعاشتهم هم وأسرهم ومعرضين للانقراض بينما كل مداخيل النفط والغاز ومداخيل المنافذ كلها تذهب إلى بنوك في الرياض لتقوم الشرعية بالتصرف فيها... وبدون خجل تضخ إلى البنك المركزي بعدن عملات ورقية محلية لا تساوي ثمن طباعتها وكان المفروض أن يتم إدخال كل عائدات النفط والغاز وكل موارد البلاد إلى البنك المركزي بعدن، وهنا تقع المسؤولية القانونية على الحكومة بأن تقرر صرف مرتبات كل موظفي الدولة من الرئيس حتى الموظف العادي دون تمييز أحد بالعملة المحلية وفقا لكادر الخدمة المدنية والعسكرية عندها نحقق العدالة، ومن ناحية أخرى يتم الحفاظ على قيمة العملة المحلية.

    من أصدر قرار أن يكون اليمن تحت البند السابع، ومن يقم بتنفيذه يتحمل المسؤولية الكاملة عما يجري من دمار وعقاب للشعب.

    هناك سكان في المدن، وبالذات في عدن، يعيشون تحت خط الفقر، ولا زال سكانها تحت التهديد بالاقتحام من قبل قوات ما تسمى بالشرعية، وفيها عناصر تنتمي للقاعدة وداعش، لذا نطالب المجتمع الدولي ممثلا بمجلس الأمن بحماية المدنيين من هذا العبث وتوقيف آلة الحرب التي تدمر السكان المحليين ورفع الظلم فيما يتعلق بصرف مرتباتهم بانتظام وتوفير الخدمات الضرورية حتى في الحد الأدنى لإبقائهم على قيد الحياة.

المزيد من مقالات (قاسم عبد الرب العفيف)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال