الخميس, 19 يناير 2023
3,898
على خلفية انعقاد المؤتمر الأول للصحافيين والإعلاميين الجنوبيين، وانبثاق نقابة عنه تعني بأوضاع وقضايا الصحفيين الجنوبيين، وعلى الرغم من التحفظات والملاحظات التي أبديناها من سابق بشأن تشكيل قوام اللجان المعنية بالتحضير والإعداد، إلا أن هذا لا يمنع من أن نبارك للإخوة الزملاء في المجلس الانتقالي اختيار من يمثلهم وينوبهم في فعاليات ومؤتمرات داخلية أو خارجية، لكن تظل حاجتنا الملحة في الحديث إلى الطريقة العجيبة التي تم من خلالها تشكيل اللجان التحضرية -وهي بداية النواة الأولى- والعناوين العريضة والآلية المتخبطة التي فرضتها اللجنة الإشرافية على تنظيم المؤتمر، بدءا من عشوائية الأسماء والشخصيات التي تم اختيارها وتشكيلها على مبدأ (الشللية والمحسوبية)، وإدراج أسماء لا علاقة لها بمهنة الصحافة والإعلام، ولا تملك رصيد إعلامي غير أسلوب (القدح والمدح) عبر (منشورات وتغريدات) تعبر عن حالة من السطحية والهشاشة، والعنصرية في تناول الخطاب الإعلامي الجنوبي، حيث تم عن قصد وإصرار إقصاء أسماء صحفية وإعلامية محايدة لا ارتباطات حزبية أو سياسية لها، وتملك سجل طويل في المجال الإعلامي حافلا بالأعمال والأنشطة الصحفية التي رصدت ووثقت على مدى سنوات طويلة، وهي أسماء صحفية جنوبية معروفة تم تجاهلها عنوة، واستبدالها بمن يمكن تسميتهم (بالمفسبكين) لأجل تسيرهم لمصالح وأهداف سياسية مدفوعة سلفا.
يبدوا أن القائمين على هذا المؤتمر كانت لديهم أهداف أخرى، ظاهرها خلق كيان إعلامي حقوقي يحفظ حقوق جميع الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين، وباطنها فرض عليهم وصايا وإملاءات العمل وفق قواعد سياسية محددة ومرسومة الأهداف، مثال (أن تحمل بطاقة عضوية الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين، فأنت ملزم بالتقييد في الخطاب والتوجه الإعلامي بحسب البرنامج والوثائق التي قرها وقررها المؤتمر)، وهو ما أعتبره شخصيًا محاولة لمصادرة حق التعبير الحر للصحفيين الجنوبيين، وتكبيل الصحافة الجنوبية المستقلة ووضعها في دائرة الوصاية والإملاءات التي ستفرضها مستقبلا -نقابة- تأسست بملامح سياسية واضحة تعمل تحت إشراف تيار سياسي (المجلس الانتقالي الجنوبي) وبدعم من رئيس المجلس الواحد، وهو أمر آخر يقودنا إلى استجرار الحقبة الشمولية، ومصادرة الحقوق والحريات الجنوبية، وهو ما نلتمسه اليوم بأن تلك الحقبة قد تعاود نفسها وبنفس العقلية، ولكن بشعارات جديدة تتغنى بالقضية الجنوبية، وتدغدغ مشاعر الناس على هذا الأساس.
كُنا نتطلع إلى أن تكون هناك نقابة مستقلة لا تحمل تحت مظلات سياسية أو برعاية جهات سياسية، نقابة يتم انتخابها انتخابا شرعيا وديمقراطيا حتى يتم وضع مداميك أساسية ورئيسية لمستقبل ديمقوراطي، ولحرية إعلامية بعيدة عن أي إملاءات أو مؤثرات سياسية، نقابة تعمل باستقلالية، وتدافع عن حقوق الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين بمختلف أفكارهم وقناعاتهم وقضاياهم، لا وفق قناعات من يحاول اليوم رسم خطوط وعناوين محددة على الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين.
ختاما نتمنى أن يستفيد الإعلام الجنوبي من أخطائه، وأن يتحرر من أسلوب (الركاكة) في التناول والطرح، وأن يستفيد القائمون على المؤتمر الإعلامي والصحفي الجنوبي من تجارب الأوطان الديموقراطية الناجحة التي لا تتطور أو تزدهر على تأثير ما يكتبه (التافه) في صفحات (الفيس بوك) وغيرها، بل ترتقى وتتألق من خلال احترام العقل والفكر والثقافة، وتقديس مبادئ وقيم الحرية والحيادية والشفافية، فلا يمكن للصحافي أن يعمل في أجواء غير ديموقراطية وآمنة، ونقابة ترعاها توجهات وأجندة سياسية، وأشخاص دخلاء على المهنة يريدون الهيمنة المطلقة على الإعلام الجنوبي، واختطاف الصحافة الجنوبية من أصحابها.