أخر تحديث للموقع
اليوم - الساعة 04:29 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • مبادرة السلام العرجاء والسقوط السريع

    د. حسين لقور بن عيدان




    صاحب إعلان مبادرة السلام الأممية للحرب في اليمن والجنوب العربي الكثير من الجدل المشروع ومما أبانه هذا الجدل من إشكاليات عدم استيعاب مسببات الصراع الأساسية، كما أظهر أن الحوثي ليس معنيًا بالسلام وأنه مجرد وكيل معتمد لإيران في المنطقة ملتزمًا بخدمة مشاريعها التوسعية وورقة ابتزاز تلعبها إيران متى شاءت وفي أي مواجهة سياسية.

    وهنا من المهم التذكير قبل مناقشة إشكاليات هذه المبادرة أن المشاورات التي سبقتها كانت بعيدة كل البعد عن سبر أغوار الصراع الحقيقي والبحث الموضوعي عن حلول حقيقية لإنهائه، وهو ما عكسته المبادرة في التركيز على الجوانب الإنسانية وتضخيمه وهو أمر إيجابي لكنه كان على حساب معالجة أسباب الحرب.

    بالنسبة للجدل حول المبادرة والإشكاليات فإن أكثر ما أثار النقاش هو أن الأمم المتحدة والدول الراعية للمبادرة لكل منها أسبابه بتقديم هذه المبادرة، فالأمم المتحدة كما أصبح شائعًا ومعروفًا عنها أنها لا تسهم في حل الصراعات الدولية ولكنها تديرها بما يخدم مصالح قوى دولية مؤثرة تستفيد من هذه الصراعات والحرب في اليمن والجنوب ليست استثناءً، أما الإقليم فلكل طرف دعم هذه المبادرة أسبابه الخاصة أيضًا، إضافة إلى أن الكل يحاول الخروج من مأزق هذه الحرب بأقل قدر من الخسائر.

    الإشكالية الأساسية في هذه المبادرة من بدايتها حيث إنه تم تمامًا استبعاد الشرعية عن مفاوضات تلك المبادرة وهذا ليس سرًا نكشف عنه بل ظهر جليًّا في ردود أفعال أطرافها التي كشفت أنها كانت كالزوج المخدوع وأنها آخر من يعلم بما تم الاتفاق عليه بين الأمم المتحدة والأطراف الإقليمية في بنود المبادرة وهذا يفقدها شرعيتها أو حتى موضوعيتها.

    والطرف الآخر الذي استبعد كذلك من مشاورات هذه المبادرة هو المجلس الانتقالي الجنوبي الطرف الجنوبي الذي يقف أمنيًا وعسكريًّا في وجه الحوثي وهو حتما ما يثير التساؤلات بل الريبة عن جدوى هذه المبادرة وسعيها لإنهاء الصراع بشكل قمعي في وقت يعتبر الجنوب فيه طرفًا أساسيًّا وفاعلًا.

    وبناءً على هذا نجد أنفسنا أمام السؤال الكبير، كيف يمكن تقديم مبادرة تستثني الطرف الشرعي المعترف به دوليًّا والقوة الأساسية التي تحميها وهو الانتقالي الجنوبي صاحب الحضور العسكري في مواجهة الحوثي؟

    أما الإشكالية الأخرى هي أن هذه المبادرة لم تتبنَ الحياد كاملًا، حيث أعطت للحوثي أكثر مما قدم للسلام ولربما هنا علينا أن نشير إلى أنه حدث خلطًا متعمدًا عند المبعوث الأممي الذي وضع الجانب الإنساني وكأنه هو المشكلة متجنبًا أسباب ما قاد إليه من صراع وحروب ولجوء وتوقف تام للدورة الاقتصادية في البلد.

    ولذا؛ يمكن القول إن هذه التحركات تبقى مثيرة للريبة والشك حول أهدافها، لأنه كلما ابتعدت الحلول عن البحث على جذور الصراع وأسباب الحرب سيطول أمد هذا الصراع وستستأنف جولات الحرب وتزداد تشابكاتها وتعقيداتها، بل إن الإصرار على السير في مبادرة سلام ناقصة لا يعني إلا خلق المزيد من العقبات والتحديات أمام الجميع وليس من صالح الجميع التهوين منها، والجدل الذي رافق إعلان تلك المبادرة يوضح عمق الصراع وتجذره وتعقيداته المتزايدة ويجعل من استمرار الحرب أمرا لا مفر منه وسوف تدخلها أطراف أخرى و ربما يشمل مناطق جديدة وبهذا أوضحت المبادرة أن العالم ليس جادًّا في وقف الحرب ولا في عجلة من أمره طالما أن هناك قوى يمنية على استعداد للانخراط في هذه الصراعات.

المزيد من مقالات (د. حسين لقور بن عيدان)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال