كيف تركع الشعوب، وكيف تستسلم من حيث لا تدري؟
هذا السؤال يستدعي التحليل والتأمل في الوقائع الحالية، بعيدًا عن تأثير الإعلام الموجه الذي يستهدف تضليل الناس عن الحقيقة. وسنقوم باستعراض إجابة مختصرة على هذا التساؤل، متمنين أن يستوعب القارئ هذه الحقيقة.
تتمثل مؤشرات استسلام الشعوب في خروجها إلى الشوارع والساحات العامة في مظاهرات سلمية هادئة من أجل قضايا اقتصادية ومعيشية وخدمية. ورغم أن الشعوب عادة لا تخرج في مظاهرات سلمية للمطالبة بحقوقها الأساسية، إذ إنها غالبًا ما تخرج في مظاهرات احتجاجية غاضبة وغير سلمية، للتعبير عن رفضها لسياسات الحكومات التي أدت إلى تلك الأوضاع المتردية.
إلا أن بعض الشعوب المتقدمة التي تعترف بحكوماتها وتحترمها، قد تخرج في مظاهرات سلمية أمام سلطات تفهمها وتقدّر مطالبها.
أما بالنسبة لما يحدث اليوم للشعب الجنوبي، فإن الأزمات الاقتصادية والمعيشية والخدمية المتفاقمة التي يعاني منها هي في الحقيقة أزمات مفتعلة، تمارسها السلطات بشكل مدروس ومتعمد بغرض تركيع الشعب وإذلاله، وإرغامه على القبول بمشاريع وأجندات سياسية جاهزة سلفا، ستقدم له كحلول لهذه الأزمات والمشاكل المفتعلة.
وبالتالي، فإن خروج الشعب الجنوبي في مظاهرات سلمية للاحتجاج على الحكومة التي تفتعل له هذه الأزمات بشكل ممنهج ومدروس يعني أنه قد وصل إلى حالة الركوع والاستسلام، وأصبح جاهزًا لقبول أي مشروع سياسي يُقدم له بعد ذلك على أساس أنه الحل للمشاكل الاقتصادية والمعيشية المتفاقمة. لذا، يتوجب على الشعوب أن تعي هذه الديناميكيات وأن تكون حذرة من الوقوع في فخ الاستسلام.