أخر تحديث للموقع
الأحد, 25 مايو 2025 - 01:38 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • في زمنٍ مائل.. تنهض الأسرة كأجمل مؤسسات العدالة

    جسار مكاوي




    في زمنٍ تتكاثر فيه المخاوف، وتتغير فيه المواقف كما تتبدّل الفصول، بات الحياد ترفًا، والإنصاف استثناءً لا قاعدة. تتأرجح العدالة بين أوراق وبلاغات، وتُختزل أحيانًا في إجراء عابر، أو تقرير يصدر على عجل، فيما تغيب روح القانون لصالح ضجيج الاتهام.

    ولأن المؤسسات ليست دائمًا في صف الإنسان، ولأن بعض الإجراءات تُستغل لتصفية الحسابات أكثر مما تُستدعى لإحقاق الحق، فإننا بحاجة ماسة للعودة إلى منبع القيم الأول(الأسرة).

    الأسرة ليست فقط رابطة دم أو صورة تجمع أفرادًا في يوم عيد، بل هي المؤسسة الأولى التي تعلّم المعنى الحقيقي للكرامة، وتحفظ لأبنائها اسمهم حين تتعثر الألسن، أو تُزيّف الروايات. حين يتعرض أحد أفرادها لظلمٍ صريح أو خديعة مغلّفة بورق رسمي، تنهض بكل وعيها الأخلاقي وتاريخها العائلي وتقول: (هنا الحقيقة... وهنا الإنسان).

    لقد أثبتت الكثير من الأسر في عدن، وغيرها من مدن الجنوب، أنها قادرة على أن تكون مرجعية اجتماعية في زمن ضعف المرجعيات، وأنها، حين يغيب ميزان العدالة عن بعض المراكز، تزن الأمور بضميرها، لا بمزاج السياسة أو بتقلب المصالح.

    ومن بين ما يجب أن ننتبه له، هو ضرورة أن تبقى المؤسسات في خدمة العدالة، لا أدوات في يد من يسعى لتشويهها أو توظيفها ضد الأفراد. فالمجتمع لا يستقيم حين يُعامل الناس على الشبهة بدلًا من القرينة، أو حين تسبق الإجراءات حسن الظن.

    نحن بحاجة إلى مؤسسات تؤمن بأن مهمتها الأولى هي حماية الإنسان وصون كرامته، لا أن تُثقل كاهله بالإجراءات المجحفة. نحتاج إلى سلطة تنصت قبل أن تحكم، وتتحقق بعدل قبل أن تُصدر قرارًا. ما نطمح إليه هو حضور راشد للوظيفة العامة، حيث تكون الأمانة والمسؤولية فوق كل اعتبار، وحيث يُستعاد الثقة بين المواطن والمؤسسة على أسس من الشفافية والاحترام المتبادل.

    وحتى تستعيد المؤسسات توازنها، وحتى يعود للمواطن شعوره بالأمان الحقيقي لا الوهمي، ستظل الأسرة العدنية، الجنوبية، النبيلة، تقف شامخة، راسخة، تحمي أبناءها بسيرتهم، وتردّ عنهم البلاء بثباتها.

    نعم، في زمنٍ مائل.. لا يزال هناك ما يُراهن عليه: أسرة تُربّي رجالًا يعرفون الحق، ويثقون أن الكلمة النزيهة، حين تُقال في وقتها، تصنع الفرق... وتُسقط الزيف، ولو طال.

المزيد من مقالات (جسار مكاوي)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال