لماذا ترك الصيادلة مهنتهم للأطباء وقد فصلها العرب في عهد المنصور؟

> د. محمد أحمد الشقاع

>
د. محمد أحمد الشقاع
د. محمد أحمد الشقاع
الطب والصيدلة والمهن الطبية مهن سامية ونبيلة، ونفتخر بأن التطور والنهضة التي حصلت في اليمن كان من مخرجاتها عدد من الأطباء الأكفاء وعدد من الصيادلة المؤهلين، وهدف هذه المهن السامية هو تخفيف الآلام ودرء الأسقام ومكافحة الأمراض ومسبباتها والوقاية منها. لكن هناك ظاهرة سيئة انتشرت في الآونة الأخيرة، وهي أن بعض الأطباء سرقوا مهنة الصيدلة من أصحابها، وذلك بفتحهم صيدليات غير مرخصة في عياداتهم دون الرجوع إلى الوزارة أو إدارة الخدمات الصيدلانية، كما أن بعض الأطباء يلجأون إلى أخذ نسبة من دخل الصيدلية من الأدوية التي يصفونها وأخذ نسبة من صاحب المختبر على الفحوص المخبرية والصحية، وفي الأخير المواطن المريض هو الذي يقع فريسة لشيء يمكن أن نطلق عليه (جشع) بعض الأطباء، ويدفع ثمنه على حساب رغيف الخبز الذي يأكله، كما أن عددًا من الأطباء يقومون ببيع العينات الطبية التي تهدى لهم من مندوبي شركات الترويج الدوائي على الصيدليات، ولا يقف الأمر عند ذلك الحد، ففي بلد فقير يمكن أن أتفهم ذلك، ولكن المصيبة أنهم يسعون إلى وصفها للمريض بسرعة قبل غيرها من الأدوية واستلام ثمنها من الصيدلي الذي يجد نفسه بين فكين لا يستطيع الفكاك منهما.

والحديث يطول لنرى بعض الأطباء يستولون على فرص العمل المتاحة للصيادلة من قبل شركات الدواء، كأن يعمل طبيب مندوب ترويج للأدوية أو يعمل في صيدلية .. فماذا ترك للصيادلة إذن؟ هذه ظاهرة سيئة لأن الرجل المناسب ليس في المكان المناسب، فموقع الطبيب هو المستشفى والعيادة والمركز الصحي والمستوصف وكلية الطب، وموقع الصيدلي هو الصيدلة وشركات الدواء والهيئة العليا للأدوية وكلية الصيدلة، وقد يصيح بي أحد الأطباء أن أجورهم ضئيلة، إذن فليرفع أجر العيادة، لكن أن يأخذ نسبة من الصيدلية ونسبة من المختبر فذلك تعدّ على مهن زملائه، التي لا يكتمل عمله الإنساني إلا بها.

كما أن على وزارة الصحة أن ترفع من أجور الأطباء ، حتى لا يضطروا إلى ممارسة مهن الآخرين .. ومن يدري ربما سيؤدي ذلك إلى الاستيلاء على مهن الجزارين والخبازين والحلاقين..إلخ، إذا ترك هذا الأمر وهذه الظواهر بدون حلول.

الغريب في الأمر أن نقابة الصيادلة لم تحرك ساكناً لصد هؤلاء الدخلاء على مهنتهم السامية، وإذا كان بعض العلوم الطبية تدرس لطلاب الصيدلة، وبعض العلوم الصيدلانية تدرس للأطباء، فإن هناك اختلافاًً كبيراً في المناهج، فحين يدرّس التشريح والأمراض والتخصصات المختلفة للأطباء لا يدرس لهم في العلوم الصيدلانية سوى علم الدواء (فارماكولوجي)، ولا تدرس لهم الكيمياء الصيدلانية، وتحليل الدواء وتركيب الدواء، وعلم العقاقير والصيدلة الحيوية، وتكنولوجيا الصيدلة، والصيدلية الصناعية وعلم النبات ..إلخ من العلوم الصيدلانية. إننا يجب أن ندق أجراس التحذير منذ الآن حتى لا يختلط الحابل بالنابل، وحتى نعطي الخبز لخبازه، كما يقول المثل الشعبي، ويجب على كلٍّ احترام مهنته.

والله الموفق من وراء القصد

كلية الطب والعلوم الصحية - قسم الصيدلة

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى