اليوم العالمي لحماية المستهلك

> د. هدى عمر باسليم*

> إن قضية حماية المستهلك تزداد إلحاحاً يوماً بعد يوم، وذلك كنتيجة لزيادة الانفتاح على كل أنحاء العالم في استيراد الأغذية والأدوية، كما أن إنتاج الغذاء أو تخزينه في أماكن بعيدة عن المستهلك يعتبر من أهم التطورات الغذائية التي ظهرت في المجتمعات الحديثة. وحيث أن المستهلك في مثل هذه الظروف ليس لديه معلومات كافية عن كيفية تداول هذه الأغذية فلا يمكنه معرفة ما إذا كان تناول هذه الأغذية مأموناً أم لا، وبناء عليه فالمستهلك في حاجة للحماية من الأغذية غير المأمونة وغير السليمة.

والغذاء السليم يجب أن يكون خالياً من كافة أنواع الملوثات الكيميائية والبيئية، فالبيئة المحيطة بالغذاء تنتج أنواعاً عديدة من العناصر الملوثة التي قد تصل إلى الغذاء في مختلف مراحل تداوله، فعلى سبيل المثال، فقد تتغير الخصائص الطبيعية للكثير من أنواع الأغذية نتيجة للاستعمال غير المقنن للمبيدات الكيميائية والتسابق نحو استعمال الأسمدة الكيميائىة واستعمال المضافات الغذائية كالمواد الملونة ومواد الحفظ وغيرها.

كما قادت اتفاقيات التجارة الدولية إلى زيادة تنافس الدول على الأسواق، وإلى سهولة تبادل السلع بين كافة دول العالم، وتحول بذلك المستهلك من مستهلك محلي إلى مستهلك عالمي يحصل على السلع الغذائية من أسواق مفتوحة يختار منها ما يتناسب مع متطلباته واحتياجاته وقدراته الشرائية، وهنا تبرز الحاجة إلى وجود معايير محددة تضمن سلامة المستهلكين.

ففي 15 مارس عام 1962م أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي تصريحاً هاماً عن حقوق المستهلك لخصها في أربعة حقوق أساسية للمستهلك وهي:

- حق كل فرد العيش في أمان وسلامة.

- حقه في الحصول على المعلومة الصحيحة ومنها التعليم.

- حقه في أن يصغى إليه وتحترم آراؤه وأفكاره.

- حقه في الاختيار الطوعي للسلع والخدمات دون ضغوط أو عوامل تؤثر على هذا الاختيار.

وقد اكتسب هذا الإعلان اهتماماً كبيراً على مستوى الأفراد والدول واعتبر يوم 15 مارس يوماً عالمياً لحماية المستهلك ومضت سنوات على هذا الإعلان إلى أن اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة مبادئ وقواعد اشتملت على أربعة حقوق إضافية كوّنت في مجموعها حقوق المستهلك العامة، والتي شكلت قاعدة رئيسية لحماية المستهلك في جميع أنحاء العالم .. والحقوق الأربعة الأخرى هي:

- حق المستهلك في الحصول علي احتياجاته الرئيسية والتي تضمن له الحق الأدنى في حياة رغيدة، ومنها بالطبع الغذاء والدواء والمأوى المناسب والتعليم ومحاربة الجهل والفقر والجوع والمرض.

- حقه في الحصول على تعويض مناسب جراء ضرر أو خسارة لم يكن له ذنب فيه، ومنها التسوية والتعويض عن الأضرار الناجمة عن الغش والتدليس والإعلانات المضللة والسلع الفاسدة.

- حق المستهلك في الحصول على أفضل السلع والخدمات والتثقيف واكتساب المهارات والتأهيل لفهم ومعرفة حقوقه وعدم التردد في المطالبة بها وإدراكه لمسؤولياته كمستهلك له حقوق وعليه واجبات.

- وأخيراً الحق في العيش بمناخ صحي وبيئة نظيفة تخلو من المخاطر التي تسبب الأمراض الصحية، وبذلك لا بد من محاربة التكنولوجيا الخطرة التي تنفث سمومها في الأجواء مسببة الدمار ولو بعد حين بغية تحقيق الكسب المادي دون النظر إلى احترام الآخرين وحقوقهم.

وتقوم منظمة الأغذية والزراعة منذ عام 1945م في تحسين الدساتير المطبقة على الأغذية والمنتجات الزراعية، كما تقوم هيئة دستور الاغذية منذ 1960م، وتتعاون منذ عام 1962م مع منظمة الصحة العالمية لوضع معايير دولية لجودة الغذاء. وفي المؤتمر المشترك لمنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة التابعتين للأمم المتحدة في العام 1991م، الخاص بمعايير الغذاء وكيماويات الغذاء والتجارة، تمت التوصية بقوة بضرورة مشاركة المستهلك في صناعة القرار وتعزيز ممارسة المستهلكين لحقوقهم عبر الترويج لذلك من خلال وسائل الإعلام، وكذلك أهمية التزام الدول والمنتجين بالعمل بدساتير الأغذية ودلائل العمل والإرشادات العامة وبقية الوثائق الدولية التي تلعب دوراً مهماً في حماية المستهلك.

وفيما يتصل بالوضع الراهن لأجهزة الرقابة على الأغذية والأجهزة الداعمة لها في الدول العربية، ومنها اليمن، فتوضح الدراسات أن الدول العربية يزداد اهتمامها بحماية المستهلك، وتسعى لتطوير النظم والأجهزة المتصلة بذلك. وبصفة عامة فإن حماية المستهلك في الوطن العربي تواجه العديد من المشاكل المتصلة بالبنى الهيكلية والمؤسسية، فالقوانين الخاصة بالرقابة الغذائية في العديد من الدول العربية ما زالت بعيدة عن الطموحات، فهناك من القوانين في بعض الدول العربية ما لم يستوعب المتغيرات التي تجري على الساحة الدولية، ومنها في البعض الآخر من تلك الدول ما ينقصه التطبيق والمتابعة. هذا إلى جانب التباين في أجهزة الرقابة على الاغذية فيما بين الدول العربية، فهناك الأجهزة المتقدمة وهناك ما هو دون المستوى المطلوب، وهذا يتطلب زيادة الاهتمام بالرقابة على الأغذية والتوعية وكل ما يخص حماية المستهلك.

قسم طب المجتمع والصحة العامة، كلية الطب والعلوم الصحية- المسؤولة الصحية في جمعية حماية المستهلك بعدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى