الأم ذلك المخلوق الجميل

> محمد علي محسن

>
محمد علي محسن
محمد علي محسن
كان والدي، رحمة الله عليه، قبل أن يتوفاه الخالق في مثل هذا الشهر من العام قبل الفائت، يقول لنا دوماً نحن أولاده الصغار (من عاد أمه لا تهمه) وحتى عندما بلغنا أشدنا وذهب كل واحد منا في سبيل بحثاً عن فرصة للتعلم أو الرزق أو الزواج والاستقرار والسكينة، كان يكرر هذه المقولة والحكمة التي توازي وتماثل في عمقها ودلالتها عظات ووصايا لقمان الحكيم لابنه، فكلما اشتدت نوائب الدهر أو خفت مشكلاته المادية والعاطفية والاجتماعية يجد الإنسان حنان الأم وعطفها يحلقان حوله وفي كل الأوقات العصيبة، يتدخلان لإنقاذه واحتضانه، لا لشيء، ولكن لفطرة أودعها الخالق عند هذا المخلوق الجميل (الأم) والملائكي في كل شيء .. بقلبه وإيمانه وعاطفته ودمعه ورقته.

مازلت أستذكر تلك المقولة المأثورة حتى بعد رحيل أبي، أستعذب فيها قيمتها ورمزيتها وكلماتها كلما رأيت مشهداً مماثلاً يتكرر مع أم أولادي أو في المواقف الإنسانية المعيشة والمختلفة مع أمهات أخريات يجترحن المآثر في كل لحظة دونما مقابل مادي أو معنوي، بل هي فطرة الأم في احتضان ورعاية الأبناء إلى أن يبلغوا الفتوة والاعتماد على الذات، وليتها تتوقف في هذه الأثناء مثل بقية الكائنات الأخرى بل تظل في اهتمامها واشتياقها لأبنائها طوال الحياة ولسان حالها يرددد (عين الوالد بالولد وعين الولد بغيره) .

21 مارس.. أول يوم تتفتح فيه براعم أزهار الربيع وتتفتح قرائح أصوات العصافير لتغني لأجمل أيام السنة للأرض وللإنسان وللحياة بعد انقضاء فصلي الخريف والشتاء الكئيبين، فلتكن المناسبة أعظم عيد نحتفي به استشعاراً بمقام المحتفى به (الأم).. فلا تكفي أيام السنة كلها لأن ينثرها الواحد منا لأمه، امتثالا لـ (الجنة تحت أقدام الأمهات) ولمستوجبات دينية وأخلاقية وأدبية، ولا يكفي القول (الأم مدرسة إذا أعددتها - أعددت شعباً طيب الأعراق) لأمير الشعراء أحمد شوقي، بل لا بد أن نجعلها مناسبة سنوية للتذكير بهذه الحواء المخلوقة من دم ولحم وعظم أبي البشرية آدم $ ومع ذلك كرمها الله أيما مكرمة، ومنحها أيما منزلة ومكانة ونساها الرجل، إنه كان ظلوماً جهولاً.

قالها أبي ورحل، ولعله بهكذا فعل يؤكد لنا نحن الأبناء، من بعده عظمة الامومة التي حرم منها في طفولته وذاق فيها مرارة الحرمان من العطف والحنان، فإليك أيتها الأم الغالية والعظيمة أصدق مشاعر الحب والوفاء في عيدك المجيد، ولك أيتها الأم أينما وجدت على ظهر البسيطة أجمل الورد والأزدهار مرسلة لك مع نسيم فجرك العليل أوشروق شمس وأصيل، ولك أيتها الأم قبلات الأطفال منثورة على الرأس والخد والجبين، ولك ابتسامات وأمنيات العالم الذي لا يبتغي منك أيتها الأم غير الصفح الجميل والرضا والسماحة، فالعالم اليوم أشبه بناسك هندوسي ينحني مرات في اليوم عند أقدام أمه، والعالم اليوم يغسل قلبه مرة واحدة في العالم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى