المكلا امتحان التشريف والتكليف

> «الأيام»علوي بن سميط :

>
آليات تقرض الجبل
آليات تقرض الجبل
تتناقل الأنباء وتتحدث الأفواه ما يعتمل في المكلا ويثير ذلك انطباعات جميلة ولكن من بعد فما تسمعه الأذن غير ما تراه العين فيشدك الوصف عن الخيصة «الاسم القديم أو ما عرفت به المكلا من أسماء وألقاب».

اتجهت إليها تلك المدينة الفاتنة بعد أن غبت عنها قرابة عام منذ زيارتي الأخيرة وساعة وصولي شاهدت الكل منكفئا على عمله هذا على آلية ترفعه للأعلى وذاك على أخرى جنزيرها يدك الأرض لتسويتها وهدير وصخب ومعاول ترسم نقوشا وتزين جبالا سوف تبتسم قريبا للقادم.

حجم الأعمال الإنشائىة الجاري تنفيذها بعاصمة محافظة حضرموت- المكلا كبيرة جدا تفرز سؤالا طبيعيا أو بالأصح استفسارا هل ستنتهي تلك الأعمال في الوقت المقرر والمحدد؟ فتأتيك الإجابة ربما معظم الأعمال، أو أهمها، ويذهب المتفائلون للقول بأن ما هو مرسوم سوف ينجز لما يظهر من تصميم وتحد عند الكل ووفاء بثقة فخامة الرئىس للمحافظة حضرموت ومحافظها وسكانها بمختلف انتماءاتهم وألوانهم السياسية وشرائحهم المجتمعية .. المشاريع كثيرة والجاري منها ليس كما يراه البعض في إطار أعمال التزيين والتحسين والتجميل لاستقبال حدث وطني فلربما جزء منه كذلك في زاوية من هذا الإطار إلا أن معظمه يرتبط مباشرة بالنمو واستجابة لمتطلبات واحتياجات السكان وقدر آخر منه يشكل ملحما من ملامح تطور اليمن عموما. ويمكن وصف المشهد العام المعتمل حاليا في المكلا:

أولا .. إعادة تأهيل لعدد كبير من الطرقات والخدمات العامة كشبكة المياه والكهرباء وفتح طرقات جديدة وتوسعة طرقات أخرى وذلك يعني اتساعا في البنية التحتية للمحافظة عموما وليس المكلا لاستيعاب المراحل القادمة لمزيد من الاستثمارات الخارجية خاصة إذا علمنا أن الأعمال التوسعية في المطار والميناء والوحدات السكنية وحماية البيئة وإزالة المظاهر العشوائية، لذلك فإن كل هذا العمل يهيئ أرضية مناسبة لاستثمارات إضافية قادمة في المستقبل القريب.

وثانيا: فإن الفائدة المنظورة من هذه الأعمال إذا حسبناها كعائد فإن ما يجري يحتاج إلى أياد عاملة (مياومة) خلال مدة التنفيذ ولعشرات الآلاف وهو ما حصل إذ ساعد على امتصاص البطالة في اليمن ككل وإن كان لوقت أو مدة زمنية تنتهي بانتهاء الإنجاز. وثالثا: فإن هذه الأعمال أوجدت حراكا وأزالت ركودا وكسادا حل ببعض المقاولين ومؤسساتهم إذ استعاد الكثير وبقدراتهم المتواضعة تشغيل قدراتهم واكتسبت الهيئات التجارية في قطاع المقاولات تجارب جديدة باعتبار ما يجري متعددا ومتنوع الأعمال وكل هذا أوجد فرصا للمقاولين والعمال على حد سواء.

دهان وتجديد فيلات من الكورنيش لتكون نزلا للضيوف
دهان وتجديد فيلات من الكورنيش لتكون نزلا للضيوف
رابعا: فإن حجم الأعمال إذا ما قورنت بما حصل خلال خمسة عشر عاما مضت باحتساب كلفتها فإنها اليوم تشكل أضعافا وإذا احتسبناها كمشاريع فإنها تزيد أضعافا مضاعفة على إجمال مشاريع الخطة الخمسية الحكومية التي بدأت من 2001م وتنتهي العام الجاري.

ولعل هذه الأعمال ما كانت لتجري لوقت قياسي ولأشهر معدودة لولا إعلان فخامة الرئيس قراره السياسي بأن تحتفي اليمن بذكرى الوحدة في حضرموت.

وخامسا: فإن التكريم بمثل هذه المشاريع نتاج لقدرات السلطة المحلية بالمحافظة التي منحها فخامة الرئيس الثقة لتنفيذها كافة توجيهاته وبحس وحرص وطني.

وقياسا بما يعتمل فإنه (امتحان) بكل ما تعنيه الكلمة لابد وأن تجتازه هيئات وجهات حكومية وشعبية وعندما أقول امتحان فإن البناء كبير وكبير والوقت محدود والحاجة ضرورية لذا ومع كل هذا (الصعب) فإن مؤشرات النجاح في هذا الامتحان أو المهمة والتكليف تبدو مؤكدة إذا نظرنا للأعمال والمعطيات على الواقع مع استنثاء ما قد يطرأ من ظروف لا إرادية فنية أثناء التنفيذ كعوائق طبيعية ما عدا ذلك فإن المؤشرات وحيث ما اتجهت إلى حي من أحياء المكلا ستظهر لك كفاءة أولئك الراغبين بتحقيق نتيجة أكثر تشريفا تتجاوز المطلوب تؤكده همة العمال الذين تختلط حبات عرق أجسادهم بكميات الرمل والأسمنت على امتداد فوه حتى أقصى غرب المكلا وفي خلف ومن آخر نقطة في الديس باتجاه الريان شرقا وفي الشوارع الخلفية بالشرج والمكلا وكذا الآليات الثقيلة العاملة على مدار الساعة تقرض الجبال لإيجاد فسحة واسعة لفتح طريق جديدة أو توسعة أخرى وآليات تفرش سجاجيد من الأسفلت تزيد طرقات المكلا نعومة ضافية وأياد تغرس شتلات النخيل وأشجار الزينة.

ولأن الكل في الميدان والعدد الهائل من الآليات التي تقهر الصخور الصماء فلن تميز العامل من المقاول والمسؤول فالكل فريق واحد فسوف تشاهد المسؤول الأول في حضرموت. الأخ المحافظ عبدالقادر علي هلال واقفا تحت أشعة الشمس بين ضجيج محركات الآليات الضخمة غير عابئ بما يتصاعد من غبار وأدخنة أو يتطاير من حصى صغيرة جراء الأعمال لأنه تعوّد أن يكون ميدانيا يتفقد بنفسه ما يجري ويعالج على الواقع ويطلع على كل شاردة وواردة ويتوزع فريقه من المسؤولين الآخرين للإشراف على أعمال مماثلة وهنا يثبت المحافظ هلال مستوى المسؤولية إذ تعني عنده تكليفا لا تشريفا.

تتناغم الأعمال وتتمدد وصولا إلى الإنجاز المطلوب لأن المواطن في المكلا أثبت حسن التعامل وجسد مستوى مسؤولا من التعاون مع ما يعتمل مما أثار ارتياح السلطة وأشاد بمستوى التعاون الأخ المحافظ وباعتقادي أن سكان المحافظة عموما التقطوا تشريف الرئيس لعاصمتهم المكلا وعبروا عنها بطرق عديدة: حب العمل وحب الوطن وتعاون وتعامل، لأن المواطن رأى المصداقية فتلك طريق جديدة تعبد، مناظر جميلة ومشاهد رائعة تتشكل، أرصفة لعبور المشاة، مساحات خضراء تمتع ناظريه، يشاهد مدينته تنمو .. هكذا تكبر المكلا لتكبر الكبيرة حضرموت ويكبر اليمن عموما .. أراد الرئىس تكريم حضرموت وهي تستحق بالطبع لذلك فهي تطرز ثوبا قشيبا وتعيد إنتاجا حضاريا يسمو ويتمدد في فضاءات الوطن الكبير.

الأعمال التمهيدية لسفلتة شوارع خلفية بالديس
الأعمال التمهيدية لسفلتة شوارع خلفية بالديس
إذ كما ذكر وأعلن مرات عديدة فخامة الرئىس علي عبدالله صالح في زيارته المتكررة بأن المحافظة حضرموت والمكلا يرى فيها كل يوم شيئا جديدا وأنها ورشة عمل وبحنكته ودرايته وصواب نظرته أضاف إعلانا جديدا شرف وكرم به حضرموت عرفانا بما لمسه وشاهده فيها بأن تكون حاضنة الذكرى الخامسة عشرة لتحقيق وحدة البلاد اليمنية ومسرحا للفعاليات الفرائحية ومنطلقا لابتسامة تتوزع على المحافظات اليمنية.

في مايو تجتمع اليمن في حضرموت ويصل الأشقاء والأصدقاء لمشاركة اليمن في الاحتفالات من بوابة واسعة من باب يشرف على المحيط يدلف الكل منه إلى حضن المكلا حيث عمق اليمن .. المكلا .. تزف فيها كل عروس يمنية.

المكلا ذراعاها شطآن بحر العرب تجدف بها للوصول إلى مصاف مدن البلدان المتقدمة، وحضرموت سفينة الإبحار الوطني نحو مرافئ الأمان والاستقرار ومن هنا جاء الاختيار باعتقادي لأن تكون محطة اللقاء والالتقاء والاحتفاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى