قراءة في كتاب (من الغناء اليمني.. قراءة موسيقية)

> «الأيام»محمد حمود أحمد :

>
لقد ظلت مكتبتنا الموسيقية ولأمد طويل تفتقر لمثل هذه القراءات لموروثنا الغنائي الحافل بمختلف الألوان اليمنية، من صنعاني ولحجي وحضرمي ويافعي وأبيني وعدني...إلخ، وهي ألوان غنية بمقاماتها و تنوع إيقاعاتها.

ولقد رحل أستاذنا الدكتور غانم وهو يرجو ذلك، وعلى الرغم من الإصدارات الفنية القليلة التي صدرت خلال نصف قرن مضى، وتناولت جوانب من حياتنا الفنية وتاريخ الأغنية وحياة بعض الرواد الكبار في الفن اليمني، إلا أنها جميعها لم تقترب إلا ملامسة للجوانب الموسيقية، ولم تتناولها بالبحث والدراسة المعمقة. ومكتبتنا اليمنية بحاجة ماسة إلى مثل هذه الدراسات التي تسد فراغاً فيها وتضيء للأجيال دروب البحث والفهم العميق لتراثنا الفني.

من هذه الزاوية يكتسب كتاب الباحث الموسيقي الأستاذ عبدالقادر قائد أهميته الكبيرة في مجاله وهو محاضر في مادة النظريات الموسيقية العامة في معهد جميل غانم للفنون الجميلة.

وتضاف إلى أهميته تلك أنه لم ينحصر أو يقف عند لون محدد بعينه من ألوان الغناء، بل تنقل في قراءاته بين عدة ألوان، وأشبعها دراسة مما كلفه ذلك جهداً شاقاً كي يقدم مادة غنية تشبع نهم المهتمين في مختلف مناطق اليمن، وتسهل أو تيسر فهم الألحان للدارسين الموسيقيين والعازفين على الآلات الموسيقية، بالنوتة وعلى أسس علمية.

إننا ندرك أن هناك عدداً من الدراسات والأبحاث في مجال الموسيقي، وأن عدداً من المهتمين قد نشروا عدداً من الموضوعات في المجلات والصحف اليمنية والعربية تتناول خصائص الموسيقى اليمنية ومقاماتها، وخصائص هذا اللون أو ذاك من ألوان الغناء اليمني، ولكن كتاب الباحث عبدالقادر قائد يعد - كما أشار إلى ذلك مؤسس معهد الفنون اليمني جميل عثمان غانم - «أول محاولة من نوعها لتدوين تراثنا الفني بالترقيم الموسيقي «النوتة» ولقد بذل في ذلك جهداً كبيراً في جمع نماذج من تراثنا متضمنة النصوص اللغوية والموسيقية».

ويؤكد الأستاذ جميل غانم ذلك بالقول: «إن اهتمامه وقيامه بجمع التراث وتدوينه عملية ليست هينة، ذلك لأنه لم يسبق أن قام غيره بتدوين تراثنا».

والكتاب قد استغرق فيه المؤلف وقتاً طويلاً من البحث والدراسة والإعداد ووقتاًً أطول في متابعة طباعته التي تعثرت في دمشق واليمن إلى أن صدر بمناسبة عام الثقافة 2004م. وقد صدر بطبعة أنيقة في (380) صفحة من الورق المصقول. وتضمن الكتاب أربعة أبواب على النحو التالي:

الباب الأول: الموشح الغنائي اليمني المعروف بالأغنية الصنعانية.

الباب الثاني: من الغناء الحضرمي.

الباب الثالث : الغناء في لحج.

الباب الرابع: من الغناء اليافعي. وهناك ثبت بمراجع ومصادر الكتاب المقروءة، وسِيَر موجزة للشخصيات الفنية و الأدبية.

ويقدم المؤلف لكتابه بتوطئة «ضافية» جاء فيها: «كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن أهمية البحث عن تراثنا الفني نغماً وإيقاعاً بألوانه المختلفة وجمعه وتحليله، والعمل على توثيقه بالنوتة الموسيقية، وحرصاً مني كدارس نال قسطاً من التعليم الموسيقي المبني على أسس علمية رأيت أن من واجبي الخوض في هذا المجال بشكل جاد ومكثف والبدء بجمع الكثير من أغانينا اليمنية بأصوات كثير من أساطين الطرب في بلادنا، والاعتماد على الأصالة في تنفيذ هذه المهمة الصعبة والشاقة وهي في حد ذاتها مسؤولية كبيرة تقتضي توخي الحرص والدقة في ترجمة الألحان الغنائية بإيقاعاتها المختلفة بالنوتة الموسيقية وتوصيلها إلى يد القارئ بكل أمانة».

ولقد توخى المؤلف والموسيقي عبدالقادر قائد خدمة الحركة الفنية والتوثيق لها، ولعله بذلك قد وضع لبنة تؤسس لهذا الاتجاه في الاهتمام بالتوثيق الغنائي والموسيقي على صعيد اليمن ككل، وبمختلف ألوان الغناء بعامة، ولفت أنظار الباحثين والدارسين إلى أهمية الاهتمام بالموروث الغنائي والدراسات الموسيقية والتراثية.

وكما كان يتوخى أستاذنا الجليل الدكتور محمد عبده غانم قبل أكثر من ربع قرن، نجد في هذا الكتاب واحدة من تلك الخطوات والمبادرات التي تؤسس للدراسات والقراءات الموسيقية الجادة لتراثنا الفني الغنائي اليمني.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى