يسألونك عن الفساد في اليمن قل : هنالك أرضه رحبة وتربته خصبة

> نجيب محمد يابلي

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
انعقد اللقاء السنوي الـ 14 لقيادات الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في الرئاسة والفروع يوم الاثنين الموافق 28 مارس 2005م، أي أن بداية هذه التجربة تمت بعد عام واحد من قيام دولة الوحدة التي رافقتها أبرز الطفيليات القاتلة، ألا وهي الفساد وهي ظاهرة سلبية تعكس ضعف سلطة الرقابة والمحاسبة وضعف سلطة القانون وتدني الشفافية في عموم المؤسسات.

الفساد ظاهرة غير أخلاقية تناولها القرآن المجيد في مواضع وتعريفات شتى في سياق سوره الكريمة وكنت أحبذ لو تم رصد كل ما ورد في القرآن عن الفساد بشتى تعريفاته في كتيب واحد يوزع على كل المشاركين في ذلك اللقاء لتبيان نتانة الفساد ونتانة الضالعين فيه. تمنيت لو أن المشاركين وقفوا أمام الآية (205) من سورة البقرة، حيث ورد في نص صريح :{الله لا يحب الفساد} وأمام الآية (116) من سورة هود وما فيها من إشارة إلى حكماء نهوا عن الفساد في الأرض، والآية (77) من سورة القصص وما فيها من التعاليم النورانية {وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين}، والآية (41) من سورة الروم وهي تعري واقعنا اليمني الملوث، حيث ورد نصا {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس}.

انظروا أيها السادة إلى التعديات على حقوق الناس في الأراضي والممتلكات العامة للدولة، انظروا إلى العبث الجاري في بحارنا، الذي تمارسه شركات الصيد الأجنبية وسماسرتها من المتنفذين اليمنيين مباشرة أو غير مباشرة عبر أولادهم أو بطاناتهم، والإشارات كثيرة في القرآن، لكن الذين يتعظون قليلون وهم الضعفاء.

الفساد سلوك غير سوي، وغير شرعي وغير قانوني يحقق الفاسد من ورائه منافع ومكاسب خاصة تندرج في خانة «الحرام»، ويستمد الفاسد عدم شرعية سلوكياته من غياب الدولة وغياب سلطة القانون، وإذا كان الناس سواسية أمام القوانين فالدولة بخير وأفراد المجتمع بخير لأنهم مرتبطون بعقد اجتماعي مع الدولة وتتحدد في ذلك العقد حقوق وواجبات تنساب بسلاسة، وإذا مسها تخثر أو تجلط تصبح الدولة عندئذ «دولة رخوة».

الفساد يفقد الدولة هيبتها والشواهد كثيرة على ذلك ومنها أن أحكام القصاص تنفذ في بعض ولا تنفذ في بعض آخر والمال العام المنقول منه وغير المنقول أصبح مستباحا ولو بقرار رسمي، والمال الخاص إذا استعاده أصحابه بقرار من القضاء يقف الفساد عقبة كأداء في طريق تنفيذه ويلجأ صاحب الحق لأقوياء يساومونه في حقه، ومن الشواهد أيضا أن مسؤولا يصدر أمرا يفقد صلاحيته عند عتبة باب مكتبه، لأن الفساد ميع ذلك الأمر، ومن شواهد الفساد «الكلمنجية» التي مقتها الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه عندما قال عز من قائل {كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}.

نعم أيها السادة إن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة «يضم أكبر مخزون محاسبي في البلاد ويمثل صفوة موظفي الدولة»، لكن ما قيمة ذلك الجهاز إن لم يتوصل إلى النتيجة المنطقية للرقابة والمحاسبة لأن تقاريره توضع في الأدراج أو تذروها الرياح، الجهاز المركزي انتزعت منه مخالبه، أو بالمختصر المفيد إنه يرصد ولا يبطش وسيعقد لقاءاته السنوية الـ 24 والـ 34 والـ 44 وسيخرج منها بأرتال من القرارات وأطنان من الورق التي ستنام إلى ما شاء الله في مخازن الجهاز. ضعوا أصابعكم على مواقع الجروح وداووها يرحمني ويرحمكم الله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى