لماذا لا يجد قانون ضريبة المبيعات رقم (19) لعام 2001م ومشروع تعديلاته القبول والقناعة بجدواهما الاقتصادية؟

> «الأيام» خاص :

> تقسيم القطاع الخاص إلى مسجلين وغير مسجلين، مشمولين بالقانون (19) لعام 2001م وغير مشمولين، سيؤدي إلى شرذمة القطاع الخاص، وبالتالي ضعفه. وضعف القطاع الخاص ليس في صالح الاقتصاد الوطن.- إن عدم تضمين قانون ضريبة المبيعات وتعديلاته عوامل تشجيع للمصانع الوطنية سوف يؤدي إلى ازدياد ظاهرة انهيار المصانع المحلية، حيث توقف عن العمل ما يقارب أربعين مصنعا خلال السنوات القليلة الماضية، كما أن عشرا ت المصانع تعمل الآن بطاقة جزئية.

7- تنص المادة (12) من القانون المعني على أن على التاجر (المسجل) أن يقدم للضرائب فواتير من أصل وصورة، وكذلك الاحتفاظ بالسجلات والفواتير لمدة ثلاث سنوات قادمة بعد الســـنة التي تم فيها تحصيل الضريبة من التاجر أوالمصنع. وهذا عبء آخر على التاجر أوالمصنع يضاف إلى جانب أن تكون كامل عمليات البيع مقيدة في سجلات ودفاتر ونظام فوترة (آلي يدوي) وهوما لا يتم غالبا الآن بسبب محاولة كثير من التجار تقليل النفقات والمصروفات الإدارية. وفي حالة تطبيق القانون سيضطر التاجر إلى تحمل جزء من هذه المصروفات الجديدة على حساب أرباحه.

8- توجد محاولات واضحة إعلاميا لتحجيم مجال فعل القانون المعني لأسباب مجهولة (ربما لزرع الفرقة) إذ يصرح مسئولومصلحة الضرائب بأن القانون سيشمل عمله 1500 فقط من مجموع مكلفي الضرائب البالغ عددهم نحو132 ألف تاجر، مخالف للحقيقة فإجمالي المكلفين في (صنعاء) العاصمة هوالرقم المذكور: 1500 تاجر مسجل. وقد يبلغ عدد المسجلين بموجب قانون ضريبة المبيعات 5000 تاجر في عموم محافظات الجمهورية إذا ما جرى تطبيق القانون الآن. وقد يتضاعف الرقم خلال عام واحد من بدء التطبيق. وهناك فئة أخرى يشملها القانون وهي فئة المستوردين، وذلك بموجب نص المادة السادسة من القانون، الفقرة أ، البند 3: «تستحق وتؤدي الضريبة على السلع والخدمات المستوردة الخاضعة للضريبة طبقاً لأحكام القانون وبصرف النظر عما إذا كان الشخص المستورد للسلعة أوالخدمة مسجلاً أم غير مسجل مهما بلغ حجم وقيمة مستورداته»، وبذلك سيشمل القانون الأعداد التالية في أقل التقديرات: المسجلين في صنعاء العاصمة = 1500 تاجر، المسجلين في بقية المحافظات = 3500 تاجر، المستوردين = 10000 تاجر. أي أنه سيطبق على حوالي خمسة عشر ألف تاجر هم كبار تجار اليمن وأهم شرايين سوقه الداخلية والخارجية.

9- مشروع التعديلات خفض حد التسجيل في المادة السادسة من القانون من 90 مليون ريال إلى 50 مليون ريال، وفرض ضريبة المبيعات على المستورد حتى وإن كان ليس مسجلا. وما يهم التاجر هنا هوأثر هذا التقسيم على عمله حيث سينعكس التقسيم الضرائبي على الأسعار بأن يوجد في حالات سعران في السوق للبضاعة الواحدة: سعر البضاعة التي يبيعها المسجل الذي يدفع ضريبة المبيعات، وسعر نفس البضاعة لدى التاجر غير المسجل الذي لا يدفع ضريبة المبيعات، مما سيدفع الأول إلى تخفيض قيمة بضاعته.

10- يتجاهل قانون ضريبة المبيعات ما يلحق بالتاجر أوالمصنع من خسائر واقعية في أي عملية متاجرة، مثل: التالف من البضائع التي تنتهي مدة صلاحيتها أوتتعرض للعطب أثناء النقل والتخزين، أوفواقد التصنيع والنفايات الصناعية.. وكذلك في حالات أخرى مثل البيع بالتسديد الآجل للقيمة من قبل الزبون، وهي عمليات واسعة في تجارة الجملة وفي البيع للموظفين، وما شابه.

11- يضعف قانون ضريبة المبيعات عمليات تصدير الصناعات الوطنية بفرضه ضريبة على مدخلات السلع المصنعة تتم إعادتها للمصنع عند تصدير السلعة المنتجة في مدة ثلاثة أشهر. فإلى جانب أن فرض ضريبة على مدخلات السلع الصناعية وموادها الخام يزيد من تكاليف السلعة المصنعة يمنيا التي يتم تصديرها نتيجة تجميد مبالغ مالية لدى مصلحة الضرائب، فإن المبالغ المذكورة لا تعاد إلى المصنع الذي صدر البضاعة في المدة التي نص عليها القانون (شهر من تاريخ الطلب) بل بعد مدة طويلة تصل أحيانا إلى ثلاث سنوات وأكثر (أي أكثر من عشرة أضعاف المدة القانونية) وفي أحيان أخرى لا تعاد أبدا كما حدث لمصنع أقمشة توقف عن العمل نتيجة لهذا السبب/المعاملة.

12- سيحد قانون ضريبة المبيعات من مساهمة القطاع الخاص اليمني والتجار اليمنيين المهاجرين في الاستثمار لأسباب عدة، أهمها أن القانون في المادة (19) لا ينص على إعفاء السلع والآلات الرأسمالية والاستثمارية من ضريبة المبيعات.

13- سيؤثر قانون ضريبة المبيعات على أرباح الجملة والتجزئة التي هي متدنية الآن، حيث أعرب التجار في أمانة العاصمة في لقاء موسع نظمته اللجنة مع اثنين من مسئولي مصلحة الضرائب بتاريخ 9 / 3 / 2005م بأنهم لا يستطيعون تحمل أدنى أعباء جديدة، ذلك أنهم لا يكافحون من أجل الربح وإنما من أجل توفير متطلبات معيشتهم وأسرهم نتيجة لتدني أرباح بيع الجملة وأرباح بيع التجزئة.


4 - بيئة عمل القانون:
أ - تخلف الظروف الاقتصادية

1- تبين منذ طرح القانون لأول مرة أنه قانون متطور يفوق مستوى الحالة الاقتصادية في اليمن، حيث أن مجلس النواب في دورته بداية عام 2000م قد أقر عدم نضوج الظروف الاقتصادية لتطبيق قانون ضريبة المبيعات، وصوت في تلك الدورة - بناء على ورقة تقدم بها أغلبية أعضائه إلى هيئة رئاسة المجلس - وأتخذ القرار على أساسها بالإجماع على تأجيل مناقشة مشروع قانون ضريبة المبيعات إلى عام 2007م.. ولكن القانون المعني أعيد إلى المجلس مرة أخرى في العام التالي (2001م) للمناقشة.

2- يوجد إجماع للآراء لدى أغلبية مطلقة على عدم إمكانية نجاح وفعالية تطبيق القانون رقم (19) لعام 2001م ومشروع تعديلاته إلا بمحاربة ثلاث ظواهر سلبية يعاني منها اقتصادنا الوطني، هي: التهريب الجمركي والضريبي، الفساد، التهرب الجمركي والضريبي. والحد من تلك الظواهر إلى درجة مقبولة يجعل تطبيق قانون ضريبة المبيعات ذا فائدة وجدوى اقتصادية.

3- حققت نجاحات ومنجزات كبيرة في العقد الأخير، ولكن الركود الاقتصادي في مجال الأسواق اليمنية أصبح مؤثرا منذ خمسة أعوام، لذا نجد أن ظاهرة الإفلاس في اليمن متوسعة لدى التجار وخاصة في المستويات الصغيرة. كما أن ظاهرة الانتقال إلى بلدان أخرى موجودة في المستويات المتوسطة، فمثلا انتقلت في الخمس السنوات الأخيرة للعمل في «دبي » حوالي ألفي شركة تجارية يمنية كانت مسجلة في الجمهورية اليمنية.

4- إن إقرار القانون في مجلس النواب لم يأت جزافا، بل جاء بناء على مبادئ وأسس حددت أثناء إقراره في المجلس، وهي ثلاثة: أن لا يضيف تطبيق القانون أعباء جديدة، أن يكون سبيلا لما هوقائم، أن يطبق بالتدريج. وهذه الأسس ليست ممكنة المنال الآن. فالواقع كما هوتقريبا منذ ثلاثة أعوام، ولهذا وافق المجلس على عملية التأجيل لتطبيق القانون المذكور أربع مرات متتالية، وصادق فخامة رئيس الجمهورية - حفظه الله - على التأجيل لأن الأسس الثلاثة المذكورة لم تتوفر بعد، وهي غير متوفرة الآن.

5- إن قانون ضريبة المبيعات في اليمن يحتاج إلى تطوير وتحسين دقيقين، ففي التطبيق في الدول العربية التي تطبقه الآن: مصر والأردن ولبنان والمغرب والسودان، يعاني القانون من التعديلات المستمرة (عدل أربع مرات في الأردن) ومن المشاكل المستمرة والحادة بين الجهات الضريبية والقطاع الخاص (مصر والمغرب). وجميع هذه الدول أكثر تنظيما من اليمن من الناحية الضريبية والمالية. كما أنه لا يمكن المقارنة بينها وبين اليمن من حيث حجم التهريب والتهرب الضريبي والجمركي. فقد بلغت نسبة ما يدخل إلى أسواق اليمن عبر التهريب ما بين: 130 - 132 % خلال الفترة 1999 - 2002م. مقارنة بما يدخل عبر المنافذ الجمركية الرسمية.

6- إن اليمن لديها أعلى مستويات ضرائبية في المنطقة، وستظل كذلك بسبب كثرة أنواع الضرائب المفروضة، إضافة إلى رسوم ضريبية عدة متنوعة الوظائف، منها رسوم: دعاية وإعلان، النظافة وتحسين المدن، التطوير وتطوير السلطات المحلية، الكهرباء، المياه، ثقافة، شباب. وغيرها.

7- سيحول فرض ضريبة المبيعات دون استمرار التعاون الجيد مع دول مجلس التعاون الخليجي تجاريا وصناعيا، لأن دول الخليج توجد فيها قائمة كبيرة من السلع المعفاة وضريبة موحدة 5 % مما سيضعف التبادل التجاري الرسمي بينها وبين اليمن وينعش تجارة تهريب السلع منها وإليها. وزيادة المستوردات اليمنية من الصناعات الخليجية، والعكس بالنسبة للصناعات والمنتجات اليمنية.


ب - الظروف الإدارية والمجمع الضريبي
1- إن قانون ضريبة المبيعات يطبق بفعالية فقط في الدول المتقدمة، التي تتمتع بإدارة إلكترونية للعمليات التجارية وكوادر ضريبية مؤهلة تأهيلا عاليا للقيام بعملها، والحد الأدنى من هذين العاملين يتطلب برنامجا سريعا للتأهيل والتطوير في المجمع الضريبي الحكومي لن يقل زمنه عن ثلاثة أعوام. ما لم فستسود مزاجية المحصل الضريبي والمساومات بينه وبين التاجر والفوضى الضرائبية.

2- يستلزم تطبيق قانون ضريبة المبيعات القيام مسبقا بإحداث تحول نوعي في المجمع الضريبي، لأن المجمع الضريبي الحالي غير مهيأ للقيام بوظائفه عند تطبيق القانون، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار مستوى عمل المجمع الضريبي في مهامه الحالية، ومن المؤشرات على ذلك أن قدرات التحصيل الضريبي وصلت أثناء الفترة 1991- 1998م إلى نسبة معدل سنوي ما بين: 50 - 67% من إجمالي الطاقة الضريبية الممكنة، وتعدت الـ 60 % في ستة أعوام من الأعوام الثمانية. وقد تدنت القدرة على التحصيل خلال الثلاثة الأعوام 1999- 2001م إلى ما نسبته السنوية بين: 43 - 51 % من الطاقة الضريبية الممكنة. وهذا ليس رأي القطاع الخاص وحده بل الرأي الغالب حول جدوى القانون حتى لدى الهيئات الدولية المطلعة على واقعنا الاقتصادي، فقد أوضح البنك الدولي أن الآلية الإدارية القائمة في اليمن ليست كفؤة لتنفيذ هذا القانون المتطور.

3- إن تجاوز النصوص القانونية والعمليات الإجرائية للواقع الموضوعي في الاقتصاد اليمني فيما يخص قانون ضريبة المبيعات قد يؤدي إلى فشل تنفيذ القانون. وفي هذه الحالة لن تعترف الجهات الضريبية بالفشل بل ستسعى إلى الضغط على التجار والصناعيين مما يولد حالة صراع مستمرة، أوستسعى إلى المهادنة مع هؤلاء بسبب الضعف مما يقلل العائدات الضريبية للدولة.

4- السؤال الذي يطرحه كثيرون عندما يسمعون قيادة المجمع الضريبي تصرح باستعدادها لتنفيذ القانون الجديد هو: الهيئات الضريبية لم تستطع خلال 13 عاما تنفيذ قانون ضريبة الاستهلاك والإنتاج والدخل بصورة جيدة، فكيف ستنفذ قانونا متقدما ومتطورا مثل قانون ضريبة المبيعات يعتمد على الدقة في عمليات البيع وعمليات التحصيل الضريبي؟

5- سوف تحتاج مصلحة الضرائب إلى جيش كبير من الموظفين لتنفيذ القانون، وهذا فيه عبء كبير على الدولة.

6- أجهزة الجمارك وأجهزة مكافحة التهريب ليست مهيأة الآن لوقف عمليات تهريب وتهرب جمركي قائمة الآن أو أكبر مما هي عليه، وتعتبر أجهزة مكافحة التهريب غير فاعلة الآن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى